وفي يوم عيد المرأة يغيب هلال نعيمة سميح

 

«غاب علي الهلال طال صبري والنوم يجافي» هي واحدة من القطع الغنائية الرائعة للراحلة نعيمة سميح، لعل كلماتها تنطبق على وضعها الصحي الذي تسبب لها في الكثير من الألم..
فقد طال صبرها فعلا مدة طويلة، وهي تكابد وتقاوم المرض بكبرياء، قبل أن تستسلم له صباح يوم السبت تزامنا مع عيد المرأة.
إن هذا الغياب لأيقونة الأغنية المغربية سيترك بدون شك فراغا في الوسط الفني، نظرا لمكانة الراحلة المتميزة عند الجماهير المغربية والعربية، باعتبارها واحدة من الفنانين الكبار الذين أنجبتهم الساحة الفنية في النصف الثاني من القرن العشرين، إلى جانب عدد من الأسماء المشهورة في الوطن العربي، حيث كان لها الفضل في إغناء الخزانة المغربية والعربية بمجموعة من الروائع كقطعة «ياك أجرحي» «أمري لله» «أحلى صورة» «البحارة» «على غفلة» «راح» «جاري يا جاري» وأغاني أخرى، ستجعل المطربة نعيمة سميح خالدة في ذاكرة وقلوب محبيها.
خلال مسار فني مليء بالابداع داخل وخارج الوطن، عرفت الفنانة نعيمة كيف تنسج خيوط الاحترام والمحبة الصادقة مع جمهورها، وعرفت كذلك كيف تحافظ على متانة واستمرارية تلك العلاقة لمدة عقود، وذلك بفضل شعبيتها، وبحة صوتها الساحر، وعفويتها، وابتعادها عن الأضواء المجانية وحب الظهور، وترفعها عن الخلافات والتشنجات مع زملائها الفنانين من مطربين وملحنين وكتاب كلمات..
للإشارة فإن حب تلك الجماهير العريضة للأيقونة نعيمة ليس حديث العهد، بل يعود إلى زمن السيعينات من القرن الماضي حين كانت في العشرين من عمرها، أي منذ ظهورها لأول مرة في برنامج «خميس الحظ» الذي كان ينشطه الإعلامي محمد البوعناني وكذلك في برنامج «مواهب» للفنان والإعلامي الراحل عبد النبي الجراري.
تلك البرامج كان لها الفضل في إبراز طاقات شابة ومواهب متفوقة في مجال الغناء كسميرة ينسعيد وعزيزة جلال والراحلة رجاء بلمليح، ومنذ اختفاء تلك البرامج تراجعت الأغنية المغربية ولم تعد كسابق عهدها، مما يستدعي تدخل القائمين على الشأن الفني والإعلامي للتفكير في إحداث قنوات تلفزيونية، أو على الأقل تخصيص برامح في القنوات الرسمية تذكر بما أنتجه المبدعون في وطنهم، وذلك من أجل ربط الماضي بالمستقبل وتمكين الجيل الحالي من الاطلاع على أسماء جديرة بالفخر والاعتزاز، رسمت مسارها الفني بمداد من ذهب.
وبما أن الموضوع يتعلق بشخصية طبعت الذاكرة الجماعية للمغاربة والعرب، وأمتعت الجميع بصوتها الناعم، فلابد من الاعتراف أنه كان هناك تقصير في مواكبة أخبارالفنانة الراحلة ولم يتم عرض أغانيها لا في القنوات ولا في الراديو سواء قبل أو بعد وفاتها، حتى في جنازتها لم يحضر سوى أربعة فنانين وعامل صاحب الجلالة على إقليم ابن سليمان، أما النقابة الوطنية للموسيقيين المغاربة فلم تحضر لتشييع جنازة الراحلة وكأن الأمر لا يعنيها.
رحم الله صاحبة رائعة «ياك أجرحي جريت وجريت حتا شي ما عزيتو فيك»
وداعا الأستاذة نعيمة سميح.


الكاتب : عبدالرحيم الراوي

  

بتاريخ : 12/03/2025