أَســـالَ النَّــــدَى جُـرْحِـــــي

 

أَسَالَ النَّدَى جُرْحِي
عَيناكِ، وِعاءُ العيدِ مَليءٌ بِالْأَسَى
أَتماثَلُ لِلشِّفاءِ، أقولُ: في القلب رَنّاتُ حُزنٍ
نَغَماتُ شَدْوٍ شديدِ الْعَدْوِ إلى شَجَنٍ شَجِيٍّ
يَمشي خلفَ العِباراتِ العابِرة
شيءٌ من الشِّعْرِ في الشّارِعِ، يَمْشِي، يُطارِدُني
ظِلّي يُعاقِرُ الخَمْرَ خِلْسَةً عَنِّي
هل أسألُ اللهَ صَبْراً عَلَيَّ
عَلِّي حِينَ أُصلّي أمسحُ جبينَ ظِلِّي
أقولُ لِذاتِ الشَّعْرِ الشّاردِ مَهلاً
أنا الشِّعْرُ
نَثْراً وشِعْراً أنا الشِّعْرُ
أنا مُهْرُ الفَرَسِ الجامِحِ في الكلماتِ الجانِحَة
أنا الجائزُ وأنا الجائِزَة
ليسَ لي في الشِّعْرِ ظلٌّ
أَرسُمُ الظّمأَ غديراً
أَرْسُو بسفينةِ الغريبِ على شواطئِ التَّرحيبِ
أَقِمْ لي وليمةً تليقُ بقُمصانٍ دَمُها عالقٌ في الذاكِرَة
دارَتْ..
دارٌ تُحيطُ بها دائِرَةٌ
مشيئتي شارعٌ شِراعُهُ طويلٌ
وأنا لا أقولُ شيئاً
فَقَطْ أشاءُ
وحينَ أشاءُ أقولُ
مَوْتِي وَشيكٌ أَراهُ وَشيكاً
وَأُتابِعُ السيرَ كأنّي أشكُّ اللّآلِئَ في الكلماتِ أَشُكُّ
أسيرُ أسيراً، كأنّي أسيرُ أَثيرٍ
مليءٍ بالحصى، دربي، وضربٌ من دربي عسيرٌ
لا ألومُ صِغارَ النَّعامِ على رأسٍ يعشقُ الرملَ
ألوم نعشِي على سفرٍ سافرَ بي في غيرِ شأنِي
صوتُ عِقال الممرّات مَريرٌ، لو تَدري
آهٍ، أيّها الصاحب، لو تدري
لو تدري ما أُلامِسُهُ بالأصابِع مِن دَهري
لو تدري كم منَ النداءاتِ الحزينةِ أرسلتُ
وأنتَ لا تدري
هل يدري شاعرٌ أنّ شاعرا في أقصى المدينة
شاهرٌ شرايينَ قلبه، يُقلّبُ الشِّعابَ خلفَ كأسِ الشَّرابِ
هل يدري شاعرٌ
أنّي شاعرٌ بائسٌ ويائسٌ وحزينٌ
حزينٌ حتّى النخاعٍ في العَظمِ، وفي العِلْمِ
أدري ومَن على رأسِ المائدَة لا يدري
أيا صاحبَ المِقصِّ قِسْ على مَقاسِ المَطرِ في المُزنِ
وفي الحزنِ، قِسْ على مَقاسِ العَصرِ
متى أوْرَدْتَ وارِدَ السؤالِ في العطرِ، أَسألُنِي:
هل صبيبُ الغيمِ ضَيمٌ
لا يَلقَى إلا صحائِفَ الشُّعراءِ في النَّومِ؟
أنامُ، هل تدري أنّي لا أنامُ
ووجهِ ربّي لا أنامُ
أُحبُّ الليلَ لأن الليلَ رفيقُ دربي في الشتاء
والنهارَ سديمٌ غافلٌ عن مَعنى الغِطاء
أنامُ، ووجهِ ربي لا أنامُ
يشتاقُ العناقُ بعضَ يدِي
وبعضُ يدِي يشتاقُ
رَبّي يعلمُ أني في الحياة صائدُ صَيْدٍ
قد يكون رِيماً أو سَديماً
أو شيئا من غُبارِ مَطارحِ الحُقول
بَدويّةٌ أيَّتُها الحياةُ
تُمازحينني بشَدِّ الحَبلِ
شُدّي، إنّ لي في المَدى، شُدّي
شُدّي بِسَحابٍ يَجُرُّ السّرابَ خلفَ السّحابِ
يداكِ غارقتان في الأذى، مُدّي
شَرَفاً
أو
شَغَفاً
في الشِّعْرِ لا شيءَ يَدعو للأسى، مُدِّي
يَديْكِ للشِّعْرِ
هل يدري الشِّعْرُ
أنّي قد مَنَحْتُ لِصَهيلِ الكَلماتِ عَهْدي..


الكاتب : عبد الله بن ناجي

  

بتاريخ : 13/11/2020