أكثر من 1136 يحتضنها تراب «مرس السلطان» والوضعية القانونية لبعضها تخلق صعوبات : خطر الدور المتداعية للسقوط بالدارالبيضاء يواصل تهديد الساكنة ومحيطها والتعثر يطبع مساطر تدعيمها ، هدمها وإسكان قاطنيها

 

تعيش الساكنة البيضاوية بمجموعة من الأحياء خاصة، على إيقاع الخوف من تبعات سقوط أمطار الخير، التي لطالما تم ترقبها خلال هذا الموسم، وهي التي يسعد الجميع بتهاطلها لكونها تعتبر عنوانا على الخيرات، وإن كانت قد تتسبب في تداعيات أخرى بشكل غير مباشر، ولتداخل عوامل أخرى، كما هو الحال بالنسبة للدور المتداعية للسقوط، التي ما إن تستقبل قطرات الأمطار في مرحلة أولى ثم تشرق أشعة الشمس في مرحلة لاحقة، حتى تشرع في التهاوي، مما قد يتسبب في مأساة بالنسبة لمن لا يزال يقطنها وكذا محيطها.
أزمة الدور المتداعية للسقوط، تعود للظهور عند كل موسم ماطر، ولم تمكّن كل المجهودات المبذولة من طيّ صفحة هذا الملف بشكل نهائي، ما دام النسيج العمراني لم يتم تحديثه بشكل كلي، وتحضر البنايات العتيقة المحرومة من كل صيانة في العديد من الأزقة والدروب البيضاوية، من المدينة القديمة إلى درب السلطان، مرورا بالحي الحسني والحي المحمدي ومولاي رشيد وغيرها من الأحياء، التي «تتعايش» فيها الإقامات والبنايات الحديثة وتلك الشاهدة على زمن مضى.
وضعية عالجها المشرع، من خلال مواد الظهير الشريف رقم 1.16.48 الصادر في 19 من رجب من 1437 (27 أبريل 2016)، القاضي بتنفيذ القانون رقم 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري، وتم تحديد المتدخلين وأشكال التدخل على المستوى الترابي، إلا أن معالجة هذه الإشكالية لا تزال تعتريها صعوبات عدّة، لا ترتبط برغبة البعض في تصنيف بنايته ضمن خانة المتهالكة من أجل مآرب خاصة، وإنما في الأصل بتوفير سكن بديل وإنقاذ أرواح القاطنين بها. ونصت المادة 17 في هذا الصدد، على سبيل المثال لا الحصر، على أنه «عند وجود خطر حال يهدد سلامة شاغلي مبنى آيل للسقوط أو المارة أو المباني المجاورة له طبقا للتعريف المشار إليه في المادة 2 من هذا القانون، يأمر رئيس مجلس الجماعة، بعد توصله بتقرير من اللجنة الإقليمية المشار إليها في المادة 29 بعده أو من المراقبين المنصوص عليهم في المادة 47 بعده، باتخاذ الإجراءات الاستعجالية اللازمة لدرء الخطر ولا سيما :إعلام و تحسيس المالكين والقاطنين والمارة حول المخاطر المحتملة المتعلقة بالمباني الآيلة للسقوط، المجاورة أو المحاذية لهم، وذلك باستعمال كل وسائل التشوير ولوحات الإعلانات وكل وسيلة أخرى من شأنها أن تساعد على درء الخطر عنهم ؛ تدعيم المبنى؛ إخلاء ساكني أو مستعملي المبنى أو المنشأة؛ المنع المؤقت من استعمال المبنى أو المنشأة؛ المنع النهائي من استعمال المبنى أو المنشأة؛ المنع الجزئي أو الكلي من استعمال المبنى أو المنشأة؛ الهدم الكلي أو الجزئي للمبنى أو المنشأة». وأوضحت المادة 19 أنه «إذا تعذر على شاغلي المبنى الآيل للسقوط موضوع الأمر بالإخلاء أو عدم الاستعمال المؤقت أو النهائي لهذا المبنى، ولوج سكن لائق اعتمادا على إمكانيتهم الذاتية، تتخذ السلطة الإدارية المحلية المختصة الإجراءات الضرورية لإيوائهم مؤقتا بتنسيق مع الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط. ويراعى في عملية الإيواء الشروط الصحية والبيئية الضرورية».
وإذا كان هذا القانون لا تزال عدد من مواده تطرح جملة من الإشكالات، بحسب المهتمين، فإن إسكان المتضررين هو الآخر تعتريه صعوبات شتى، خاصة بعد أن طال هذا الملف نوع من «الشلل»، كما هو الحال بالنسبة لعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، بسبب نفاد احتياطي الشقق المخصصة من طرف «إدماج سكن» الموكول لها الإشراف على هذه العملية، وتمكين القاطنين، الذين ينتمي أغلبهم إلى الفئات الهشة والفقيرة، من سكن جديد. وارتباطا بالمنطقة، كان عدد البنايات التي شملها إحصاء باعتبارها متداعية للسقوط في مقاطعة مرس السلطان نموذجا، قد بلغ 1136 بناية تضم 3654 أسرة، في حين أن 121 بناية هي فارغة وبدون قاطنين. وتتوزع هذه البنايات ما بين 373 منزلا آيلا للانهيار بتراب الملحقة الإدارية 17، 336 بنفوذ الملحقة الإدارية 19، 262 بتراب الملحقة الإدارية 18، 160 على مستوى ملحقة 2 مارس، والتي تضم أحياء البلدية وحي الداخلة وغيرهما، ثم 5 بالنفوذ الترابي لملحقة لاجيروند. وتتوفر 596 بناية من البنايات المحصية والتي تضم 1928 أسرة على قرارات بالهدم، في حين تم إخلاء 279 بناية كانت تأوي 872 أسرة، علما بأن عدد المنازل المتضررة مرشّح للارتفاع بفعل وضعية وطبيعة هذه المنازل المتواجدة بالمنطقة، والتي ينتظر قاطنوها، خاصة في ظل غياب ملاك في عدد منها ووجود إشكالية الورثة، حلولا آنية تحميهم من جهة من المخاطر المحتملة لسقوط مساكنهم وتضمن لهم شرط الكرامة للعيش.
وجدير بالذكر أن دراسة سابقة كان قد أعدها قسم التعمير بجماعة الدارالبيضاء، أشارت إلى أن عدد الدور المتداعية للسقوط ب»عاصمة المال والأعمال «يقدر بأزيد من 2800 بناية، تضم حوالي 72 ألف أسرة، وتم تصنيف حوالي 36 في المائة من هذه المباني ضمن السكن غير اللائق، و40 في المئة ضمن البناء غير القانوني.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 02/12/2021