تشهد أوروبا تسارعا كبيرا في انتشار وباء كورونا فيروس أكثر من باقي مناطق العالم، وتجاوزت القارة العجوز الصين الشعبية من حيث عدد الوفيات المسجلة، بعد أن كانت هذه الأخيرة هي الأولى عالميا من حيث العدد منذ شهرين تقريبا. وتدفع إيطاليا الثمن الأكبر مع اقتراب حصيلة الوفيات بها من خمسة آلاف شخص، بينما يبدو أن الوباء لم يبلغ ذروته بعد، أما في فرنسا فقد أودى وباء كورونا المستجد بحياة 112 مصابين خلال 24 ساعة فقط، مما يرفع الحصيلة الإجمالية في البلاد إلى 562 وفاة، وفق المدير العام للصحة، الذي قال إن «عدد الإصابات يتضاعف كل أربعة أيام»، مضيفا أن الفيروس ينتشر في فرنسا «بسرعة وبشكل مكثف»، وشدد على الضرورة المطلقة بالتزام «تدابير العزل المشددة»، مضيفا «في حالة ما إذا قلص كل شخص تواصله مع الآخرين، ستكون لدينا إصابات أقل». وبدأت فرنسا الثلاثاء إجراءات عزل يتم الالتزام بها بطريقة متفاوتة، وهو ما جعل السلطات تصعد من لهجتها تجاه الأشخاص الذين لا يحترمون العزل الاجتماعي، وتطالب الشرطة بمعاقبة كل المخالفين، حسب وزير الداخلية.
وبعد أسبوع على بدء تطبيق إجراءات العزل العام، سجلت شبه الجزيرة نهاية الأسبوع وفاة 793 شخصا خلال 24 ساعة، لتتجاوز الحصيلة 6557، وهي أخطر حصيلة تسجل في بلد واحد تجاوزت حتى الأرقام الصينية في أوج انتشار المرض في ووهان مركزها الأول.
وتغلق أوروبا حدودها في وجه باقي العالم بهدف مكافحة فيروس كورونا المستجد الذي سبب عددا من الوفيات أكبر من ذاك الذي سجل في آسيا، ودفع البنك المركزي الأوروبي إلى تقديم رد سريع بخطة مساعدة تبلغ قيمتها 750 مليار يورو.
أما بريطانيا حيث تجاوز عدد الوفيات المئة شخص، فقد أمرت بإغلاق المدارس اعتبارا من الجمعة. وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) إن أكثر من 850 مليون شاب، أي نحو نصف التلاميذ والطلاب في العالم، أغلقت مدارسهم بسبب الوباء ولا يمكنهم التمدرس..
هذا الفيروس الذي لم تتردد منظمة الصحة العالمية في وصفه بـ»عدو الإنسانية» تسبب في وفاة أكثر من 9000 شخص في العالم بينما سجلت أكثر من 209 آلاف و500 إصابة به في 158 بلدا ومنطقة.
ولمحاولة الحد من انتشاره، تتضاعف إجراءات فرض قيود على حرية التنقل. فقد اكتشف البلجيكيون بعد الإيطاليين أو الفرنسيين، الحياة في المنزل، مع استثناءات للخروج في الحالات الضرورية أو النشاط البدني. أما فرنسا فتبدأ يومها الرابع من العزل بينما أصبح وسط باريس الذي يزدحم بالمارة، عادة، أشبه بمدينة أشباح. وفي ألمانيا دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مواطنيها إلى تنفيذ توصيات الحد من التنقلات، مؤكدة أنه «لا بد منها لإنقاذ أرواح عدد كبير من الناس….».
وفي ما يخص الانعكاسات الكبيرة لهذا الوباء فقد حذرت منظمة العمل الدولية من أن الوباء يهدد 25 مليون وظيفة في العالم في غياب رد دولي منسق على هذه الوضعية، خاصة أن قطاعات مثل النقل الجوي والسياحة تعرضت للجمود بسبب إغلاق حدود عشرات البلدان عبر العالم.
وأدى الوباء إلى تراجع البورصات في العالم مما دفع السلطات إلى الإفراج عن مساعدة اقتصادية بالمليارات. وفي هذا الإطار أعلن البنك المركزي الأوروبي عن تخصيص 750 مليار يورو لإعادة شراء ديون عامة وخاصة. في خطوة مفاجئة ترمي إلى الحد من التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا. وتوقعت مديرة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد حصول انكماش اقتصادي «كبير» في منطقة اليورو نتيجة انتشار الفيروس في تصريح للصحافة.
وهي إجراءات رحب بها الرئيس ماكرون ودعا دول الاتحاد الأوروبي إلى القيام بـ «تدخلات، فمن واجبنا نحن الدول الأوروبية، أن نكون حاضرين عبر تضامن مالي أكبر في منطقة اليورو»، مؤكدا أن «شعوبنا واقتصاداتنا بحاجة لذلك».