تزخر منطقة بني ملال بموارد مائية هائلة تتمثل في المياه السطحية والجوفية والعيون والبحيرات، والتي تشكل إحدى الدعائم الأساسية للنهوض بالمنطقة و الدفع بتنميتها الاقتصادية والاجتماعية. وتنعم منطقة بني ملال بهذه الخيرات المائية بفضل تواجدها في رقعة جغرافية تجمع بين الجبال والسهول في حوض أم الربيع الغني بالوديان والسواقي والسدود، مما جعلها كانت قادرة على توفير المياه الكافية لتلبية الحاجيات اللازمة للسقي والشرب وكذا إنتاج الطاقة الكهرومائية.
وضعية تغيرت بسبب الظروف الجوية القاسية التي عرفتها بني ملال نتيجة لسنوات الجفاف التي توالت على المنطقة، ولارتفاع درجات الحرارة، والنقص الحاد في تهاطل الأمطار، الأمر الذي أدى إلى تناقص مهول لهذه الموارد المائية، سواء السطحية أو على مستوى الفرشات المائية التي استنزفت بشكل كبير، بحيث أصبحت نسبة ملء المياه بحوض أم الربيع لا تتعدى 4%.
خصاص بات يرخي بظلاله على الجميع، ساهم في تدني مستوياته كذلك التبذير المفرط للماء في الاستهلاك اليومي للمواطنين، والضياع الملحوظ للمياه على مستوى قنوات الري الفلاحي، وهو ما دفع السلطات المسؤولة ممثلة في الجماعة المحلية والوكالة الجماعية المستقلة لتوزيع الماء ببني ملال للقيام منذ مدة، وليس اليوم فقط، بحملات للتحسيس موجهة للمواطنين بغرض الاقتصاد في استعمال الماء المنزلي، وتم إغلاق العديد من الصنابير المائية على مستوى عدة أحياء بالمدينة، وتنقية وصيانة عدة سواقي تخترق مدينة بني ملال، سواء من منبع عين أسردون، أو من عين تامغنونت، أو وادي الحندق، أو أم الظهر، إضافة إلى القيام بحملات مراقبة لمحاربة غسل السيارات بمياه هذه السواقي أو المياه الصالحة للشرب.
إجراءات ظلت رغم ذلك غير كافية لاقتصاد المياه، خصوصا في ظل استمرار ندرة التساقطات المطرية وارتفاع درجة الحرارة بالمنطقة، مما جعل السلطات الجهوية تنخرط في البرنامج الوطني لتكثيف الجهود لمواجهة الظرفية الصعبة المرتبطة بالإجهاد المائي الذي تعرفه بلادنا. وتم في هذا الإطار إقرار مجموعة من الخطوات العملية المستعجلة لمواجهة هذا الوضع، خلال اجتماع ترأسه والي جهة بني ملال خنيفرة بحضور ممثلي مختلف المؤسسات المسؤولة على قطاع الماء وكذا الفاعلين المباشرين لتطبيق هذه الإجراءات.
تدابير جاء في مقدمتها عقد اجتماعات دورية في بداية كل شهر مع المتدخلين في توزيع و استهلاك الماء من أجل إعداد خريطة لتحديد كميات الماء المستهلكة حسب الأحياء، و تحيينها من أجل ضبط تلك التي تستهلك كميات تفوق معدل الاستهلاك الفردي اليومي من هذه المادة الحيوية، إضافة إلى خطوات إجرائية لمحاربة هدر الموارد المائية، عن طريق الصيانة المستمرة للقنوات التابعة لشبكات إنتاج وتوزيع هذه المادة، وفرض عقوبات زجرية على المخالفين لقوانين استغلال الماء المؤطرة بقوانين ذات الصلة. كما تم المنع الكلي لاستغلال الماء لأغراض ثانوية، مثل سقي الساحات الخضراء والحدائق العمومية، وتنظيف الطرقات والمساحات العمومية باستعمال الماء، وكذا ملء المسابح العمومية والخاصة أكثر من مرة في السنة، ومنع أيضا الزراعات المستهلكة للماء.
وكان عدد من الفاعلين في مجال الماء قد أوصوا بمضاعفة الجهود لتسريع وتيرة إنجاز المشاريع التي جاء بها البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب و مياه السقي 2020/2027. ونفس الأمر بالنسبة للمشاريع الهادفة إلى معالجة المياه العادمة، بالإضافة إلى تكثيف الجهود لاقتصاد الماء لشبكات الري والتوزيع لتحسين مردودية هذه الشبكات بالمدن والمراكز الحضرية. كما شددت التوصيات على إعداد المصالح المختصة لبرنامج زمني للقيام بحملات تحسيسية من أجل ترسيخ ثقافة الوعي عند الساكنة بضرورة ترشيد استعمال الماء المحافظة عليه. وهي الإجراءات التي يتمنى كل الفاعلين انخراط سكان بني ملال فيها، وهم الذين تعودوا منذ عشرات السنين على العيش في ظل «بحبوحة» وفرة مياه العيون و السواقي التي تعم المنطقة.