إطلالة على كيفية «استقطاب» نساء وفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي : تبدأ العملية بـ «التواصل الودي» قبل أن ترتدي لبوس الابتزاز بتداعياته الثقيلة

مع توالي السنوات، اتضح أنه بقدر ما لمواقع التواصل الاجتماعي العديد من الإيجابيات، فإن سلبيات عديدة تحدق باستخدامها في الآن ذاته، من بينها، مثلا، ظاهرة استقطاب المرأة أوالفتاة، باستغلال عاطفتها وتطلعها لتحقيق بعض أحلامها وتلبية بعض متطلباتها، الأمر الذي أصبح يشكل خطرا أو تهديدا لحياتها الخاصة والعامة.
عملية الاستقطاب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، تتم عبر «مجموعات» يتم تفعيلها من خلال أشهر التطبيقات التي يتم استهلاكها من طرف فئات واسعة من المجتمع، ومثال ذلك تطبيق «الأنستغرام»، «فايسبوك» وغيرهما. الهدف من العملية «إغراء» أكبر عدد من النساء لمشاركة حياتهن الخاصة بهدف مناقشة بعض المواضيع التي تخص المرأة و احتياجاتها، إلى أن يتطور الأمر إلى التواصل مع فئة منهن، لمحاولة إغرائهن و إقناعهن بتجربة أمور جديدة عليهن، حيث تبدأ المحاولة بحديث من أنثى لأخرى، ويتم الانفتاح على عدّة أفكار غير سابقة ومجاراتها، من غير التأكد من هوية من يتم التواصل معه، إن كان حقا امرأة ، أو شخصا متخفيا خلف هوية مجهولة، قد يكون رجلا، يجيد التلاعب بمشاعرها و عقلها الواعي و اللاوعي.
تختلف هاته المجموعات «الغروبات» والحسابات الوهمية من واحدة لأخرى، كما تختلف المواضيع التي تطرحها، لكن أغلبها، بنسبة كبيرة، تثير مواضيع حساسة و شخصية لا تجرؤ المرأة أو الفتاة، عادة، على مناقشتها بشكل تشاركي كموضوع «الثقافة الجنسية» و«كيفية التعامل مع جسدك»، وغيرها من المواضيع الحساسة التي تخصها.
من خلال تواصلنا مع عدة فتيات سبق أن خضن تجربة مماثلة، أثارت إحداهن بعض النقط الجديرة بالتأمل. «ن.ح» – 21 سنة ، تقول إن تجربتها مع استعمال تطبيق «الأنستغرام»، تمت متابعتها من طرف صفحة خاصة بالإناث لترد المتابعة بالمثل، وبعد مرور فترة زمنية لا تتعدى الثلاثة أيام، تم التواصل معها من طرف هذه الصفحة، بطريقة جد ودية، تدخل في إطار الصداقة، مع فتاة صاحبة الصفحة، وخلال تواصلها معها في فترة لا تتعدى الثلاثة أسابيع، أصبح يطلب منها، بطريقة ودية و بلغة جريئة، إرسال بعض الصور التي تخص جسدها وأمورا أخرى حميمية، مما دفع «ن.ح» إلى الشك في هوية المتحدث إليها، لتكتشف، صدفة، أن الصفحة أو المجموعة التي من المفترض أنها تخص عالم المرأة، صاحبها هو ذكر في مقتبل العمر؟
في السياق ذاته، وعلى تطبيق «فايسبوك»، وبنفس المنهجية باختلاف المحتوى، مجموعة مخصصة للصداقة ومشاركة الحياة الخاصة بين النساء، استهدفت السيدة «ج.ر»، متزوجة – 35 سنة، من خلال تجميع صور لها مع عائلتها شاركتها بالمجموعة النسائية، فتمت فبركة الصور، ليتطور الأمر إلى تهديدها و مطالبتها بمبالغ مالية، لحسن الحظ خرجت «ج.ر» عن صمتها، من خلال إبلاغ الشرطة و فتح تحقيق في القضية بتوكيل محام خبير. ليكشف التحقيق، أن الجاني شاب لا يتعدى العشرين من عمره، يمارس الابتزاز ، بمساعدة عدة فتيات من نفس المجموعة، على النساء، خاصة المتزوجات، وذلك لضمان صمتهن. ومن خلال التحقيق، أيضا، ظهرت نساء أخريات كن ضحايا لهذه المسلكيات، منهن من تحدثت عن تجربتها المريرة و منهن من فضلت الصمت خوفا من تداعيت ذلك على حياتها الأسرية.
من خلال البحث في ظاهرة الاستقطاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اكتشفنا طرقا متنوعة أخرى، منها الحسابات الوهمية التي تتستر وراء «أهداف تجارية»، تدعي منحها وتقديمها لوظائف إلكترونية لاستقطاب الفتيات الراغبات في عمل، وذلك بعرض مبالغ مالية مغرية للإقناع، لكن ما خفي كان أعظم؟
إنه حال العديد من النساء والفتيات في ربيع شبابهن ومنهن من لاتزال في عمر المراهقة، حاولن مسايرة التيار، ليقودهن لما هو أعمق وأخطر، لتتحول تجربة المواقع إلى مأساة في الواقع، تقلب مسار حياتهن رأسا على عقب، بكل ما تؤشر عليه من آثار نفسية واجتماعية ثقيلة.

(*) صحافية متدربة


الكاتب : نهيلة بوحجبان

  

بتاريخ : 06/12/2021