أفلام غيرت العالم 14 – V FOR VENDETTA

هناك تعريف شائع يقول بأن السينما هي إعادة ترتيب الوعي في عقول الجمهور، فالسينما ليست فقط مرآة تعكس ما يجري في المجتمع بل أيضا أداة لإعادة تشكيل المجتمع.
فإذا كانت السينما، ككل الفنون، أداة للتعبير عن رؤية معينة اتجاه الواقع، إلا أن تأثيرها على الناس أقوى من كل أدوات التعبير الفنية الأخرى، حيث استطاعت، منذ ظهورها، أن تشكل قوة مؤثرة في الرأي العام، قوة قادرة على تكوين أو المساهمة في تكوين رؤية مشاهديها لهذا العالم وأن تؤثر بشكل ملحوظ في تغيير نظرتنا للواقع بمختلف تجلياته.
ضمن هذا الاتجاه تميزت أفلام عديدة، بكون تأثيرها كان أقوى من غيرها حيث انها كذلك قادت إلى تغيير قوانين، سياسات، سلوكيات وأفكار، كان العديد منها يعتبر من المسلمات، وبذلك تتضح القدرة الفائقة للسينما على تغيير الواقع والوعي الإنساني.
في هذه السلسلة مجموعة من الأفلام التي، بفضل جرأتها، ثرائها الفني وعمقها الإنساني، استطاعت أن تساهم بشكل كبير في تغيير العالم إلى الأفضل.

 

يتذكر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل حوالي عقد ونصف حركة ” الأنونيموس” التي ظهرت عبر العديد من الصفحات بالقناع الشهير لأعضائها والتي كانت تناهض الفساد وتهاجم العديد من المؤسسات والحكومات.
استلهمت هذه الحركة القناع والتوجهات من فيلم V FOR VENDETTA ، للمخرج البريطاني “جيمس ما تيغ” وبطولة “ناتالي بورطمان”، “هوغو ويفين” و”ستيفن ريا” والذي أنتج سنة 2005، وألهم هذه الحركة والعديد من النشطاء المناهضين للتسلط والدكتاتورية والفساد.
والحقيقة فإن فيلم “V FOR VENDETTA” اثار الكثير من النقاش فور ظهوره، وانقسمت حوله الأراء بين مؤيد ومعارض، مؤيد لمضمونه الثوري المناهض للأنظمة الشمولية والدعوة إلى مواجهتها، ومعارض للأسلوب الذي لجأ إليه بطل الفيلم، التفجيرات، والذي اعتبر دعوة إلى تبني العنف والإرهاب كسبيل إلى التغيير عوض المواجهة السلمية، لكن رغم حدة هذا الإختلاف في تقييم الفيلم، إلا أن الكل أجمع على أنه من نوعية الأفلام التي لا يمكن تجاهل تأثيرها في الرأي العام العالمي.
الفيلم هو من نوع الخيال العلمي، حيث ينقلنا إلى سنة 2038، في هذا الوقت تعيش بريطانيا في ظل حكم شمولي يحكمها حزب يميني عنصري ومتطرف، يقوده ” المستشار آدم سانتلر” الذي استغل حالة الفوضى التي سادت بعد ” الحرب العالمية الثالثة” ليستولي على السلطة ويحكم بالحديد والنار، مرتكزا على العديد من أجهزة الأمن القمعية، التي تراقب الجميع وتعتقل وتعذب كل مخالف للرأي، بالإضافة إلى جهاز إعلامي رسمي ووحيد، مهمته غسل الأدمغة ونشر الأكاذيب لترسيخ سلطة الحاكم الدكتاتور وتبرير أفعاله.
في ظل هذه الظروف يظهر رجل مقنع، يستلهم سيرة ” جاي فوكس” الذي ثار قبل قرون على الظلم والقمع قبل أن يعتقل ويعدم، ويحاول هذا الرجل الذي يشير اليه الفيلم باسم V ، الحرف الأول من كلمة الانتقام، إيقاظ المواطنين وحثهم على الثورة على النظام الشمولي، ويقوم بعدة تفجيرات للانتقام من هذا النظام ، وجعل القناع رمزا للثورة، حيث سيرتديه الجميع في نهاية الفيلم كرمز لانتصار الفكرة التي آمن بها.
وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، خلف الفيلم الكثير من الجدل، ففكرة اللجوء إلى العنف، كوسيلة للتغيير، لا يتقاسمها الكثيرون، لكن المضمون المثمتل في الدعوة إلى مواجهة الأنظمة الشمولية لاقت الكثير من التجاوب، فظهرت حركات تستلهم قناع بطل الفيلم وغزت العالم مباشرة بعد ظهوره، وقلدها العديد من النشطاء في مختلف الدول، بغض النظر عن المنطلقات والاهداف، مما يؤكد التأثير الكبير الذي مارسه الفيلم على الناس ومساهمته في تشكيل وعي الكثير من النشطاء والمعارضين.


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 11/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *