وزيرة الثقافة التونسية تخضع للضغوط وتتنازل عن متابعة الشاعر سامي الذيبي

بعد ضغط كبير من داخل تونس وخارجها، وبعد حملات تضامنية واسعة، استعاد الشاعر سامي الذيبي السجن حريته، جراء تنازل وزيرة الثقافة التونسية عن حقها في المتابعة بسبب تدوينة مثيرة للجدل.
وقد اعتقل الشاعر والأستاذ الجامعي، سامي الذيبي، أول أمس الاثنين 31 يوليوز 2023، على خلفية شكاية تقدمت بها وزيرة الثقافة في حقه من أجل تدوينة على فيسبوك، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري.
وقال الطاهري، في تدوينة نشرها على حسابه الخاص بموقع التواصل فيسبوك، إنّ ما أسماها «وزيرة شؤون ثقافة السجون والقضايا الكيدية ومجالس التأديب التي أنهت المسألة الثقافية في المحاكم والتي في عصرها انحدرت الثقافة إلى الأسفل الشاهق، تقدم شكاية ضد الدكتور والشاعر والنقابي سامي الذيبي أحد إطارات وزارتها من أجل تدوينة فايسبوكية فيعرض أمام المحكمة في حالة تقديم ثم يتم إيداعه السجن»، وفقه.
وأضاف الطاهري: «هذه واحدة من الوزراء الذين لا شغل لهم ولا مشغل إلا فبركة القضايا ضد منظوريهم وخاصة إذا كانوا نقابيين»، حسب تعبيره.
وضجّت منصات التواصل الاجتماعي على خلفية إيداع الشاعر سامي الذيبي السجن، وعبّر نشطاء عن دعمهم اللامشروط له منددين بما اعتبروه تضييقًا على حرية التعبير في تونس وتكميمًا للأفواه وقمعًا للنقد، وفق تقديرهم.
في السياق نفسه، قام مقربون من الشاعر بتعميم رسالة له جاء فيها ما يلي:
«منذ 2003 بداية أول تجاربنا النضالية والتعبير عن آرائنا المخالفة للنظام الحاكم ومن ثمة النشاط صلب المنظمة النقابية الطلابية وتجربة جميع أنواع الهرسلة والتهديد بالسجن حتى تلفيق تهمة كيدية بأمر من أذيال النظام آنذاك، سنة 2010، وتم الحكم علينا بالسجن لمدة سنة كاملة بتاريخ 08جانفي 2011، في قلب أيّام الثورة التونسية ما أنقذنا بعدم قضاء المسجونية حينها والحمد لله.
ندفع الضريبة دائما وحتى حين جاءت الثورة ودخلنا للعمل بوزارة الشؤون الثقافية كان هاجسنا بناء ثقافة وطنية هادفة ضديدا لثقافة التسليع والتسطيح السائدة، ما دفعنا للنضال النقابي صلب الإتحاد العام التونسي للشغل إيمانا عميقا بقيمة العمل النقابي كمعدّل لميزاج السلطة، وكمنظمة اجتماعية تدافع عمن لا يستطيعون ذلك.
تعرفنا على مناضلين مبدئيين وبالمقابل شاءت الأقدار أن نتعرف على أرخص وأقذر أنواع الانتهازيين والسماسرة في العمل المقابي بالقطاع الثقافي، هذه المجموعة بالذات هي التي قدمت كل الوشايات الزائفة للزج بنا في السجن للتخلص من النضال المبدئي الذي يحاصرهم، وحتى يتسع مجال سرقة المال العام وينتفع الجميع بالامتيازات المالية والعينية.
فتمت حياكة مؤامرة نعرف كل خيوطها، والدفع بالوزارة لتتقدم بشكوى قضائية ضدنا بتاريخ 17 جانفي 2023، لتبدأ اولى العمليات القضائية بعدها بشهرين في منتصف مارس 2023، بعدما وافق الجميع على تصفيتي من الوظيفة اولا عن طريق مجلس تأديب كيدي لا تستوي فيه الشروط القانونية ، وإلى السجن في مرة ثانية، حيث تمت إحالتي اليوم 31 جويلية على أنظار محكمة تونس للنظر في القضية التي رفعتها وزارة الثقافة ضد واحد من إطاراتها وأحد أدباء تونس.
لن ترهبنا هذه الأساليب ولن نتراجع في الدفاع عن تونس التي نحلم بها».
اعتقال الشاعر سامي الذيبي، دفع روائيين وشعراء ومثقفين وسياسيين ومناضلين مدنيين إلى الوقوف صفا واحدا من أجل دعم المعتقل. وفي ما يلي نماذج من التدوينات التي ضجت بها صفحات التواصل الاجتماعي بالفايسبوك، حيث كتب محسن مرزوق (شاعر و سياسي): «تضامني التام مع الشاعر سامي الذيبي، على قاعدة ورود معلومات تؤكد سجنه من أجل رأيه…ومع كل من سجن ظلما أو من أجل رأيه…لم تنجح مثل هذه الاساليب في السابق.. ولن تنجح..». أما الروائي شكري المبخوت، فتساءل: «هل ينقص البلاد وضع شاعر وباحث في السجن؟ كم خسرنا بوضع سامي الذيبي في السجن وماذا ربحنا؟»، بينما كتب الجامعي زياد بوبكري: «الأستاذ الجامعي و الزميل و شاعر الكفاح والصمود ابن بلدتي الفقيرة والغنية بالشجعان والمناضلين حاسي الفريد الأبية، الشاعر سامي الذيبي يتم إيداعه اليوم بالسجن على خلفية شكاية من وزارة اللاثقافة و المحسوبية بسبب تدوينة على الفايسبوك …
من باب المفارقات والتناقضات العجيبة في تونس بلد الحرية و ثقافة لليري يمما وزارة الثقافة تكم الافواه وتقمع النقد وتنكل بحرية التعبير في غياهب السجون. كل الدعم سامي الذيبي «. وكتب الشاعر محمد الهادي الجزيري: «ماذا يحدث في تونس؟ الشاعر سامي الذيبي يدخل السجن من أجل تدوينة… ما هذا ؟ أطلقوا الشاعر..».
وعلى غرار جميع المتضامنين، علق الاستاذ في الجامعات الفرنسية، عادل اللطيفي، مؤسس مشروع «تقدم نحو ديمقراطية اجتماعية عقلانية» بمعية ثلة من كبار المفكرين التونسيين، على الزج بالشاعر سامي الذيبي وراء القضبان بما يلي:
«يُسْجن سامي الذيبي ليس لأنه شاعر، بل لأنه عضو الجامعة العامة للثقافة…
لم يسجن من وزيرة الثقافة، بل من طرف جو ضرب الحريات الذي ارساه قيس سعيد قانونا ومناخا وممارسة..
مناخ التنكيل بالكلمة والرأي يتواصل أيضا مع الصحفي زياد الهاني. فبعد مهزلة الأمر الموحش وقف اليوم على خلفية قضية مرتبطة بعمله كعضور بلدي سابق…
اليوم رأيت عديد الوجوه من “النخبة الأدبية والمثقفة” تستاء من إيقاف الشاعر سامي الذيبي، وهي نفسها التي سكتت عند حجب كتاب فراكنشتاين تونس من معرض الكتاب… وكثير منهم إلى الأمس يساندون، صراحة او سكوتا، صاحب مقولة “لا حرية تعبير بلا حرية تفكير».
من جهتها، أعلنت المناضلة نزيهة رجيبة عن تضامنها بما يلي: «يعني ماذا تريدون أن أقول في حبس شاعر؟!.. هل أقول مثلا «طز في الحبس الكذاب وإن الشاعر لا يبالي به بل يتعالى عليه بجناحي قريحته وخياله المقرفص فوق الغيوم؟».. كلا.. الشاعر بما هو صنو للحرية لا يمكن إلا أن يؤلمه القيد وإن ادعى خلاف ذلك.. كان الله في عون سامى الذيبي الذي سيكون أسيرا آخر تتعزز بمظلمته التعفنات التي ستقود هذا النظام إلى حتفه برغم كثرة أنصار… الذين لا يقرأون الشعر». ومن جهته كتب السوري فايز علباس: «في تونس التي كنا نراها قبلة الحريات يتم توقيف الشاعر د. سامي الذيبي على خلفية منشور على الفيسبوك ينتقد فيه وزارة الثقافة التونسية. سامي صوت حر ولا يليق بصوته الحجز أو الاعتقال.. سامي الذيبي ليس مجرد صديق ولا مجرد شاعر ولا مجرد أكاديمي ولا مجرد تونسي، إنه كلّ ذلك مجتمعا في رجل يكاد لرقَّتِه ولشدّةِ مافي قلبه من محبة أن يسير على أطراف أصابعه، ولو أنه مشى على الماء لما ارتسمت دائرة تحت قدميه. فكيف للسلطات في تونس أن تحجر عليه وتقيد حرّيته؟!…». بينما كتب الروائي الحبيب السالمي: «الحرية للشاعر التونسي سامي الذيبي»، وقال الفنان الملتزم محمد صالح: «التومي:»بعد هرسلة عديد المثقفين،تمّ اليوم إيقاف الشاعر سامي ذيبي؛ وللمقارنة، قيل لشارل دي ڨول:اسجن جون بول سارتر، إنه يوزع المناشير ويُحرّض عليك، فأجاب: أنا لا يمكن أبدا أن أطلب محاكمة « فولتار» : فشتّان إذن».
أما الشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار، فكتب على جدار صفحته على الفايسبوك: « سامي الذيبي شاعر تونسي معروف ومناضل له حضور كبير في الساحة التونسية. تم اعتقاله اليوم لأسباب يصفها بالكيدية. قبل عشر سنوات تقريبا فاجأتُ سامي بحضوري لحفل زفافه في تونس. في انتظار العودة العاجلة للشاعر سامي الذيبي إلى بيته وأطفاله. التضامن المطلق مع الشاعر».


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 03/08/2023