يوسف أمين العلمي يعيد إحياء والده من داخل رواية

احتضن فضاء المركب الثقافي الفرنسي بالدارالبيضاء، لقاء ثقافيا مع يوسف أمين العلمي، الكاتب المغربي المختص في الكتابة بالفرنسية، حول روايته الجديدة «لم يمت حتى»، وذلك مساء يوم الجمعة 28 شتنبر الماضي.
اللقاء الذي أدارته الإعلامية «ميلاني فريريش سيغلي»، تطرق لعدة مواضيع أثارتها الرواية، وأهمها علاقة الكاتب بالموت والحداد والفقدان والفراغ، وخاصة بوالده الذي فقده منذ 25 سنة .
وقد لفتت «ميلاني فريريش سيغلي» الانتباه، بشكل خاص، من خلال تحليلها للرواية، إلى النضج في الكتابة الذي اكتسبه الكاتب منذ كتابه الأول «مغربي في نيويورك» الذي صدر سنة 1998، وإلى الطريقة التي تعامل بها الكاتب في روايته الجديدة مع عدة معطيات حقيقية وأخرى تاريخية، حين استعمل «اللاواقع» في تناوله لعلاقته بوالده من أجل إعادة إحيائه، معتمدا على صورة قديمة تعود لسنة 1956، فضلا عن تركيز العلمي على موضوع الفراغ وكيفية ملئه.
كما استطاعت منشطة الحفل الثقافي، تارة من خلال الأسئلة التي طرحتها وأخرى من خلال قراءتها للنصوص أو من خلال تحليلها الشخصي للمؤلف، أن تدفع يوسف العلمي للبوح بأحاسيسه وبرأيه حول عدة مظاهر إنسانية عالمية والتعبير عن نظرته إليها، وكذا إماطة اللثام عن طقوسه في الكتابة، فضلا عن التصريح بمشاريعه الجديدة والمستقبلية.
من جهته، استسلم العلمي للبوح، وأجاب عن تساؤلات المنشطة حول عدة نقط، والتي كانت من بينها كتابته لروايته موضوع هذا اللقاء، حيث أكد أنها كانت حلما راوده منذ سنوات، مضيفا بأنه عندما تناول» الفراغ» في الرواية، فقد كان قصده إثارة السؤال حول الفراغ والطرق المختلفة التي يعتمدها كل شخص على حدة لملئه، وعن تبرير استعماله للاواقع في عدة مناسبات داخل الرواية ومن بينها سرده لأحداث 11 من شتنبر، أكد بأن الخيال كان دائما هو أساس الكتابة، فالشعراء والكتاب هم من خلقوا الخيال وما يسمى حاليا ب»العوالم الافتراضية»، وبخصوص « الموت»، فإن الكاتب يعتبر أن لها جوانب إيجابية أيضا، أولاها أن المتوفى تتوقف سنوات عمره عند حدود السن التي غادر فيها الحياة، وثانيها أنه يصبح بمنأى عن الشعور بالآلام المتولدة عن المآسي التي قد تقع بعد وفاته.
وعند طرح الجريدة لسؤال حول انطباعه بعد أن تم اقتباس نصوص روايته «الحب السايح» في مسرحية تحمل نفس الاسم من طرف «المسرح الرحال»، أوضح العلمي بأنه لم يتمكن من حضور أي من العروض التي قدمتها الفرقة بداية شهر شتنبر الماضي بالمجازر القديمة بمدينة الدارالبيضاء، لكونه كان خارج الوطن، لكنه يعرف جيدا طريقة اشتغال محمد الحسوني، مخرج العمل والمدير الفني للفرقة، حيث سبق وتعاملا مع بعضهما البعض قبل ذلك، من خلال نصين آخرين، الأول يتعلق بروايته التي كتبها بالدارجة بعنوان «تقرقيب الناب»، أما المرة الثانية فقد كانت دعوة لكتابة نص خلال مهرجان حول الماء بباريس، موحيا من خلال كلامه الى أنه يثق في مهنية الحسوني الذي راكم،على حد قوله، تجربة لمدة عشرين سنة في هذا المجال، مضيفا أنه من خلال لقاءاتهما، قبل الثلاثة أعمال الفنية التي جمعت بينهما، لم يتدخل يوما في عمل الحسوني أو أعطى أي رأي في الموضوع، بالرغم أن له نظرة فنية تسمح بذلك، وذلك لكونه يؤمن بفكرة راسخة مفادها أن لكلٍّ عمله، بحيث يكتفي عند كل اجتماع بينهما على الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها عليه المخرج لإلقاء الضوء على بعض النقط فقط.
اللقاء الثقافي الذي تحول تدريجيا إلى جلسة أدبية تفاعلية ما بين يوسف أمين العلمي والحضور، كان مناسبة لكي يعلن فيها الكاتب عن مشاريعه الجديدة، إذ صرح بأنه يعمل حاليا على رواية من المنتظر صدورها في غضون السنة المقبلة، مضيفا أن النسخة العربية المترجمة لروايته الأخيرة، هي في طور الإنجازات الأخيرة. وختم اللقاء بحفل تم فيه توقيع وإهداء الروائي يوسف أمين العلمي للعديد من مؤلفاته.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 09/10/2018