وسط تخوف أولياء أمور التلاميذ من هدر الزمن المدرسي

التلويح بخوض احتجاجات بعد المصادقة على النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية

 

 

كما هو معلوم صادقت الحكومة المغربية يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023، على المرسوم رقم ( 2.23.819)، بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، والذي اعتبره العديد من المتتبعين للشأن التربوي التعليمي ببلادنا نقلة نوعية في مسار الأنظمة الأساسية التي اعتمدتها منظومة التربية الوطنية والتعليم ببلادنا، حسب البلاغ الصحفي الصادر عن المديرية المكلفة بتدبير مجال التواصل بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ( تتوفر الجريدة على نسخة منه). الذي أكد أن النظام الأساسي الجديد، من المنتظر أن يؤدي تنفيذه إلى تحقيق عدد من النتائج الإيجابية، من أبرزها إحداث التحول المنشود في المدرسة العمومية، وإرساء آليات جديدة للتحفيز والحكامة وتأمين الزمن المدرسي، مع الإشارة إلى أنه منذ أن تم التوقيع على اتفاق 14 يناير 2023، عقدت اللجنة التقنية المشتركة المكلفة بوضع وصياغة النظام الأساسي الجديد، (24) اجتماعا، فيما بلغت اجتماعات اللجنة العليا برئاسة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وعضوية النقابات التعليم الموقعة على الاتفاق (06) اجتماعات استهدفت الإطلاع على سير أشغال اللجنة التقنية والحسم في بعض القضايا التي تحتاج إلى تحكيم من أجل التوافق حولها.
ويندرج هذا المرسوم المصادق عليه من طرف الحكومة في إطار تنفيذ أحكام القانون الإطار (51،17)، المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وفي سياق تفعيل التوجهات الواردة في النموذج التنموي الجديد الذي دعا إلى تحقيق نهضة تربوية حقيقية عبر الاستثمار في تكوين وتحفيز المدرسين قصد جعلهم الضامنين لنجاح تعلمات التلميذات والتلاميذ. واعتبر البلاغ نفسه النظام الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية أنه يتميز بخاصتين، الأولى أن الاشتغال عليه تم وفق مقاربة تشاركية اعتمدتها الوزارة والنقابات التعليمية الموقعة على اتفاق (14)يناير 2023، وهي الجامعة الوطنية للتعليم، والنقابة الوطنية للتعليم، والجامعة الحرة للتعليم، والنقابة الوطنية للتعليم. وتقدم هذه المقاربة على الحوار والتشاور والإنصات المتبادل. أما الخاصية الثانية، فعلى خلاف الأنظمة الأساسية السابقة التي كان مدخلها الوحيد هو الفئات، فإن النظام الأساسي الجديد يقترح مداخل أخرى جديدة ومختلفة ومغايرة حيث احتكم إلى هندسة جديدة من التوظيف إلى التقاعد وتشمل الفئات المهنية.
وأبرز ما ينفرد به النظام الأساسي الجديد، أن مقتضياته تسري على جميع موظفي القطاع، بمن فيهم الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للترببة والتكوين ، كما أنه يتميز بتوحيد المسارات المهنية، مع إقرار مبدأ تكافؤ الفرص ببن الجميع، والاحتكام إلى مبدأ الإنصاف والكفاءة المهنية في ولوج مختلف الهيئات والأطر والدرجات والترقية فيها، بما في ذلك إقرار مبدأ التباري في شغل وتولي المناصب والمهام، وربط الترقي في الدرجة والترقية في الرتبة بنظام دقيق لتقييم الأداء المهني، كما أنه يقدم عرضا متنوعا يمس كافة المجالات ذات الصلة بمهنية التربية والتعليم، فقد نص في مجال الموارد البشرية على إحداث الدرجة الممتازة لبعض الفئات التي كان يتوقف مسارها المهني في الدرجة الأولى السلم (11)، كما سيمكن النظام الأساسي الجديد من إدماج (140،000) من أطر الأكاديميات في النظام الموحد، مما يتيح لهم الحق في الترسيم والترقية في الرتبة ويفتح أمامهم الباب للترقي في الدرجة الأولي السلم (11)، وسيصبح مجال التكوين المدخل الرئيسي لتأهيل الموارد البشرية وتعزيز جاذبية المهنة، حيث ييتم إقرار نظام تكوين مستمر واعتماده في تقييم الأداء المهني وإعادة النظر في هيكلة وتنظيم برامج ومدد التكوين بالمراكز الوطنية والجهوية للتكوين، مع إحداث مسالك جديدة تستجيب لخصوصيات القطاع ومتطلبات الوظيفة. واعتمد النظام الجديد بخصوص التحفيز المهني آلية جديدة تقوم على منح مالية لأعضاء الفريق التربوي وفق شروط معينة ترتبط بالمردودية والفعالية، ويشمل هذا التحفيز أطر التدريس والأطر الإدارية والتربوية بمؤسسات التعليم العمومي الحاصلة على شارة الريادة، وكذلك منح جائزة الاستحقاق المهني وشهادات التقدير والاعتراف، مع الزيادة في مبالغ التعويضات التكميلية. وأشار البلاغ الوزاري أنه من ناحية أخري، يتميز النظام الأساسي الجديد بإرساء ميثاق الأخلاقيات، يتأسس على المبادئ الدستورية وميثاق المرافق العمومية، مع إقرار بعض المقتضيات الخاصة بمجال التأديب والعقوبات وكذا الضمانات والالتزامات الملائمة لخصوصية القطاع.
بالمقابل لم ترق مضامين النظام الأساسي الجديد إلى طموح العديد من الهيئات التربوية التي هددت بخوض أشكال احتجاجية عديدة خلال الأيام المقبلة رافضة المقاربة المتخذة، مما تسبب في توتر العلاقة بين النقابات والفئات التربوية التي تعارض الصيغة والنهائية للنظام الأساسي الجديد. وفي خضم هذا التجاذب الذي ينذر بالتصعيد والاحتقان الذي سيؤثر لا محالة على الموسم الدراسي، بدأ التخوف يتسرب إلى أولياء أمور التلميذات والتلاميذ من انطلاق مسلسل الاحتجاجات والإضرابات التي تتوقف خلالها الدراسة مما سيتسبب في هدر الزمن المدرسي. ودعا رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب نور الدين عكوري في لقاءه مع بعض وسائل الإعلام، جميع الأطراف المعنية بالموضوع إلى استحضار المصلحة الفصلي للتلاميذ، والعمل على وفتح حوار جاد لتجاوز النقاط الخلافية والتوافق حول المكتسبات التي جاء بها النظام الأساسي الجديد.


الكاتب : محمد تامر

  

بتاريخ : 03/10/2023