أسر تلتجئ لـ «الديشي» من أجل إعداد موائد الأكل بسبب الغلاء المتواصل لأسعار الخضراوات

باعتها يسجلون انتشار مشاهد وممارسات مسيئة ومؤلمة في الأسواق خلال الأسابيع الأخيرة

 

عرفت العديد من أسواق الخضر والفواكه في مجموعة من الأحياء، كما هو الحال بالنسبة للدارالبيضاء، وتحديدا في أحياء شعبية كتلك التي تتواجد بتراب درب السلطان، إقبالا كبيرا خلال الأسابيع الأخيرة على اقتناء ما يعرف بـ «الديشي»، ويتعلّق الأمر بأنواع مختلفة من الخضر التي افتقدت لطراوتها وأصاب أجزاء منها التلف أو تعرضت للكسر و «التشوه»، سواء داخل الصناديق أثناء تحميلها من سوق الجملة أو خلال عمليات تفريغها.
وأكد عدد من باعة الخضراوات، الذين التقتهم «الاتحاد الاشتراكي» بأحد أسواق درب السلطان، أن لجوء العديد من الأسر لاقتناء «الديشي» يعتبر نتيجة طبيعية وحتمية لارتفاع الأسعار وبسبب موجة الغلاء المستمرة التي لم تتوقف، إذ لم تعرف أثمنة الخضراوات والفواكه بشكل عام استقرارا في الأثمان، طيلة الشهور الأخيرة، التي سجلت ارتفاعا قياسيا، كما هو الحال بالنسبة للطماطم التي بلغ سعر الكيلوغرام الواحد 15 درهما اليوم، وهو نفس السعر الذي ظل يفرض نفسه لأشهر طويلة، ثم تراجع بعد ذلك لمدة معينة ببضعة دراهم، قبل أن يعاود الارتفاع، شأنه في ذلك شأن ما عرفته خضراوات أخرى من قبيل الفاصولياء الخضراء، والقرع الأخضر، والبصل، في وقت سابق، وغيرها من المنتجات الفلاحية التي اعتاد المغاربة على أن تكون حاضرة بشكل أساسي على موائدهم، قبل أن يهجروا أنواع كثيرة منها قسرا بسبب ارتفاع أثمنتها.
وشدّد عدد من الباعة، في تصريحاتهم للجريدة، على أن ارتفاع الأسعار أدى إلى بروز مجموعة من الظواهر والممارسات السلبية المسيئة، التي وجد بعض الأشخاص أنفسهم يقبلون عليها، بسبب العوز وعدم القدرة على اقتناء الخضراوات، حيث تم رصد نساء ورجال على حد سواء، في بعض الأسواق الشعبية، الذين منهم من يتطاولون على حبات معدودة من الخضر المختلفة أثناء عملية التبضع ويحاولون وضعها خلسة في القفة، مشددين على أن هذه العملية تشمل الخضراوات الطازجة و «الديشي» معا وبدون تمييز، بشكل أكد عدد منهم على أنه يبعث على الألم. ونبّه آخرون في نفس السياق، إلى ظاهرة أخرى باتت أكثر انتشارا هي الأخرى في الآونة الأخيرة، والمتمثلة في اختيار بعض الأشخاص لقطع الخضراوات المختلفة التي يقدمونها للباعة من أجل وزنها، وبعد ذلك يطالبون بالباقي أو ما يعرف بـ «الصرف»، مدّعين أنهم سلموا أوراقا من فئة 50 أو 100 درهم، وهي المشاهد الاحتيالية التي باتت تعرف حضورا قويا، وفقا لتأكيدات الباعة الذين التقتهم «الاتحاد الاشتراكي».
وعلاقة بالموضوع، تراوحت أسعار الطماطم أمس الثلاثاء في أسواق شعبية بدرب السلطان في الدارالبيضاء، ما بين 14 و 15 درهما للكيلوغرام الواحد، أما البازلاء أو ما يعرف بـ «الجلبانة» فقد بلغ سعرها 17 درهما، شأنها في ذلك شأن الفاصولياء الخضراء «اللوبيا»، في حين كان سعر اللفت للكيلوغرام 10 دراهم، والقوق 13 درهما، والقرع الأخضر 12 درهما، والسلاوي 15 درهما، بينما استقر ثمن الخيار في 10 دراهم، أما الحبات الطماطم الصغيرة المعروفة بـ «السوريزة» فقد بلغ سعرها 18 درهما، ووقف سعر كل من الجزر والبطاطس والبصل والدنجال في 7 دراهم للكيلوغرام الواحد. أسعار سُجّلت في أسواق بحي شعبي، وليس في أحياء راقية كما هو الحال بالنسبة لجنبات السوق المركزي بوسط المدينة أو المعاريف و «بوسيجور» و «السيال» و «كاليفورنيا» وغيرها من الأحياء البيضاوية الأخرى، مما يبيّن حجم الغلاء، الذي بات يحرج حتى الباعة أنفسهم، الذين منهم من يضطر لبيع نوع معين من الخضر بالسعر الذي اقتناها به من سوق الجملة، بحثا عن بعض الربح في أنواع أخرى، وذلك لتحقيق نوع من التكافؤ، الذي بات مفتقدا منذ أشهر طويلة في الأسواق المغربية، بسبب الغلاء الفاحش الذي طال كل المواد والمنتجات، والذي أرخى بتبعاتها على الأسر المغربية التي تعاني على أكثر من مستوى؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 13/12/2023