وفق خلاصات التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفقر، بطالة الشباب، الإقصاء والتفاوتات… عناوين صارخة لأبرز مظاهر اللامساواة

أشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقرير له صدر حديثا إلى أن “الحركات الاجتماعية المسجلة مؤخرا، قد أظهرت أن الفقر، وبطالة الشباب، والإقصاء والتفاوتات.. عوامل تمثل بشكل متزايد بالنسبة للسكان مظاهر للامساواة”.
وأبرز التقرير أن “الرفض المتزايد للتفاوتات في المغرب يمكن ربطه بالتغيرات التي اعتملت في المجتمع المغربي”.
وأكد المجلس في تقريره السنوي لعام 2017 الصادر يوم السبت 22 شتنبر 2018، “أن محاربة التفاوتات الاجتماعية والمجالية في المغرب، تتطلب تحسين أوضاع الفئات المعوزة من خلال إعادة تأهيل المدرسة العمومية ، بحيث تضمن تعليما ذا جودة وفي متناول الجميع”. وقدم التقرير في ، هذا الشأن، “تحليلا للوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب، فضلا عن استعراض نشاط المجلس خلال هذه السنة المالية”. في السياق ذاته ، أوصى المجلس، في تقريره الذي يسلط الضوء على “التفاوتات الاجتماعية والمجالية”، بضرورة العمل على ” تقليص الفوارق المجالية من خلال تحسين الحكامة والديمقراطية المحلية وتعزيز آليات التضامن الترابي”. ولتقليص التفاوتات الاجتماعية والترابية، اعتبر المجلس “أن من الضروري إعادة الثقة للمواطنين في قدرة المؤسسات والسياسات العامة على تحسين ظروفهم المعيشية، وتكريس مبدأ الاستحقاق والتخفيف من حدة التفاوتات”.
وتقترح الوثيقة، في هذا الإطار، “تركيز الجهود على تعزيز مكافحة الفساد وتعميم المساءلة لتشمل معاقبة الممارسات المنافية للمنافسة والامتيازات والحد من حالات التأخير في اعتماد القوانين ونشر النصوص التطبيقية”.
على الصعيد الاقتصادي، دعا التقرير ” إلى توسيع القاعدة الضريبية ووضع نظام ضريبي يتسم بالعدل ويفضي إلى إعادة توزيع الدخل والثروة”.
كما أوصى، من جهة أخرى “، ببلورة سياسة وطنية إرادية كفيلة بتحسين وضع المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، واتخاذ ترتيبات وتدابير لمواكبة القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء”.

 

 

حماية الطفولة.. استعجالية محاربة تشغيل الأطفال

 

من النقط الأساسية التي توقف عندها التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تلك المتعلقة ب «حماية الطفولة وضمان ظروف عيش كريمة للأطفال»، والتي اعتبرها «عنصراً أساسيا لتحديد معالم مستقبلهم»، إذ «أن لكل طفل الحق في التعليم والسكن اللائق والرعاية الصحية. ومن هذا المنطلق، انخرط المغرب في دينامية تسعى إلى النهوض بحقوق الأطفال، من خلال المصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، واعتماد أهداف التنمية المستدامة الرامية على الخصوص إلى تقليص نسبة الأطفال الذين يعانون من الفقر»، وتم «تجسيد هذا الالتزام من خلال سلسلة من السياسات العمومية الهادفة إلى تحسين رفاه الأطفال وضمان تمدرسهم وحمايتهم».
وأشار التقرير ، في هذا السياق ، إلى ما وصفها ب «مظاهر هشاشة الأطفال، من قبيل ظاهرة تشغيل الأطفال، التي مازال يصعب اجتثاثها من المجتمع»، حيث «كشفت عدة دراسات أن تشغيل الأطفال لايزال ممارسا بالمغرب رغم التدابير المتخذة لتقديم الدعم الاجتماعي للأسر المعرَّضة لدفع أبنائها للانقطاع عن الدراسة من أجل ممارسة نشاط مدر للدخل. وتهم أشكال الدعم هذه، بشكل خاص، منحة «تيسير»، وكذا برامج النقل المدرسي والداخليات، التي تهدف إلى تمكين أطفال المناطق القروية، خاصة الفتيات، من متابعة دراستهم».
غير أن هذه البرامج، حسب التقرير، «تشكو من جملة من الاختلالات المرتبطة بنمط الحكامة وبالوسائل المالية المخصصة لها». ومن بينها «طريقة استهداف المواطنين المتوفرة فيهم شروط الاستفادة من برنامج تيسير، حيث ارتكز هذا الاستهداف على معيار جغرافي «الجماعات الأكثر فقرا المشمولة ببرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، عِوَضَ استهداف الأسر الأكثر فقرا على صعيد مجموع التراب الوطني. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إقصاء الأسر الفقيرة التي هي في حاجة إلى مساعدة مالية لضمان تمدرس أطفالها، وذلك بسبب عدم إقامتها في الجماعات الأكثر فقرا المشمولة ببرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية».
واستشهد التقرير، في هذا الاطار، ب»المذكرة الاستعجالية للمجلس الأعلى للحسابات حول ظروف تهييئ وسير الدخول المدرسي لموسم 2017-2016، حيث «أن مبلغ المنح التي لم يتم صرفها في إطار برنامج «تيسير» بلغ 777 مليون درهم، مما أدى إلى عدم صرف المنح الموجهة ل 860 100 مستفيدا من هذا البرنامج .أما بالنسبة للمبلغ الشهري للمنحة، فإنه يتراوح ما بين 60 و100 درهم لكل تلميذ، حسب مستواه الدراسي، تمنح لفائدة 3 تلاميذ بالأسرة الواحدة كحد أقصى».
و«يظل مبلغ هذه المنحة غير كافٍ بالقدر الذي يشجع أولياء الأمور على إبقاء أطفالهم في المنظومة الدراسية» يخلص التقرير، مؤكدا، أن «مكافحة تشغيل القاصرين تقتضي وضع آليات أكثر تحفيزا للأسر المعوزة، بالموازاة مع تنظيم أنشطة للتحسيس موجَّهة للأوساط المعنية بالظاهرة، من أجل تعزيز وعي المشغِّلين حتى يكونوا على بينة من المقتضيات القانونية والزجرية المطبقة لمنع تشغيل القاصرين».
و»بخصوص هذا الجانب، ينبغي أن يعمل المشرِّع على ملاءمة النصوص القانونية الجاري بها العمل مع الصكوك الدولية التي صادق عليها المغرب والمتعلقة بحظر تشغيل الأطفال، سيَّما أن عددا من الأطفال ما زالوا يُستغَلون
في بعض الأعمال التي يمكن أن تمسَّ سلامتهم الجسدية، كما بينت ذلك نتائج البحث الوطني حول التشغيل الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط حول «الأعمال الخطيرة لدى الأطفال». فقد «أكد هذا البحث أنه خلال سنة 2017 فإن 247 ألف طفل ممن تتراوح أعمارهم بين 7 و17 سنة هم في حالة شغل، منهم 162 ألف يزاولون أعمالا خطيرة، أي ما يمثل 65 في المائة من مجموع الأطفال العاملين. ومن بين الأطفال الذين يزاولون أعمالا خطيرة، هناك 10.6 في المائة متمدرسون، و 81.4 في المائة انقطعوا عن الدراسة، و 8 في المائة لم يسبق لهم أن التحقوا بالمدرسة قط».
ومن بين أبرز أشكال العمل التي تشكل خطراً على الأطفال، نذكر الأعمال التي تكون فيها الطفلات العاملات كمساعدات عائليات معرَّضات لجملة من المخاطر ترتبط أساسا بالتوتر، والعمل الشَّاق أو الرتيب، وقلة الرقابة، وانعدام السلامة والتحرش».
و«في هذا الصدد، عمل القانون رقم 19.12 على تحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين الصادر سنة 2016 على تحديد الحد الأدنى لسن تشغيل الأشخاص بصفتهم عاملات أو عمَّالاً منزليين في 18 سنة. كما نصَّ هذا القانون على فترة انتقالية مدتها خمْسُ سنوات يمكن خلالها تشغيل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة بصفتهم عاملات أو عمَّالا منزليين، شريطة أن يكونوا حاصلين من أولياء أمورهم على إذن مكتوب. كما نص القانون على أن تُعْرَض العاملات والعمَّال المنزليون المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة وجوبا على فحص طبي كل ستة أشهر على نفقة المشغِّل،وحدد مدة عملهم في 40 ساعة في الأسبوع، يمنع فيها تشغيلهم كليا وفي كل الأشغال التي تشكل خطرا بَيِّنا على صحتهم».
وبشأن «تشغيل الأطفال»، دائما، لاحظ التقرير «أن بعض الجوانب المتعلقة أساسا بالعمال المنزليين المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة، تظل غير
مطابقة لمقتضيات اتفاقيتَيْ منظمة العمل الدولية رقم 138 و 182 اللَّتيْن تهمان على التوالي تحديد الحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل في 18 سنة وحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال»، موضحا أنه «بما أن تشغيل شابات تقل أعمارهن عن 18 سنة كعاملات منزليات لا يزال مسموحا به في المجتمع، فينبغي تركيز الجهود على تعزيز التحسيس والتوعية بحق كل طفل في التمدرس وممارسة هواياته وعدم التعرض للتمييز بناء على الوسط الاجتماعي الذي ينتمي إليه، وذلك حتى تمكن هذه الفترة الانتقالية التي حُدِّدت في خمس سنوات من القضاء الفعلي على عمل الأشخاص البالغين أقل من 18 سنة كعمال منزليين».

 

الأشخاص في وضعية إعاقة.. «قوانين متقدمة» وواقع يحبل
بـ «عراقيل الإدماج»

توقف التقرير عند التزام المغرب ب “إدماج الفئات الهشة”، خاصة “الأشخاص في وضعية إعاقة، ومناهضة جميع أشكال التمييز ضدهم”، باعتبار ذلك ” التزاما أساسيا أخذته بلادنا على عاتقها في إطار أهداف التنمية المستدامة، ومن خلال مصادقتها سنة 2009 على الاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية حقوق هذه الفئة. كما ينص الدستور على حظر ومحاربة كل أشكال التمييز في حق أيّ شخص بسبب الإعاقة، و أناط بالسلطات العمومية مسؤولية إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع”.
تجسيد هذا المقتضى الدستوري تمثل في “وضع السياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة سنة 2015 والمصادقة على القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها”. و”رغم الاعتماد المتأخر لهذه التدابير التشريعية، وفق التقرير ، إلا أنها تشكل خطوة هامة على درب التصدي الفعلي لكافة أشكال التمييز التي قد تطال هذه الفئة. ذلك أن القانون المشار إليه ينيط بالسلطات العمومية مسؤولية التنفيذ الفعلي لتدابير إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة. لكن، وكما أشار إلى ذلك المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في رأيه رقم 15 / 2015 حول مشروع القانون الإطار رقم 97.13 ، فإن هذا القانون الإطار لا يحدد السلطات العمومية المكلفة بتنفيذ التدابير المنصوص عليها، كما لا يشير إلى آليات الطعن الممكنة في حالة انتهاك حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. بالإضافة إلى ذلك، وبعد سنة من المصادقة على هذا القانون الإطار، لم يتم بَعْد إدراج النصوص التطبيقية الخاصة به في المسطرة التشريعية، مما يُبْقِي الملف في وضعية جمود رغم الالتزامات التي أخذتها بلادنا على عاتقها في هذا المجال” .
وبالموازاة مع ذلك، قام القطاع المكلف بالأشخاص في وضعية إعاقة خلال سنة 2017 بإحداث المركز الوطني للرصد والدراسات والتوثيق في مجال الإعاقة، وذلك في إطار تفعيل الرافعات الاستراتيجية للسياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة التي تم إطلاقها سنة 2015 . ويتألف هذا المركز التابع لقطاع الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، من ممثلين عن القطاعات الوزارية المعنية بالإعاقة، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني وخبراء في المجال. وسيضطلع بمهمة تجميع وتحليل المعطيات المتعلقة بالإعاقة، وذلك في ضوء التوجهات الاستراتيجية الوطنية والالتزامات التعاقدية لبلادنا في هذا المجال”.
“لكن التساؤل الذي يطرح ، يقول التقرير ، هو حول منطق إحداث هذا المرصد قبل بداية الإعمال الفعلي للسياسة العمومية وإصدار النصوص التطبيقية للقانون الإطار رقم 97.13 . إذ في ظل هذه الظروف، قد يصبح المركز عبارة عن خلية
للرصد وسيبتعد بالتالي عن المهمة المناطة به، ألا وهي أن يشكل آلية للحكامة الجيدة”.
في السياق ذاته أشار التقرير إلى “البطء المسجل على مستوى ملاءمة النصوص القانونية الجاري بها العمل مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، اللَّذين صادق عليهما المغرب سنة 2009 . ويتعلق الأمر بتمدرس الأشخاص في وضعية إعاقة، علماً بأنه حق أساسي وغير قابل للتجزيء، والذي لم تصدر بَعْد نصوصه التطبيقية، مما يترك فراغا قانونيا في مجال منع التمييز في الولوج إلى المدرسة الذي يمكن أن يتعرض له الأطفال حاملو الإعاقة، سيَّما بالنسبة لذوي الإعاقة التي تتطلب بنيات استقبال ملائمة لوضعيتهم”. و”بخصوص مكافحة التمييز في حق الأشخاص ذوي الإعاقة في مجال التشغيل، فإن التدابير المنصوص عليها في القانون الإطار المشار إليه من أجل النهوض بتشغيل هذه الفئة لم تعرف أيّ تقدم يذكر “ينص هذا القانون على تخصيص نسبة مئوية من مناصب الشغل لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة في الوظيفة العمومية وكذا تحديد نسبة مئوية لهم في القطاع الخاص وفق إطار تعاقدي مع مقاولات هذا
القطاع”. كما لا توجد آليات مؤسساتية للتضامن الاجتماعي مع الأشخاص في وضعية إعاقة. ولا ينص القانون الإطار بخصوص هذه النقطة على أيّ آلية للدعم المادي “مساعدات إنسانية، دعم تقني…” لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، والذين يمكن أن يكونوا غير قادرين على التكفل بأنفسهم “فاقدي الاستقلالية” وأن يواجهوا
أعباء مالية مرتبطة بالإعاقة. وفي هذا الصدد، يجدر التذكير بتوصية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في رأيه رقم 15 / 2015 بشأن مشروع القانون الإطار المذكور والمتعلقة بإنشاء شبكات الأمان الاجتماعي لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم”. ولتحقيق هذا الغرض، دعا المجلس إلى “أن تعمل السلطات العمومية على تحسين حكامة صندوق دعم التماسك الاجتماعي وتوسيع نطاق تدخلاته ليشمل التعويض عن الإعاقة ومكافحة الهشاشة لدى الأشخاص ذوي الإعاقة، كما هو معمول به في العديد من دول العالم” .

 

بعد أن تم تغليب «البعد الكمي» طيلة 14 سنة
ضرورة استحضار «الأبعاد الاجتماعية» في مشاريع «السكن الاقتصادي»

 

«بعد 14 سنة من بدء تنفيذ سياسة السكن الاجتماعي ومحاربة مدن الصفيح، لا تزال الحاجيات في مجال السكن مهمة، حيث يقدر العجز ب 400000 وحدة سكنية، كما تبلغ الحاجة إلى وحدات جديدة « 130 ألف وحدة سنويا، بحسب ما جاء في نتائج البحث الوطني حول السكن المنجز سنة 2016 «. يقول التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، موضحا أنه «بموازاة ذلك، يتواصل تنفيذ ورش السكن الاجتماعي رغم التباطؤ العام الذي يشهده قطاع البناء. وفي هذا المضمار، جرى منذ سنة 2010 وحتى نهاية 2017 تم توقيع
1114 اتفاقية لبناء مساكن بقيمة 250 ألف درهم للوحدة. وتهم هذه الاتفاقيات بناء
نحو 600 ألف وحدة مع متم 2017 ، وقد تم الانتهاء من 366462 وحدة سكنية فيما توجد 221660 وحدة قيد الإنجاز. وبهذه الوتيرة، ومع متم سنة 2020 سيُمكن برنامج السكن الاجتماعي الخاص بالوحدات البالغة قيمتها المالية 250 ألف درهم من تجاوز الأهداف المسطرة بكثير « 300ألف وحدة سكنية في أفق 2020».
غيرأن قطاع السكن الاجتماعي يتسم بتمركز جغرافي كبير، حيث إن 70 في المائة من الوحدات السكنية التي تم بناؤها توجد في جهة الدار البيضاء – سطات. كما أن هذا القطاع الذي يتسم أيضا بهيمنة القطاع الخاص، الذي يستأثر ب 96 في المائة من الاتفاقيات الموقعة حتى متم 2017 ، لا يزال يستفيد من تحفيزات مهمة من لدن الدولة، وهي تحفيزات تأخذ شكل إعفاءات لفائدة المنعشين العقارين على الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات بالإضافة إلى تعبئة الوعاء العقاري المملوك للدولة لفائدة مشاريع السكن الاجتماعي. هكذا، ومنذ إطلاق البرنامج سنة 2010 وإلى نهاية 2017 ، بلغ المقابل المالي للمجهود الضريبي المبذول من قبل السلطات العمومية لفائدة البرنامج، 25.8 مليار درهم «.
وبخصوص برنامج المساكن ذات القيمة العقارية المخفضة، التي حُدد ثمنها في 140 ألف درهم، فإن حصيلته، حسب التقرير ، «تظل حصيلة متباينة. فعلى بعد سنتين من انتهاء هذا البرنامج الذي تم إطلاقه سنة 2008 ، لم يتم توقيع سوى
68 اتفاقية، تم في إطارها إلى متم 2017 إطلاق أوراش بناء 44239 وحدة سكنية. وقد جرى الانتهاء من
إنجاز 28549 وحدة، فيما توجد 9838 وحدة قيد الإنجاز. ونلاحظ وجود انخراط ضعيف في إنجاز هذا النوع من المساكن، مقارنة مع الهدف الذي تم تحديده في بناء 130 ألف وحدة مع نهاية سنة 2020 ، أي بنسبة إنجاز تبلغ 22 في المائة على بعد سنتين من انتهاء البرنامج.» و»يعزى هذا الأمر، وفق التقرير، إلى ضعف إقبال القطاع الخاص على هذا النوع من المنتوجات السكنية، على اعتبار أن 60 في المائة فقط من الاتفاقيات جرى توقيعها مع منعشين خواص، مقابل 96 في المائة بالنسبة لبرنامج الوحدات السكنية المحددة قيمتها في 250 ألف درهم».
و»في مجال مكافحة مدن الصفيح، مكنت الجهود المبذولة في إطار برنامج «مدن بدون صفيح » الذي تم إطلاقه
سنة 2004 من مواصلة عملية القضاء على هذه المساكن في العديد من مدن المملكة. ومنذ إطلاق البرنامج إلى متم سنة 2017 ، تم إعلان 58 مدينة «مدينة بدون صفيح »، كانت آخرها سطات، من أصل 85 مدينة مستهدفة».
وحسب التقرير، دائما ، فإن «قطاع السكن الاجتماعي مازال يعاني من العديد من الاختلالات المرتبطة أساسا بعدم وجود رؤية شمولية في مجال إعداد التراب، مما يُصعِّب من تنفيذ سياسة للسكن الاجتماعي تُدمِج في الوقت ذاته تطور حاجيات السكان في مجال السكن الاجتماعي والضغط الناجم عن الهجرة القروية والتوسع المستقبلي للمدن. وتنضاف إلى ذلك إشكالية العقار، سيَّما في المدن الكبرى، حيث تحتم ندرة العقار وارتفاع أسعاره إقامة مشاريع السكن الاجتماعي في ضواحي المدن الكبرى. كما أن منطق تقليص التكاليف وضعف آليات المراقبة وإنزال العقوبات عند ارتكاب المخالفات، بالإضافة إلى اللجوء إلى يد عاملة غير مؤهَّلة بالقدر الكافي ولا مؤطَّرة بشكل صحيح، كلها عوامل من شأنها أن تعيق تطبيق ضوابط البناء الجديدة المتعلقة بالنجاعة الطاقية ومقاومة الزلازل والحرائق».
ويرى التقرير أنه فضلا عن «تحسين ظروف سكن الأسر الفقيرة وذات الوضعية الهشة، ينبغي أن تعمل سياسة السكن الاجتماعي وسياسة المدينة بشكل عام، على النهوض بالإدماج الاجتماعي للمستفيدين وتعزيز التمازج الاجتماعي في المدينة. غير أن الملاحظ، أنه رغم كون عدد سكان مدن الصفيح انخفض بنسبة 20 في المائة بين سنتي 2004 و 2014 ، ففي الكثير من الحالات، سيَّما في المدن الكبرى، يتم بناء مشاريع إعادة الإسكان في ضواحي المدن،
أو يتم بناؤها في بعض الأحيان في الجماعات القروية المحيطة بالمدينة. ففي هذه المساكن الجديدة، المقامة في مناطق لا تتوفر على بنيات تحتية اجتماعية قادرة على استيعاب الطلب المحلي، وغير المرتبطة بشكل جيد بشبكة وسائل النقل العمومي والبعيدة عن مراكز النشاط الاقتصادي، يجد السكان الذين تمت إعادة إسكانهم في هذه المناطق أنفسهم إزاء شكل جديد من أشكال التهميش، يزيد من حدته إقصاء مزدوج : الاقصاء الاجتماعي بسبب الفقر الذي قد يتفاقم بسبب نقص فرص الشغل، وإقصاء مجالي ناتج عن البعد عن المركز الحضري حيث تتركز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن إعادة إسكان قاطني مدن الصفيح لم
تسمح بمنع إقامة مساكن جديدة من هذا النوع، كما يتضح من خلال نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنىلسنة 2014، حيث أبرزت نتائجه أن مدينة الدار البيضاء تضم 16 في المائة من مدن الصفيح التي تم إحداثها منذ أقل من 10 سنوات، تليها القنيطرة «6.9 في المائة». لذلك، ينبغي ألا تقتصر السياسة المعتمدة في هذا القطاع على أهداف كمية متعلقة بعدد الوحدات السكنية الواجب بناؤها، بل يجب أن تشمل أبعادا اجتماعية تهم التعليم والتنقل والاتصال، والثقافة، والصحة. وقبل هذا وذاك، توفير الفرص الاقتصادية. وبدون ذلك، فإن هذه الأحياء أو المدن الجديدة، ستوَلِّدُ إشكاليات إضافية مرتبطة بالإقصاء والتهميش الاجتماعي» .
وبخصوص السكن في الوسط القروي، توقف التقرير عند «غياب سياسة أو برنامج يهدفان إلى تحسين ولوج الساكنة القروية إلى السكن اللائق. ويُعزى هذا الأمر من جهة إلى الطابع المعقَّد لإشكالية السكن في العالم القروي ولاختلاف أنواعه، ومن جهة أخرى إلى عدم أخذ البُعْدِ الخاص بالوسط القروي بعين الاعتبار في برامج واستراتيجيات الفاعلين في قطاع السكنى». وفي هذا الصدد، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
في إحالته الذاتية حول موضوع «تنمية العالم القروي «بإعداد» سياسة حقيقية للسكن القروي، سيَّما من خلال وضع برامج جماعية لإعادة تأهيل السكن القروي وتعزيز السكن القروي الملائم لخصوصيات القرى المغربية، وتجنب تشويه المجالات الطبيعية، سيَّما في المناطق الجبيلة».


بتاريخ : 24/09/2018