أحمد عيداني لـ «الإتحاد الاشتراكي»: تعتبر غير قادرة على حماية حقوق هذه الفئة : تكريس المساواة يتطلب تطويرا أكبر للقوانين المتعلقة بالإعاقة وتضمينا أوسع في السياسات العمومية

يحتفل العالم في الثالث من دجنبر من كل سنة باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، وهو الحدث الذي يعتبره أغلب المعنيات والمعنيين وأسرهم، مناسبة وفرصة لإذكاء الوعي بقضايا الإعاقة، وتعزيز الدعم لتحقيق المشاركة الاجتماعية والمساواة،كما يشكل مناسبة لجميع الوسائط، للفت الانتباه للتهميش التي تعيشه لهذه الفئة من الناس.
وأوضح في هذا الصدد، أحمد عيداني، رئيس جمعية الحمامة البيضاء لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، والخبير في مجال الحقوق الإنسانية للأشخاص في وضعية إعاقة، والعضو السابق في اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بطنجة، والعضو المؤسس لمجموعة من التحالفات والشبكات، الذي له إسهامات عديدة في مجال الترافع ومناصرة الشأن العام الدامج والتنمية المحلية، ( أوضح) في حوار مع جريدة الإتحاد الاشتراكي «أن الاحتفاء بهذا اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، يشكّل مناسبة لتسليط الضوء على أهمية الزيادة والرفع من تعزيز الجهود الجماعية لضمان الحقوق الأساسية، ومدى الالتزام بآلياتها التنفيذية لتوفير الخدمات الأساسية والحماية الصحية والاجتماعية والتعليم والفرص الاجتماعية والثقافية للأشخاص ذوي الإعاقة، بهدف ضمان مشاركتهم وتمتين قدراتهم كفاعلين في الدورة الاقتصادية والاجتماعية».
وأبرز المتحدث في لقاء بالجريدة «أن المغرب وبعد أزيد من 14 سنة، وبعد البحث في سياساته العمومية، أو بالأحرى كمترقب لآثار إيجابية لتغيير المفترض على واقع حال حياة الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، فإن الخلاصة الأولى التي تومئ اليوم هي ضعف اشتغال المشرع المغربي على تطوير التشريع في هذا المجال لأزيد من عشر سنوات، وضعف ترجمة السلط التنفيذية والجماعات الترابية الماثل من النصوص، واجتهادها في إعمال وابتكار آليات لتنفيذ وإبداع مبادرات رائدة، ومحدوديتها في تقصير الهوة بين النص الفقير والتنفيذ، والحزم في نية فعلية الحقوق المعترف بها دوليا لهذه الفئة بعد، خاصة بمصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة في أبريل 2009».
وارتباطا بأهمية القانون الإطار رقم 97.13، المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، أشار أحمد عيداني إلى «أنه باستثناء القانون الأسمى وهو الدستور المغربي لسنة 2011، سواء من خلال الفصول التي تهم الحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين، أو من خلال الفصول والمواد خاصة كالديباجة التي تؤكد على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز على أساس الإعاقة وغيرها، والمادة 34 التي تلزم جميع صناع السياسات العمومية بإدماج الإعاقة في مخططاتهم. فإننا نجد في المرتبة الثانية القانون الإطار رقم 97.13، إذ ورغم الجدل الذي صاحب صدوره، فإن أهميته تكمن في كونه يحدد المبادئ والأهداف العامة للسياسات والبرامج في مجال الإعاقة، ويحدد الإطار العام لتنفيذها، إلا أن التخوف من التماطل في استصدار هذه القوانين كان في محله، فمند عشر سنوات، وفي ظل ثلاث حكومات، لم يصدر ولا قانون من الـ 11 قانونا تنظيميا موعودا».
وبخصوص القوانين العامة المؤطرة لوضعية هاته الفئة، اعتبر عيداني أن بعضها تناول الإعاقة، بمفاهيم الخرافة أو بمقاربات فردية (طبية في أحسن تقدير)، التي تبقى غير قادرة على حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، باستثناء مدونة الشغل التي تشمل بعض الحقوق للعمال بعد تواجدهم في وضعيات إعاقة، والتي تضمن مثلا عدم طردهم، وتكييف مناصب الشغل وفق الوضعيات الخاصة. بالمقابل نجد مثلا في مدونة الأسرة مفاهيم تمس بالكرامة، من قبيل المعتوه، والمجنون، وغيرها من المسميات، الواردة في المواد 213 و216 و220 و228 و233 و279؛ واعتبارها أن الإعاقة، حالة مرضية أو عيب، المواد 11، و23، و65، وكذا الإقصاء من الحق في الأهلية القانونية، ولاسيما أهلية الأداء، من قبيل الإرادة في الزواج أو بناء أسرة ؛ ولاسيما ما تنص عليه مواد الكتاب الرابع المتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية القسم الأول: الأهلية وأسباب الحجر وتصرفات المحجور، الباب الأول المتعلق بالأهلية والباب الثاني المتعلق بأسباب الحجر وإجراءات تثبيته والباب الثالث تصرفات المحجور، الشيء الذي يخالف مبادئ وقواعد الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة، والتعليق الصادر عن اللجنة المعنية بتنفيذ الاتفاقية التي أوصت المغرب بإلغاء ما ورد في مدونة الأسرة وفي قوانين أخرى من أحكام تقيد الأهلية القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة، ولا سيما الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية – الاجتماعية و/أو العقلية.
ويؤكد عيداني، أنه يجب استحداث وتطوير آليات لتقديم الدعم للأشخاص ذوي الإعاقة في اتخاذ القرارات، تحترم استقلاليتهم وحقوقهم وإرادتهم وأفضلياتهم في جميع مجالات الحياة، وهو ما يعتبر بحسبه أساسيا، فضلا عن تصميم برامج ترمي إلى بناء قدرات الموظفين العموميين فيما يتعلق بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاعتراف بهم على قدم المساواة مع الآخرين أمام القانون، وتطبيق نظام تقديم الدعم في اتخاذ القرارات، وإلى إذكاء الوعي في أوساط الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم والمجتمع بهذا الشأن. وخلص الخبير في المجال الحقوقي الذي يهم الأشخاص ذوي الإعاقات في لقاءه بـ «الاتحاد الاشتراكي»، إلى «أنه بدون الغوص في تحليل النصوص القانونية الأخرى كالقانون الجنائي والقانون المدني وقانون الولوج للمعلومة…، وبالاقتصار على جزء من الترسانة القانونية الوطنية، وبدون تفكيك باقي السياسات العمومية من استراتيجية بعض القطاعات، ومخططات وبرامج، فإنه يجب على المغرب ملائمة جميع القوانين الداخلية، كمسؤولية أخلاقية وإنسانية لصون كرامة مواطناته ومواطنيه من ذوي الإعاقة»، مشددا على «دور القضاء في الرقي وضمان الحقوق دون التفكير في آليات البرتوكول الاختياري، في ظل ارتفاع وعي المعنيين والمعنيات بحقوقهم»، مشيرا كيف أن «الاجتهاد القضائي المغربي أنصف الأشخاص في وضعية إعاقة عند اللجوء إليه والاحتماء به».


الكاتب : مكتب تطوان: عبد المالك الحطري

  

بتاريخ : 05/12/2023