وزارة الصحة تودع مفتشها العام السابق خارج «اللياقة الإدارية»

ودّعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، يوم الاثنين 9 يناير، المفتش العام السابق بعد إحالته على التقاعد بشكل خلّف موجة استياء عارمة، بالنظر إلى أن «حفل» تبادل السلط بين المفتش العام السابق والمفتش العام الجديد بالنيابة، ترأسه المكلف بديوان آيت الطالب، هذا الأخير الذي غاب عن هذا اللقاء الذي جرى تنظيمه بحضور مجموعة من أطر وموظفي المفتشية العامة للوزارة مما طرح أكثر من علامة استفهام.
«توديع» غير لائق، رأى فيه الكثير من المهتمين بالشأن الصحي أنه كان خارج «اللياقة الإدارية» التي تقتضي حضور الوزير، بالنظر لموقع المسؤول المتقاعد في هرم الوزارة، وطبيعة المهام التي تكلّف بها خلال مسيرته المهنية، وحجم العطاءات التي قدّمها، حيث كان من المفروض حضور ومشاركة الوزير شخصيا وإلقاء كلمة، وفقا للأعراف الإدارية والمهنية، يحضر فيها الاعتراف والتقدير بلغة تزاوج بين ما هو إنساني وما هو مهني، ويتم خلالها الحرص على تحفيز المسؤول الجديد، وإن كان بالنيابة في انتظار تعيين من سيتحمل مسؤولية كاملة في هذا المنصب، وتوجيه رسائل مؤطرة من خلاله لكل من يتحمل المسؤولية في مختلف المواقع الإدارية، لاسيّما في هذه الظرفية التي يمر منها قطاع الصحة.
واعتبر عدد من المهتمين بالشأن الصحي غياب الوزير وانتداب رئيس الديوان ليقوم مقامه، تبخيسا لقيمة الرجل وتقزيما لأدواره الكبيرة داخل الوزارة، وزلّة وزارية كبيرة تُجهل دوافعها، خاصة وأن الموارد البشرية في قطاع الصحة هي في حاجة إلى ترسيخ ثقافة الاعتراف وإلى التحفيز، اليوم أكثر من أي وقت مضى، في ظل ورش رائد يتعلق بالحماية الاجتماعية وعلى رأسه تعميم التغطية الصحية. هذا القطاع الذي يعاني من خصاص كبير وتتحكم في الكثير من المهنيين رغبة جامحة في ترك الجمل بما حمل، والاتجاه للعمل صوب القطاع الخاص، سواء داخل أو خارج الوطن، بسبب ظروف العمل المادية والمعنوية التي تحتاج إلى «ثورة» حقيقية ببعد اجتماعي، من أجل الحفاظ على الخزّان البشري للقطاع وتطويره لا أن يستمر منسوبه في التقلص والتراجع يوما عن يوم.
لقد غادر المفتش العام السابق الوزارة يوم الاثنين، كما غادرها من سبقوه، سواء كان التوديع مماثلا أو مختلفا، لائقا أو غير لائق، وسيغادرها غيرهم بدون شك، عاجلا أو آجلا، وسيظل التاريخ شاهدا على المنجزات والخيبات، التي قد يكون سببا فيها ومسؤولا عنها هذا المسؤول أو ذاك، وسيتذكر أهل الاختصاص وعموم المهتمين من كانوا في الموعد ومن أخلفوه، وهو ما يجب أن يدركه الجميع وأن يقوم كل بمهامه وأدواره على أكمل وجه للقيام بمهمته كما ينبغي لخدمة الوطن والمواطنين، ويتعين على من اشتغلوا إلى جانب هذا الموظف أو ذاك، من باب الإنصاف، أن تكون لحظات توديع مقر العمل وكرسي المسؤولية تليق بما تم تقديمه، حتى لا يرى غيره بأن مصيرهم يوما سيكون الخروج من «الباب الصغير» وفي تجاهل تام لكل ما تم بذله وبأن صفحة مسيرتهم المهنية ستطوى لحظة تبادل السلط وكأنها لم تكن يوما.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 13/01/2023