«وفرة» مسحوق الحليب تتسبب في أزمة للفلاحين والتعاونيات

أدت إلى تقليص كميات تجميع الحليب الطازج

 

دقّ عدد من الفلاحين والمسؤولين عن تعاونيات جمع وتوزيع الحليب ناقوس الخطر في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي»، مؤكدين على أن أزمة كبيرة ترخي بظلالها على المعنيين والتي ستكون لها تبعات ليست بالهيّنة، بسبب تراجع بعض شركات تجميع الحليب عن تسلم الكميات المعتادة، إذ أشعرت من خلال مسؤوليها القائمين على التعاونيات بقرار تقليص أطنان اللترات التي اعتادوا تجميعها، وهو التراجع الذي تعرف معدلاته انخفاضا بشكل يومي، في مشهد أعاد للأذهان «زمن المقاطعة» الذي تسبب في انتكاسات للكثير من الأسر.
وأكدت مصادر الجريدة أن الفلاحين ومسؤولي التعاونيات وجدوا أنفسهم منذ أسابيع أمام هذا المستجد غير المتوقع، والذي تم تبريره وفقا لتصريحاتهم، بوفرة مسحوق الحليب الذي يتم استعماله في إنتاج مشتقات الحليب المختلفة، وبالتالي فإن الحليب الذي يتم تجميعه بالكميات التي عرفت تراجعا يبقى كافيا لإنتاج الحليب الطازج، ولا يمكن الرفع من حجم ما تتوصل به الشركات المعنية في الوقت الحالي لهذا السبب.
معطى كان بمثابة الصدمة، خاصة بالنسبة لصغار الفلاحين الذين انخرطوا في مسار تربية الأبقار الحلوب، وإن بعدد ضئيل، بتشجيع من الدولة ومؤسساتها المختصة المختلفة عبر الدعم الذي يتم توفيره والسياسات المسطرة في هذا الباب لمواجهة أي خصاص في هذه المادة، فباتوا يعولون على حليبها ليشكل مصدرا من مصادر الدخل التي يسدّون بها احتياجاتهم اليومية، بالرغم من ضعفه، وفقا لتصريحات عدد من المتضررين الذين التقتهم الجريدة، فإذا بهم وبعد نقل كميات الحليب التي تم حلبها من الأبقار إلى التعاونيات المعنية يجدون بأنه لا يمكن تسلمها بشكل كلّي أو يجب الاكتفاء ببعضها، لأنها في النهاية المطاف لن تجد طريقها إلى الشركة المعنية.
ودفعت هذه الوضعية عددا من الفلاحين، خاصة الصغار، إلى البحث عن سبل أخرى لتصريف منتوجهم اليومي من الحليب على قارعة الطرق وفي بعض الفضاءات المختلفة، في علاقة مباشرة بمستهلكين من نوع آخر، ويتعلق الأمر بمواطنين، أملا في عدم هدرها وسكبها أرضا، والبحث من ورائها على ما توفر من نقود تعينهم على الحياة وتمكّنهم من تفادي خسارة كاملة ليس في مقدورهم تحمّلها في ظل واقع يعرف استمرار الغلاء والزيادة المهولة في مختلف المنتجات غذائية واستهلاكية وغيرها.
وعلاقة بالموضوع، حاولت «الاتحاد الاشتراكي» البحث عن أجوبة من بعض الجهات المختصة ومعرفة دوافع الرفع من استيراد مسحوق الحليب، وكم بلغت كمياته، وعلاقة هذا الأمر بتقليص اللترات التي يتم تجميعها من التعاونيات، خاصة في المواقع الرسمية المختصة، لكن حجب الولوج إلى قاعدة بياناتها نموذجا، حال دون الحصول على التوضيحات التي بحثت عنها الجريدة.
وجدير بالذكر أن القانون يمنع استعمال مسحوق الحليب كمادة أولية في إنتاج الحليب المبستر والمعقم، ويتم توجيهه لإنتاج مشتقات حليبية كالياغورت واللبن والأجبان، مشيرا إلى أن حليب البقر هو الذي يعتمد لإنتاج الحليب الطازج، لكن استمرار عدد من المعيقات تؤدي من جهة إلى تراجع معدلاته، ومن جهة ثانية إلى إفلاس العديد من التعاونيات بسبب الضرر المادي الذي طالها والذي أصاب من خلالها الفلاحين الصغار، وهي الأزمة التي تتسع رقعتها يوما عن يوم، وتتهدد فئات بعينها دونا عن أخرى تستفيد من هذه السوق بكل أريحية.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 26/07/2024