بقلوب يملأها الألم والحسرة، مؤمنة بق
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
»يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.»
بقلوب يملؤها الألم والحسرة، مؤمنة بقضاء الله وقدره، ينعي المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المناضل والمقاوم الوطني، والمعارض التقدمي، محمد الفقيه الفكيكي بوراس، عن عمر يناهز 93 سنة، وقد ووري جثمانه الثرى أمس الأحد بمقبرة تارودانت حيث وافته المنية .
وشاءت أقدار الله، أن يغادرنا الفقيه، في ذكرى 67 لثورة الملك والشعب، والتي اندلعت في سنة 1953 على إثر نفي المغفور له محمد الخامس، وهي السنة التي التحق فيها الفقيد بأنوية المقاومة والكفاح المسلح.
فالفقيه الفكيكي بوراس من مواليد فجيج في 1927، من الرعيل الأول، الذي قاده مساره الدراسي من جامعة ابن يوسف بمراكش، التي تعلم فها التنظيم الوطني والبناء الكفاحي لأنوية المقاومة وجيش التحرير…
وهناك التقى بالفقيه البصري وبعدد من الوجوه الوطنية المقاومة ومنهم الفقيد عبد الله إبراهيم والفقيد الوطني الكبير السي عمر المتوكل الساحلي رحم الله الجميع، وقد كان ذلك سببا في إبعاده عن مراكش في مواجهة مع الباشا الكلاوي الشهير بتبعيته للاستعمار، وعدائه للمقاومين والوطنيين، حيث قاده قدره الكفاحي إلى جامعة القرويين.
وقد عرف عن الفقيه الفجيجي التحاقه بالمقاومة وجيش التحرير وهو في ريعان شبابه.
والفقيه من الوطنيين الذين ربطوا الالتزام بالفعل، والنظرية بالممارسة، وقد عاقبه الاستعمار الفرنسي، على ما اقترفه قلبه من حب وطني، حيث سجن في سنة 1955، قبل أن ينجح، بعد سنة من تاريخ اعتقاله، في الفرار من سجنه والالتحاق بالنضال في الهواء الحر.. وكان من رفاقه في مغامرة الحرية المناضل صاحب القبرين الفقيد الكبير محمد منصور.
وكان الفقيه الفكيكي المسؤول عن قيادة جيش التحرير بالجهة الشرقية، وهو الالتزام الذي ربط فيه بين المسؤولية العسكرية والمسؤولية السياسية، التي كان أهم تمظهراتها تواجده كعضو في اللجنة السياسية لحزب الاستقلال إلى جانب قادة سياسيين في الحركة الوطنية .
ونستحضر تلك الفترة العصيبة على الحدود في المنطقة الشرقية، بوجود الجيوش الاستعمارية وقوات جبهة التحرير الوطني الجزائري، حيث كان عليه أن يساهم في ضبط كل تلك التوترات على الحدود.
قضى الفقيه الفكيكي عقدين من الزمن في المنفى بعد أن كان قد غادر بلاده مضطرا في ستينيات القرن الماضي، متنقلا بين باريس ويوغوسلافيا وألمانيا والجزائر ثم دمشق حيث استقر ردحا من الزمن، وعاد إلى بلده بعد عفو ملكي شامل في 1980، كان قد شمل الكثيرين من قادة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير…
واستأنف نضاله ضمن صفوف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وبعد المحنة التي امتحن فيها الاتحاد على إثر اعتقالات 1981، بقي مرابطا في صفوف حزبه، ودخوله مع ترتيبات المؤتمر الرابع للاتحاد حيث انتخبه إخوته في اللجنة الإدارية للحزب في 1984…
ظل الفقيد من كبار رجالات الاتحاد المخلصين، وهو بكل تاريخه المشرف والثري، حافظ على علاقات طيبة مع جميع قياداته، ومناضليه، حتى عندما يختلفون على كل شيء، يتفقون على صلابة شخصيته وعلى أخلاقه النضالية وعلى قدرته على التمسك بالأساسي والثابت.
وكذلك كان سلوكه دوما حتى وافته المنية راضيا مرضيا، بعد أن جعل من حياته نموذجا للوطنية الصادقة والكفاح المتجرد والعلو والسمو الاخلاقيين.
رحم الله القائد والمناضل محمد بوارس الفقيه الفكيكي، وتعازينا لأهله وأسرته ولأصهاره ولأبنائه جمال وعبد الحميد ومحمد، راجين من العلي القدير أن يلهمهم الصبر والسلوان ويسكن الفقيد فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا
وإنا لله وإنا إليه راجعون…