قصص قصيرة جدا..

 

طريق

عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ تَعْرِضُ الصَّغِيرَةُ شَطَائِرَ الْكَاكَاو كُلَّ أَحَدٍ ،لاَ يُفَارِقُهَا الْقَلَمُ وَ الْمِحْفَظَةُ ، تَدُسُّ رَأْسَهَا بَيْنَ الأوراق،تَبْحَثُ دَائِمًا عَنْ حَلٍّ لِمُعَادَلَةٍ اسْتَعْصَتْ عَلَى مُعَلِّمِ الرِّيَاضِيَاتِ.
عَيْنُ الْجَوَابِ
بَعْدَ زَوَاجِهِمَا عَنْ حُبٍّ أَيْنَعَ مَرَّتَيْنِ ..ذَاتَ رَبِيعٍ قَرِيبٍ سَأَلَتْهُ حِينَ كَانَ يُطَالِعُ أَلْبُومَ الصُّوَرِ:
أَمَا زِلْتَ تُحِبُّنِي مِثْلَمَا كُنَّا فِي حَدَاثَتِنَا؟
أَعَادَ الْأَلْبُومَ إِلَى مَوْضِعِهِ دَاخِلَ الْجَارُورِ . اِكْتَفَى- دُونَ حَرَاكٍ بِالنَّظَرِ إِلَى الصُّورَةِ الْحَقِيقِيَّةِ.

كياسة

لِكَثْرَةِ أَحْلاَمِهِ ، حِينَ تَوَسَّدَ كَفَّيْهِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَاسْتَلْقَى عَلَى وِسَادَتِهِ الْوَرْدِيَّةِ . دَسَّ سِكِّينَةً حَادَّةً تَحْتَهَا.

وجهة بصر

ذَهَبَ الْكَلْبُ يَلْهَثُ كَعَادَتِهِ إِلَى السوق الشعبي. وصل باكرا، قصد رحبة أشباه الجزارين، بخطى وئيدة كان يتمشى، حين أبصر لحم أخيه، بلع لعابه وعاد بخفيه.

وُجُوهٌ

عَادَ كَالنَّاسِكِ إِلَى عُزْلَتِهِ، اِرْتَمَى فِي دَهَالِيزِ الْوَحْدَةِ، أَغْلَقَ بَابَهُ بِإِحْكَامٍ، فَتَحَ لَهُ آخَرَ فِي خَيَالِهِ يُطِلُّ عَلَى الْقَمَرِ. وَجَدَ وُجُوهًا جَدِيدَةً بِأَقْنِعَةٍ فَائِقَةِ الْمُرُونَةِ !

وَجْهُ السَّمَاءِ

فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ قَمْرَاءَ، اِقْتَعَدَتْ وَطِفْلَتَهَا صُخُورَ الْبَحْرِ الْمُسَنَّنَةَ ، لِوَحْدِهِمَا كَانَتَا تَنْتَظِرَانِ أَوْبَةَ الْأَبِ مِنْ سَفَرِهِ الْأَخِيرِ، الْأُمُّ مُؤْمِنَةٌ بِسِفْرِ غِيَابِهِ؛ كُلَّمَا اخْتَفَى الْقَمَرُ بَيْنَ السَّحَابِ ،.تُوَجِّهُ سَاعِدَ فِلْذَةِ كَبِدِهَا إِلَى الْأَعْلَى..، حَتَّى أَلِفَتِ الصَّغِيرَةُ النَّظَرَ فِي وَجْهِ السَّمَاءِ.

قُبَّعَةٌ وَرَتَابَةٌ

اِنْصَرَفَ مِنَ الْعَمَلِ.فِي طَرِيقِ عَوْدَتِهِ ،كَيْ لاَ يَشْعُرَ بِالرَّتَابَةِ أَطْلَقَ خَيَالَهُ لِلرِّيحِ، حَلَّقَ طَوِيلاً حَتَّى حَطَّ فَوْقَ جِذْعِ شَجَرَةٍ يَابِسٍ.تَحَسَّسَ قُبَّعَتَهُ فَوْقَ رَأْسِهِ ،لَمْ يَجِدْ لَهَا أَثَرًا، تَذَكَّرَ أَنَّهُ وَضَعَهَا فَوْقَ مَكْتَبِهِ حِينَ هَمَّ بِالْخُرُوجِ.

دَمُ الْحِمَارِ

كُنَّا نَجْتَمِعُ كُلَّ مَصِيفٍ بِمُرْتَفَعِ يُطِلُّ عَلَى الْقَرْيَةِ تَحْتَ كَرْمَةِ تِينٍ شَامِخَةٍ ،نَلْتَفُّ حَوْلَ جِذْعِهَا، نُحِيطُ بِهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ،نَسْتَظِلُ بِظِلِّهَا الْوَارِفِ..وَكُلَّمَا فَكَّرْنَا بِالرَّوَاحِ يَضْطَرُّ بَعْضُنَا إِلَى تَسَلُّقِهَا..كَانَ طَعْمُ ثِمَارِهَا لَذِيذًا ،لاَ أَعْلَمُ لِمَاذَا كَانَتِ تُنْعَتُ بِ «دَمِ الْحِمَارِ».
ذَاتَ صَيْفٍ قَرِيبٍ ذَهَبْتُ إِلَى زِيَارَتِهَا ،كُنْتُ أَبْغِي أَخْذَ صُورَةٍ لِلذِّكْرَى مَعَ الْأَصْدِقَاءِ تَحْتَهَا أَوْ فَوْقَهَا..عِنْدَمَا وَصَلْتُ إِلَى عَيْنِ الْمَكَانِ وَجَدْتُهُ قَدْ تَغَيَّرَ تَمَامًا ؛لَمْ يَعُدْ لِلْكَرْمَةِ وُجُودٌ..اِجْتُثَّتْ..كَذَلِكَ الْأَصْدِقَاءُ لَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُمْ ،قِيلَ لِي هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ.


الكاتب : بوشعيب العصبي

  

بتاريخ : 19/10/2018