يفنّد تصوراً مغلوطاً عن المغاربة «السحر والدين في شمال إفريقيا» في طبعة جديدة

 

عن دار النشر خطوط وظلال صدر حديثا كتاب»السحر والدين في شمال إفريقيا» لإدمون دوتي بترجمة فريد الزاهي.
وجاء على غلاف الكتاب:
حين وصف جاك بيرك هذا المصنف بأنه « كتاب عظيم « ، واعتبره « بحثا أوليا ، ومن أهم ما كتب إلى اليوم في هذا المجال في المغرب الكبير « ، كان يعرف الصعوبات العملية والموضوعية للبحث في أمور شائكة من قبيل هذه ، والتي خبرها بنفسه حين إقامته بالمغرب ودراساته العميقة للبنيات الاجتماعية في الأطلس الكبير . لهذا ألفيناه يصوغ بورتريها رائعا لصاحبه بقوله : « إنه ملاحظ نافذ ، ورحالة نبيه ، وباحث متفطن لتصحيح المعرفة عبر الخيال ، وجدت فيه الإثنولوجيا الإنجليزية والسوسيولوجيا الفرنسية نعم المطبق» . وما جعل بيرك يكيل المديح لدوتي هو أن الأعمال التي أنجزت قبله ، من مثل أعمال إدوار ويسترمارك وهنري باسي وإيميل لاووست عن المغرب ، لا تضاهي عمله لا من حيث طريقة وكثافة جمع المعلومات ، ولا من حيث طريقة العرض والتحليل ، وهما الأمران اللذان لم يتحققا إلا مع هذا « الكتاب العظيم « لدوتي .
.كانت الرحلات الست للمغرب التي قام بها إدموند دوتي كافية لجمع المادة العلمية للخوض باقتدار في تحرير الكتاب، وقد وصفته لوسيت فالنسي بأنه عالم موسوعي في مجال الأنثروبولوجيا الطبيعية وعلم المعادن، وعلم اللهجات، والسوسيولوجيا، إنه عصامي وموسوعي ويتمتع بموهبة كبيرة، ولا عجب فإن هذا الكتاب دائرة معارف عن السحر في علاقته بالدين، إنه يجيب عن أسئلة عابرة للزمن، وهو إن كان يختص جغرافياً بشمال إفريقيا؛ فإن مرجعياته تشمل العالم الإسلامي برمته.
يفنّد الكتاب تصوراً مغلوطاً لا يزال المغاربة ضحيته إلى اليوم منذ أن صاغت حكايات ألف ليلة وليلة أنموذج الإنسان المغربي باعتباره ساحراً، فالدرويش المغربي ظل في التصور المشرقي رديفاً للساحر. فإذا كانت الوثائق التي اعتمدها عن الرقيات والتمائم التي استقاها من المغرب الكبير، فإن المؤلفات التي يعتمدها كلها أو أغلبها مشرقية، ما يدل دلالة قاطعة على أن المصادر النظرية للسحر في شمال إفريقيا كانت ولا تزال مشرقية، وأن المغاربة حافظوا عليها بسبب انغلاق بلدانهم وأيضا بسبب تأخر دخول الحداثة إليها.
كتب دوتي في هذا الصدد مفسراً الأمر: «يكون السحرة عموماً أجانب غرباء، فلدى المسلمين في المشرق إن لم يكن الساحر يهودياً أو نصرانياً فهو من بلاد المغرب، ففي ألف ليلة وليلة يأتي السحرة دائماً من بلاد المغرب».
ولد إدموند دوتي (1867 – 1926) بفرنسا وأنهى دراسته بمدينة تقع على مقربة من ألمانيا، في علم المتاحف والعلوم الطبيعية ثم الآداب، وتابع دراسته بمدينة وهران، وتم تعيينه سنة 1898 أستاذاً للآداب بمدرسة تلمسان، وكلف بمهمة إنجاز قائمة المخطوطات العربية للمساجد الجزائرية، وبعدها مباشرة تم بعثه إلى المغرب لدراسة المناطق، التي لم تتصل بعد بالحداثة الأوروبية.
شغل كرسي التاريخ المعاصر للجزائر وعوض دروسه في اللغة بدروس تاريخ الحضارة الإسلامية في سنة 1905 وهي الدروس التي شكلت كتاب «السحر والدين في شمال إفريقيا» الذي كتبت عنه لوسي فالنسي: «إن العمل قاوم بشكل لافت مرور الزمن، وما زلنا نعود إليه للاستفادة» وكان الكاتب قد توفي في باريس سنة 1926 عن سن تناهز التاسعة والخمسين وهو يستعد لبدء إحدى رحلاته إلى المغرب.


بتاريخ : 31/10/2022