تعرف العديد من مكاتب الحالة المدنية اكتظاظا يوميا وإقبالا كبيرا للمواطنين عليها من أجل التصديق على مختلف الوثائق الإدارية وللحصول على شواهد مختلفة، رغم أن الإدارة المركزية، أعلنت رسميا في العديد من المناسبات عن الاستغناء عن هذه الخطوة التي تهمّ بعض الشواهد بعينها، خاصة بالنسبة لمن يتوفرون على بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، لاسيما تلك التي تنتمي إلى الجيل الجديد، إضافة إلى قرار عدم تصحيح بعض الوثائق والإشهاد على صحتها من طرف ضباط الحالة المدنية.
إعلان كان قد استبشر له الكثير من المواطنين خيرا، لكن الممارسة اليومية جعلت الكثيرين منهم يقفون على ضرورة التصديق على عدد من الوثائق، بسبب مطالبتهم من طرف مصالح أخرى بالقيام بهذه الخطوة، لتكوين ملفات من أجل اجتياز مباريات بعينها، أو لقضاء أغراض إدارية مختلفة، لتصبح خطوة تصحيح الإمضاءات والتحقق من الوثائق الرسمية ونظيراتها في مصالح التصحيح أمرا لا محيد عنه؟
هذا الواقع الذي يختلف عما يتم الترويج له نظريا، يقطع مع ما جاء به مرسوم الإشهاد على مطابقة نسخ الوثائق لأصولها، الذي جرى تفعيله ابتداء من مطلع يناير 2018، بحيث أنه لم يخفّف ولو قليلا، من معاناة مرتفقي الإدارات العمومية، التي تتخذ أشكالا مختلفة في مصالح متعددة، ومنها ما تعرفه بلدية الرشيدية، إذ يصطدم المرتفق بطابور من المواطنين الذين يعدون بالعشرات، منذ وقت افتتاح المكتب إلى حدود الساعة الرابعة بعد الزوال، الذين يحجّون إلى المصلحة وينتظرون دورهم في عملية تصحيح الإمضاء أمام موظف وحيد، يجد نفسه مطالبا بتلبية احتياجات المرتفقين المختلفة ذات الصلة بالمصلحة التي يشتغل فيها.
وضعية، ورغم الصعوبات التي تترتب عنها، ورغم علم مستشاري المجلس البلدي بالمشكل، الذي يعاينون طوابير المواطنين المتزايدة كل سنة على عملية التصحيح، في مصلحة تعتبر إحدى واجهات الدخل الجماعي من خلال عائداتها، إلا أنها تترك الوضع على ما هو عليه، في الوقت الذي كان من المفروض أن يتم فتح مكاتب أخرى، للتخفيف أولا عن الموظف الوحيد، وثانيا لتجنب للمواطن عناء الانتظار الذي قد يصل لساعات في بعض الأحيان، خاصة عند الدخول المدرسي أو عند إجراء المباريات التوظيفية.
إن مسؤولية تدبير الشأن العام وتمثيل الساكنة يقتضيان ممن يتحملون المسؤولية الحرص على توفير كل المتطلبات الضرورية لخدمة المواطنين، وبالتالي فإن الرفع من أعداد الموظفين وفتح مكاتب جديدة لمصالح الحالة المدنية في مختلف المرافق الجماعية والترابية في الرشيدية، يعتبر أمرا مستعجلا، لأن الوضع نفسه تعيشه عدد من المقرات الإدارية المعنية بهذه الخدمة، وهذا الوضع الذي يتكرر في كل مرفق يعاني منه الجميع، ويرخي بتبعاته عليهم كل يوم، علما أن الحديث هنا هو عن مصلحة تصحيح الإمضاءات التي تعد من بين المصالح الأكثر حيوية لما تلعبه من دور مهم في الحياة اليومية للمواطنين.
وسط مطالب بتطوير وتجويد مصالح الحالة المدنية: طوابير طويلة لتصحيح الإمضاءات والتصديق على الوثائق في الرشيدية
الكاتب : فجر مبارك
بتاريخ : 28/12/2023