أكاديميون وجامعيون يقدمون شهاداتهم في حق صاحب «الآداب السلطانية»

في يوم دراسي تكريما للدكتور عزالدين العلام بكلية العلوم بالمحمدية

 

احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، بمبادرة من مختبر الدراسات السياسية والحكامة الترابية، ومساهمة شعبة القانون العام والعلوم السياسية، يوما دراسيا تكريما للدكتور عزالدين العلام، واعترافا له بما بذله من جهد في التدريس والبحث والتأطير بهذه الكلية لما يفوق خمسا وعشرين سنة.
وقد شارك في هذا اللقاء التكريمي ثلة من الأساتذة والباحثين بعروض ناقشت بعض ما أنتجه الأستاذ عزالدين العلام من كتابات ودراسات، كما كانت مناسبة للتعريف بالعديد من الترجمات التي أنجزها المحتفى به والتي شملت مواضيع متعددة.
اللقاء الذي سيره الأستاذ محمد زين الدين، أثنى فيه على المحتفى به، وعلى سيرته العلمية والأكاديمية، وإنتاجه الفكري الرصين، بالإضافة إلى ترجمته لعدد من المؤلفات. وفي هذا الصدد كشف الدكتور محمد زين الدين، أن كتاب «الآداب السلطانية» لكاتبه الدكتور عزالدين العلام، نفد من السوق، وقد طبعت منه خمسين ألف نسخة، منوها بأعماله التي تستحق من وقفة، معتبرا أن التكريم الحقيقي ،هو أن تستمر العلاقة بين الأستاذ عزالدين العلام وأمثاله بالجامعة المغربية .
الأستاذ محمد سليم الورياغلي قدم شهادة في حق المحتفى به، حيث كانت مناسبة لتعداد مناقب الأستاذ العلام، مذكرا بالزمالة والصداقة التي ربطتهما في رحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية طيلة ربع قرن من الزمن، كما أشار إلى العلاقة المتينة التي ربطته بزملائه وطلابه.
الأستاذة خديجة الناصري رئيسة مختبر الدراسات السياسية والحكامة الترابية، شددت في مداخلتها على خصال الأستاذ عزالدين العلام، واعتبرته فخرا للكلية والشعبة معا، من خلال حضوره المتميز أستاذا مدرسا ومؤطرا وباحثا وإنسانا، كما أنه يعد أحد أعمدة الثقافة المغربية.
الأستاذ سعيد خمري رئيس شعبة القانون العام والعلوم السياسية بذات الكلية ،قال إن الأستاذ عزالدين العلام، قامة كبيرة وأعماله وتأطيره للبحوث شاهدة على ذلك، حيث يعتبر من الأسماء الكبيرة الأولى التي التحقت برحاب الكلية إلى جانب أسماء أخرى مثل الدكتور عبدالله ساعف، وأن إنتاجاته الفكرية تتجاوز حدود الوطن، كما يعتبر أحد أعمدة علم السياسة والفكر السياسي في المغرب، ولايمكن للمرء أن يدرس ذلك دون المرور على كتاباته ومنها « الآداب السلطانية «، وهو أيضا رجل العلم المتواضع ،لايحب الرسميات، فاعل مدني أيضا من منطلق الباحث العلمي .
الدكتور مراد الزوين، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، قدم عرضا ناقش فيه الانشغال الرئيس لعزالدين العلام، المتمثل في بعض أوجه التراث السياسي الإسلامي، وخاصة كتابه الأخير المعنون ب»النصيحة السياسية، دراسة مقارنة بين آداب الملوك الإسلامية ومرايا الأمراء المسيحية». وقد أبرز المتدخل راهنية البحث في تراثنا السياسي، مؤكدا أن كثيرا من القضايا التي تشغلنا حاضرا تجد جذورها في ماضينا. كما أكد أن الكتاب الأخير للمحتفى به، يتحدث عن العوامل التي ساعدت أوربا العصر الوسيط على
تجاوز الفكر السياسي ل»مرايا الأمراء» في مقابل تعثر حركة التاريخ في التجربة العربية – الإسلامية التي ظلت تستنسخ الفكر السياسي للأدبيات السلطانية إلى عهد قريب.
واعتبارا للأهمية القصوى التي أصبحت تحظى بها ترجمات أمهات الكتب، ساهم الأستاذ مصطفى النحال، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم والتربية، والذي سبق له أن أصدر عددا من الترجمات لباحثين مغاربة، بعرض سلط فيه بعض الأضواء على مجهودات المحتفى به في نقل عدد من الكتب إلى اللغة العربية، وفي هذا السياق، أشار مصطفى النحال بدءا إلى ما أسماه «عصامية» المحتفى به الذي تلقى تعليمه بالكامل باللغة العربية، والذي بذل جهدا لا يستهان به لامتلاك لغة ثانية سمحت له لاحقا بإمكانية الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية. وقد تحدث الأستاذ النحال عن علاقة الأستاذ عزالدين العلام بالترجمة مشيرا إلى أنها كانت في البداية،الوسيلة التي تمكن من خلالها من تطليق الفكر الدوغمائي المغرق في الإيديولوجبة، وذلك بترجمته لكتاب الفيلسوف اليوناني «كوسطاس بابايانو»المعنون ب»الإيديولوجيا الباردة»، وهو الكتاب الذي يبرز كيف تحول فکر کارل ماركس من كونه فكرا نقديا بامتياز إلى مجرد «إيديولوجية» تبريرية باردة، كما أشار إلى مواصلة المحتفى به ترجمة كتابات بعض الباحثين المغاربة، مثل عبد الرحمان رشيق في كتاب «المجتمع ضد الدولة، الحركات الاجتماعية واستراتيجية الشارع»، وكذا كتاب الأنثروبولوجي المغربي رشيق المعنون ب»عودة إلى زمن والدي»، ناهيك عن ترجمته لكتاب جماعي مهم حول «صراع الحضارات أم حوارها،إشكالية البديل؟».
واعتبارا لاهتمام الأستاذ عزالدين العلام ببعض الجوانب الأدبية، حيث أصدر على الخصوص كتابه القريب من السيرة الذاتية بعنوان «تحرير الكلام في تجربة الإسلام»، ساهم الأستاذ محمد الأزهر، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالمحمدية بعرض تحدث فيه عن هذا الكتاب، مشيرا باقتضاب إلى بعض أوجه علاقات العلام بالإسلام، بدءا من مرحلة الطفولة التي تميزت بإسلام «ثقافي» (بالمعنى الأنثروبولوجي للكلمة) حيث كان الناس يعيشونه بشكل طبيعي يكاد يكون لا شعوريا، إن لم نقل دنيويا، ويغيب عنه تماما أي بعد سياسي،ثم مرحلة المراهقة حيث كان الابتعاد عنه وهجره لصالح تصورات أخرى تميل نحو كلّ ما هو فردي ووجودي، إن لم أقل «ماركسيا» (والحقيقة هي الستاليني). وأخيرا، وفي المرحلة الجامعية، سيصبح الإسلام بالنسبة للمحتفى به موضوع بحث واستقصاء،وهذا ما يدلّ عليه فعلا ما أصدره العلام من كتابات ودراسات. وقد لخص فيها الأستاذ الأزهر ، مضامين الكتاب ،بوصفه بأنه نقد لكل استغلال للدين في مآرب أخرى.
الأستاذ عزالدين العلام قدم بدوره كلمة شكر فيها المنظمين والأساتذة المشاركين والحاضرين وعموم الطلبة الذين حضروا هذا الاحتفاء التكريمي.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 04/03/2023