إفريقيا العريقة بثقافتها المتعددة والمتنوعة

لا يجادل أحد في أن الكتاب هم ضمائر الامم المعبرة عن الآلمها وآمالها، وطموحها للمستقبل، ولم يكن الكتاب الافريقيون بالطبع غائبين عن مجال الفعل العملي لأفكارهم في الإلتقاء بشعوبهم التواقة للتحرر من كل أشكال الإستعمار.
لقد أسهم الإستعمار والتجربة التي خاضتها افريقيا خلال الفترة الإستعمارية وما بعدها من تطوير وحدة ثقافية بين ثقافات افريقيا المتنوعة بشعوبها، وقومياتها، ولغاتها، وأديانها، افريقيا العربية، افريقيا الافريقية، افريقيا الإسلامية، افريقيا المسيحية، افريقيا ذات الأديان الوثنية…افريقيا هي كل متنوع متعدد لكنه موحد على مستوى الطموح والآفاق، ومن لهم الفضل في خلق الوحدة الافريقية، إنهم المثقفون، فثقافات افريقيا المتنوعة، موحدة على مستوى رفض الاستعمار، وأساليبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وأن بلدان افريقيا وإن اختلفت ثقافيا، ولغويا، ودينيا، من بلد لآخر، وإن اختلفت من نوع حكم استعماري لآخر، إلا أن العناصر الثقافية الأساسية بقيت قائمة وصامدة.
فالإستعمار في افريقيا سعى الى فرض ثقافة موحدة، وقانون موحد، لكنه قاومته الشعوب الافريقية بثقافتها وقيمها وحبها لأرضها وإنسانها، رغم أدوات الإستعمار الثقافية ونظامه الاقتصادي ونظمه القانونية والتعليمية، لكن إرادة الإنسان الإفريقي وهمته قاومت هذا الغزو الثقافي من خلال مشاريع وبرامج ثقافية وطنية.
الثقافة اليوم هي المحصلة النهائية لإفادة الإنسان من المعارف والآداب والفنون ومن التقاليد والعادات لتطوير ملكاته ومهاراته الثقافية والفنية وصقل وجدانه، ليحرك كل ذلك ارادته في مواجهة الظروف المحيطة به.
الثقافة هي الرابطة التي تربط ابناء المجتمعات الافريقية ليؤسسوا ويقيموا أمة موحدة متقاربة لما يحكم بينهم من قرابة فكرية ووجدانية وأخلاقية، فبالثقافة الافريقية وبالشعر الافريقي الأصيل، ارتقت قيمة الانسان الإفريقي.
الثقافة الافريقية هي كالغذاء يدخل في تكوين الانسان، وكل انسان يستهلك الغذاء ويطالب به، ويضمر ويضعف إذا لم يحصل عليه، إذن فالغذاء الثقافي هو الذي زاد ويزيد من قوة ونفوذ وهيمنة الثقافة الافريقية لأنها ثقافة الأصل، ثقافة الإنسان وجودا واستمرارا، فكلما ذكرت افريقيا إلا وتستحضر الثقافة الافريقية لباسا، ورقصا، وطقوسا، وموسيقى.. أي أن الثقافة لها بصمة انسانية بها يحارب الافريقي المستعمر، بها يرنو الى الحرية والتحرر، بها يتمسك بالأرض، بها يلبي نداء التاريخ، ولذى شعرت حركات التحرر الافريقية بخطورة سلاح الثقافة، فاعتبرت الفكر والثقافة أداة للنضال وجزء من حركات التحرير نفسها ليتلاحم المثقف الافريقي بحركات التحرير، فيصبح النضال أقوى واشد وتصبح نتائجه أعم واشمل.
ونحن اليوم في ارض الرباط  بالمملكة المغربية عاصمة الثقافة الافريقية، التأمت مجموعة كبيرة من نجوم الفكر والأدب والثقافة النسوية، قصد تحقيق قمة نسائية للكاتبات الافريقيات، لأجل احياء أمة افريقية متنوعة تواقة لتحرير الانسان الافريقي من الإستعمار الثقافي والهيمنة الامبريالية، وفي نفس الآن دعم أو إحياء للصلة بين الشمال الافريقي وجنوبه وصولا الى إقامة الولايات المتحدة الافريقية، بأجناسها، وأقوامها، وقبائلها، وطوائفها، وصولا الى إعادة التواصل والاتصال التي استمرت منذ القرن الخامس الهجري.
إننا نعتبر أن أية حركة او تجمع يضم المثقفين او الفنانين او المهندسين او المهنيين او الأطباء…يجب فهم ذلك على أنه مشروع يمكن أن يخدم الأمة الافريقية ويعزز عمل التعاون الإفريقي شمال جنوب جنوب جنوب.


الكاتب : محمد طمطم

  

بتاريخ : 14/04/2023