الطاهر بلفرياط يغادر المسرح والتلفزيون والإشهار المغربي
غادرنا يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 الفنان الكبير عبد القادر مطاع بعد صراع طويل مع المرض، تاركا فراغا كبيرا في الساحة الفنية المغربية. عبد القادر مطاع، الذي عرفه الجمهور باسم شخصية الطاهر بلفرياط، كان رمزا للفن النبيل ووجها من وجوه المغرب البسيط، يجمع بين الصدق والدفء في الأداء.
ولد مطاع كما تقول سيرته الحياتية سنة 1940 في درب السلطان بالدار البيضاء وسط أسرة فقيرة، وفقد والده مبكرا، مما اضطره للعمل منذ طفولته في مهن متنوعة، قبل أن يكتشف شغفه بالفن من خلال أنشطة الكشافة والمخيمات الصيفية.
بدأ مساره الفني بمسرحية “الصحافة المزورة”، ثم التحق بفرقة المعمورة للمسرح في الستينيات، حيث صقل موهبته إلى جانب نخبة من رواد المسرح المغربي. امتدت أعماله لاحقا لتشمل التلفزيون والسينما والإذاعة والإشهار، وترك بصمة واضحة في ذاكرة الجمهور المغربي.
على الشاشة الصغيرة لمع اسمه بشخصية الطاهر بلفرياط في مسلسل “خمسة وخميس”، وأثبت حضوره في مسلسلات أخرى مثل “أولاد الناس” و”لف لام”. أما في السينما فقد تألق في أفلام بارزة مثل “وشمة” (1970) و”البراق” (1973) و”كلاب الدوار” (2010)، وهي أعمال رسخت مكانته كأحد أعمدة الفن المغربي.
لم يقتصر عطاؤه على المسرح والشاشة، بل امتد إلى الإشهار التلفزيوني، حيث ساهم بذكائه الفني في حملات تركت أثرا في الذاكرة اليومية للمغاربة، مع مزج بين الأداء الجاد والجاذبية الجماهيرية.
وسبق للصحفي العربي رياض أن أشار في مقال سابق له إلى أن عبد القادر مطاع كان أحد مؤسسي فكرة المجموعات الغنائية بالمغرب، وأن تجربة العمل مع المخرج الطيب الصديقي في المسرح، خاصة خلال جولاتهم في فرنسا، شكلت أرضية لإنشاء فرقة غنائية مستقلة تمزج بين الغناء والتمثيل، وهو ما ساهم لاحقا في ولادة تجربة ناس الغيوان.
وقد نعاه زملاؤه وكبار الفنانين والمغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي. كتب الفنان والمسرحي عبد الكبير الركاكنة رئيس التعاضدية العامة للفنانين في صفحته الرسمية على فيسبوك: “غادرنا اليوم الفنان الكبير عبد القادر مطاع. كان رمزا من رموز الفن المغربي. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
أما الأستاذة والناقدة السينمائية أمينة الصيباري فكتبت: “الساحة الفنية تفقد أحد أعمدتها. الفنان الكبير عبد القادر مطاع يرحل عن عالمنا بعد معاناة مريرة مع المرض، وبذلك تسقط ورقة من شجرة جيل الفنانين الذين شكلوا مخيالنا منذ الطفولة في التلفزة والمسرح والإشهار. إنا لله وإنا إليه راجعون، وداعا الطاهر بلفرياط”.
وكتب الفنان محمد عاطر: “وداعا أيها الكبير. عبد القادر مطاع واحد من الفنانين الذين جعلونا نحب الميدان الفني بأدوار تكرس تمغربيت الحقيقية والتي ستبقى موشومة في ذاكرة الجمهور. الطاهر بلفرياط تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته وألهم ذويك الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
الكاتب والناقد السينمائي حسن نرايس نشر تدوينة جاء فيها: “خبر حزين. الفنان عبد القادر مطاع في ذمة الله. فلترقد روحه في سلام. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
الفنان بوبكر رفيق كتب: “إنا لله وإنا إليه راجعون. عبد القادر مطاع في ذمة الله”.
الموسيقار نعمان لحلو كتب: “لقد استطاع خلال حياته أن يصبح جزءا من التراث اللامادي المغربي”.
الفنان رشيد الوالي نعى الراحل عبدالقادر مطاع، وكتب في صفحته بالفيسبوك:” برحيل الفنان عبد القادر مطاع، يفقد المغرب أحد أعمق الأصوات وأكثرها صدقًا. رجل لم يكن ممثلًا فحسب، بل كان ذاكرة حية من جيل صنع البسمة والوعي بصمت واحترام.
عرفناه في شخصية “الطاهر بلفرياط” رمز الطيبة المغربية الأصيلة، بحسه الكوميدي الهادئ الذي يضحك دون ابتذال، ويعلم دون تعالٍ. كما عرفناه بصوته الدافئ في الوصلات الإشهارية التي رافقت طفولة جيل كامل، بصوت يحمل صدقا ودفئا لا تصنعهما التقنية، بل يصنعهما القلب والإخلاص.
مطاع لم يكن نجم شاشة فقط، بل كان ضميرا فنيا ظل وفيًا لفنه رغم تحديات المرض وتجاهل البعض ومرور السنين. مثل جيل كامل من الفنانين الذين لم يطلبوا المجد، بل خدموا الفن كما يخدم الوطن – بصمت وإخلاص.
رحل الجسد، لكن بقيت البصمة. بقي الصوت. بقي الأثر.
ولا أنسى هنا ذكر وفاء الأصدقاء، ومنهم الصديق عمر الذي زارني في بيتي برفقته بعد أن فقد البصر، في موقف يدل على عمق العلاقات الإنسانية التي كان يبنيها الفنان الراحل.
رحم الله عبد القادر مطاع، وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدمه من فرح وصدق في ميزان حسناته. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
رحيل عبد القادر مطاع هو رحيل فصل كامل من الذاكرة الفنية المغربية، تاركا وراءه إرثا خالدا وصوتا سيبقى حاضرا في قلوب المغاربة. رحم الله فقيد المغرب الكبير الفنان عبد القادر مطاع. وداعا الطاهر بلفرياط، إنا لله وإنا إليه راجعون.