أسئلة العدالة الصحية المجالية ترافق وفاة رضيعة ورزازات بعد ابتلاعها لقطعة نقدية وتعثر إنقاذها

طاف بها والداها 3 مستشفيات قبل نقلها إلى الدارالبيضاء لكن بعد «فوات الأوان»

أقدمت مصالح مندوبية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في ورزازات على إعفاء ممرض رئيس يعمل بمستشفى «بوكافر» من مهامه بشكل مؤقت، وفقا لتأكيد مصدر مسؤول لـ «الاتحاد الاشتراكي»، في خطوة هي الأولى ضمن مسار البحث الذي تمت مباشرته، والذي من المفترض أن يفضي إلى اتخاذ قرارات حقيقية تمكّن بالأساس من ضمان تدبير عقلاني للشأن الصحي بالمنطقة يسهم في تقديم الخدمات الصحية المختلفة على النحو المطلوب، ويؤدي إلى إنقاذ أرواح المواطنين من مختلف الفئات العمرية، الذي يكونون في حاجة إلى تدخل طبي بالمؤسسات الاستشفائية المتواجدة بالمنطقة، عوض أن يجدوا أنفسهم في وضعية تيه وإحالات على مرافق صحية أخرى بداعي «العجز»، مما قد يعرّضهم لتبعات وخيمة، قد تصل إلى حد الوفاة، كما وقع بالنسبة للرضيعة «إسراء» التي فارقت الحياة بعد أن طاف بها والداها مجموعة من المستشفيات انطلاقا من ورزازات مرورا بمراكش وصولا إلى الدارالبيضاء.
التحقيق الذي فُتح محلّيا في ورزازات، والذي ينتظر المتتبعون للشأن الصحي أن يكون تحقيقا شاملا وأن يحظى باهتمام مركزي، تترتب عنه الجزاءات الحقيقية، جاء بعد تداول التفاصيل المؤلمة التي عاشتها صغيرة لم يتجاوز عمرها 13 شهرا، التي ابتلعت في غفلة من أهلها قطعة نقدية من فئة 10 سنتيمات، فحملها والدها ووالدتها على إثر ذلك صوب المستشفى الإقليمي سيدي حساين بناصر بورزازات، ثم إلى مستشفى «بوكافر»، فمستشفى محمد السادس في مراكش، ثم إلى مستشفى 20 غشت في الدارالبيضاء، وهو التنقل الذي لم يطبعه عنصر الاستعجال، بل عرف تعثرا كبيرا بفعل ورقة الانتظار التي كانت تُشهر في وجه الوالدين عند كل محطة، قبل أن تتم دعوتهما لاحقا للبحث عن وجهة صحية أخرى.
تعثر كان من الممكن تفاديه منذ البداية، في حال تعذر القيام بالتدخل الاستعجالي المطلوب في مستشفى من المستشفيات، بسبب غياب المختص في التخدير أو الوسائل التقنية التي تتطلبها الحالة، أو تحت أي مبرر من المبررات، وأن يتم نقل الصغيرة بشكل سريع وعلى متن وسيلة إسعاف، سيارة كانت أو طائرة هيليكوبتر، نحو الوجهة التي يمكنها أن تتكفل بها بشكل سريع يمكّن من إنقاذ حياتها، لكن للأسف لم يتم القيام بذلك، وظل «التلكؤ» عنوانا لكل التنقلات التي قام بها الأب والأم مع فلذة كبدهما، وفقا لتصريحات والد الرضيعة التي ظلت تقاوم محرومة من الرضاعة ومن تنفّس طبيعي وزادت لحظات معاناتها، الساعة تلو الساعة.
واقعة، تطرح مرّة أخرى أسئلة العدالة الصحية المجالية، ومدى قدرة المؤسسات الاستشفائية في مناطق مختلفة من تراب المملكة على التعامل مع الحالات الاستعجالية في وقت زمني معقول، من خلال توفرها على الأطر المختصة والتقنيات الضرورية، بالنظر إلى أن الرضيعة إسراء، التي لبّت نداء بارئها، أمكن التدخل فعلا لإزالة القطعة النقدية من حلقها في مصالح مستشفى 20 غشت، لكن بعد طول تأخير وعقب «رحلة الألم» التي عاشتها مع والديها، إذ أثرت المضاعفات على جهازها التنفسي قبل وصولها إلى الدارالبيضاء مما عجّل، وبكل أسف، برحيلها النهائي، وهو نفس الوضع الذي يمكن أن يتعرض له الكثير من الأشخاص، صغارا وكبارا، في حالات مماثلة، أو نتيجة للسعة عقرب أو لدغة أفعى أو عضة حيوان مسعور أو غيرها من الحوادث، التي يتعين معها وفي ظل الورش الصحي الكبير المفتوح، أن تصبح الوحدات الصحية الترابية على مستوى الجهات، قادرة حقا على تقديم خدمات صحية في المستوى، لكل من هم في حاجة إليها، وأن يتم الارتقاء بالسلوك الفردي لبعض مهنيي الصحة، للقطع مع مثل هاته الحوادث المؤلمة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 06/06/2023