أصبحت ظاهرة الهدر المدرسي (غولا ) مخيفا داخل منظومتنا التعليمية، حيث تختلف أسبابها ومسبباتها، كما أن نسبة ارتفاعها وانخفاضها هي الأخرى تختلف من جهة لأخرى داخل التراب الوطني، وهناك من المتتبعين للشأن التعليمي التربوي من يعتبرها آفة خطيرة، مما يتطلب معها تكاثف الجهود للحد منها والقضاء عليها، في الوقت الذي نجد نسبها مازالت في الارتفاع، علما بأن هناك من يعتبر استمرارها هو نتيجة سياسة حكومات سابقة أدت إلى هذا الواقع المر.
وإذا كانت الأسباب مختلفة ومتنوعة فإن الضرر واحد، وهو ما يجعل المختصين ينبهون لخطورة الظاهرة، التي عملت الوزارة الوصية من موقعها على محاولة تطويقها ومواجهتها من خلال مجموعة من الإجراءات، كالمساهمة في توفير، أحد أسباب الانقطاع عن الدراسة، ويتعلق الأمر بالنقل المدرسي من خلال إشراك الجماعات الترابية أو جمعيات المجتمع المدني، على اعتبار أن النقل المدرسي من أهم مسببات الانقطاع عن الدراسة في العديد من المناطق، ثم هناك اجتهادات في مجالات أخرى كتوفير دور الطالبة، والاعتماد على مساهمات خارجية، كبعض المحسنين، أو تلك التي تدخل في إطار مشروع وزاري أو أكاديمي، إلى جانب الإطعام المدرسي وتوسيع عدد المستفيدين، لكن هذه الإجراءات تبقى محدودة لعدة اعتبارات، على رأسها أنها غير معممة وتحتاج لتمويل مادي مهم.
وعلاقة بالموضوع تعتبر أكاديمية جهة الدارالبيضاء سطات الأقل نسبة في الهدر المدرسي لاعتمادها استراتيجية خاصة تروم توفير ما يمكنه التشجيع على استمرار الدراسة في المناطق التي تعرف انتشار هذه الآفة. لكن عموما تبقى الأرقام الصادرة عن الجهات الوصية عن قطاع التربية والتعليم، أرقاما مزعجة للغاية، فهناك أسباب أخرى لا علاقة لها بالمدرسة أو المديرية أو الأكاديمية ولا حتى الوزارة الوصية، والتي تتعلق بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، مما يطرح سؤال إن كان ضعف القدرة الشرائية يساهم في الهدر المدرسي؟
سؤال عريض يحمل في طياته واقع مر، لشرائح من أبناء هذا الوطن العزيز، تم تناوله مؤخرا على أمواج إذاعة أصوات للزميلة (سهام محمادي) في نقل مباشر بمشاركة النائب الأول لرئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلامذة بالمغرب، ورئيس الفرع الجهوي لجهة الدارالبيضاء سطات، والفاعل الجمعوي والحقوقي (هشام )، والذي عرف مشاركة كبيرة للمواطنين الذين عبروا عن معاناتهم مع صعوبة العيش وظروف الحياة القاسية وكشفوا بدون مبالغة أسرار أزمتهم التي تؤثر بشكل مباشر على مسيرة أبنائهم الدراسية، في الوقت الذي تحطمت فيه أحلامهم بتوفير أجواء عادية وسط حياة كريمة، وفقا للعديد من المداخلات التي عرفها البرنامج، ومن ضمنها الظروف الجيدة لمتابعة لتعليم أطفالها.
وكشفت المكالمات الواردة من مواطنين يقطنون بمناطق نائية عن واقع مؤلم، حيث أشار عدد منها إلى ما تسبب فيه قرار إلغاء مبادرة مليون محفظة وتعويضها بدعم لا يتجاوز (200 ) درهم لتلاميذ المستوى الابتدائي، و(300) درهم للثانوي، وأكدت تدخلات العديد من الأمهات والآباء أن ضعف القدرة الشرائية يؤثر بشكل فضيع في مستوى العيش الكريم، وفي غالب الأحيان قد لا يتجاوز سد الرمق، ويكون التأثير المؤلم في جل المناسبات كالأعياد المختلفة وصولا إلى الدخول المدرسي ومسايرة الموسم الدراسي. وأشار متدخلون إلى هزالة المبلغ الممنوح، وإلى أن العديد من الأسر صرفت ذلك المبلغ في مجالات أخرى حين لم تجد ما تسد به واجب فاتورة الماء أو الكهرباء، أو أمر مباغت آخر، فبقي التلميذ أو التلميذة في العديد من المناطق دون كتب أو لوازم الدراسة؟
يعتبره عدد من المختصين آفة خطيرة ضعف القدرة الشرائية يزيد من معاناة الأسر ويرفع من مستويات الهدر المدرسي
الكاتب : محمد تامر
بتاريخ : 19/09/2024