أزواج بين تعذر الإنجاب وقيود وتبعات الكفالة

أكد عدد من الأزواج الذين تعذر عليهم الإنجاب في شهاداتهم للجريدة أنهم عانوا كثيرا، ماديا ومعنويا، وهم يطرقون الأبواب بحثا عن وسيلة طبية وعلمية تمكنهم من بلوغ حلمهم، ولما تعذر عليهم تحقيق مبتغاهم، اتجهوا بعد طول تفكير نحو التكفل بطفل متخلى عنه، يقاسمونه مشاعر الحب ويحتضنونه ليشعرونه ويشعرهم بدوره بدفء الأسرة، لكنهم وجدوا أنفسهم في دوامة جديدة، قبلية وأخرى بعدية، بتبعات نفسية متعددة.
وأوضح عدد من الأزواج أن مسطرة التكفل تتطلب نفسا طويلا، بالنظر لتعدد المتدخلين وللشروط التي تفرضها، مبرزين أن قطع كل المراحل المطلوبة والحصول على حق الكفالة، وبالتالي احتضان طفل أو طفلة، قد لا يكون عنوانا على نهاية سعيدة، بالنظر إلى أن العديد من المتكفلين بأطفال وبعد سنوات من تقاسم الحب ومن الارتباط العاطفي والوجداني، وجدوا أنفسهم أمام قرار يقضي بانتزاع الطفل المتكفل به منهم، لأسباب متعددة، على رأسها اعتراف الأب الذي قد يكون تملص من مسؤوليته ومن الإقرار بأبوته سابقا، أو بفعل مطالبة الأم البيولوجية بابنها الذي كانت قد تخلت عنه في سياقات مختلفة، مما يجعل الأزواج المتكفلين يعيشون محنة أخرى تكون دائرة الألم فيها أكثر اتساعا.
وأكدت عزيزة غلام، رئيسة جمعية الحالمين بالأمومة والأبوة في تصريح للاتحاد الاشتراكي، أن هذه الوضعية تتطلب إعادة النظر في قانون الكفالة، من حيث توفير آليات تحفظ حقوق الأطفال في معرفة أصولهم البيولوجية، وتضمن في نفس الوقت كذلك حماية حقوق الأسرة المتكفلة عند عودة الأسرة البيولوجية. وأوضحت الفاعلة المدنية أن هذا الأمر يعتبر صعبا جدا، لكنه يتطلب فتح نقاش شجاع بمشاركة جميع الأطراف المتدخلة، من المشرع والقانونيين والمعنيين بحقوق الطفل والإنسان بشكل عام.
ودعت غلام إلى ضرورة توفير آليات وحلول وسط إلى جانب العمل على نشر التوعية المجتمعية حول أمرين أساسيين، ويتعلق الأمر الأول بحماية الأطفال من الإهمال، في بادئ الأمر، عبر توفير آلية الاقرار بالبنوة من خلال اللجوء إلى الحمض النووي، بالنسبة للأطفال الذين يولدون في ظل غياب عقد الزواج لكي تتم حماية حقهم في النسب وحمايتهم من الإهمال. ثم توعية الأسر المتكفّلة ثانيا، حين تجري مسطرة الكفالة بناء على صدور حكم الإهمال، بأن إمكانية عودة الأسرة البيولوجية تظل واردة دائما، وإعدادهم نفسيا واجتماعيا لذلك. وشددت المتحدثة على أنه بالموازاة مع ذلك يجب توضيح أن الكفالة كعملية قانونية، تترتب عنها علاقات اجتماعية وروابط عاطفية التي تجمع الأسرة المتكفلة بالطفل، وبالتالي يجب أن يكون المشرّع في مستوى عال من القدرة على التوفيق بين حقوق الآخرين دون المساس بحق الطفل، خصوصا إذا كان في سنّ قبل التمييز.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 02/06/2022