احتفاء باليوم العالمي للكتاب

كلمة المترجم:
حَفلُ استِقبالِ الكِتاب

عندما أشتري كتابًا أو أستلمه هدية من صديق ما، فإن هذا الكتاب الجديد يخصني قبل أن أحصل عليه. يحدث أنني التقيتُ بذاك الصديق مرات في مقهى، في نشاط، على هامش أمسية…أو أنني زرت هذه المكتبة أو تلك مرتين أو ثلاث مرات على الأقل، أتصفح الرفوف، وأقترب أكثر فأكثر من الكتاب الذي أبحث عنه.
لذلك عندما أصل إلى الكتاب، يأتيني الكتاب أيضًا، لأنني كنت أبحث عنه وأنتظره، قبل أن يعلم الكتاب نفسه أنه سيصل إلى مكتبتي.

قصائد

عندما تحين اللحظة التي تصل فيها إلى يدي، نكون بالفعل أصدقاء، مثل الإخوة الذين كانوا يجتمعون ببعضهم البعض والذين لم يتوقفوا أبدًا عن البحث عن بعضهم البعض.
مثل الأخ البعيد الذي كان موجودًا دائمًا، والذي لم نلتق معه جسديًا أبدًا في الحياة، لكنه يعرف أننا ننتمي إلى نفس الكون، إلى نفس الأبوة.
وهكذا تصبح مسافة الورق والحبر والكتابة قريبة، في فتح غامض لعيون فضولية.
صباح الخير يا صديقي الكتاب: مرحبًا بك في مكتبتي، في زواياي الأكثر سرية، في طاولاتي الليلية، التي تغزوها دائمًا كتب أخيك الأخرى، إلى رفوفي وخزائن كتبي المنحنية بفعل ثقل الكثير من أسلاف الوافد الجديد.
مساء الخير يا صديقي الكتاب، أدعوك للتحدث في صمت، كلمة بكلمة، مقطعًا بمقطع، عبارة بعبارة، حتى نكتشف بعضنا البعض ببطء، حتى نتعرف على بعضنا البعض.
يبدأ الروتين الآن.
أفتح الكتاب – أولًا – على الغلاف وعلى الفهرس. أتصفح صفحاتها التي لم أقرأها قط، متذوقًا نسيج الورقة، والعبارات والفقرات التي تنقل الأفكار والمعرفة والنكهات والمشاعر والأزمنة والأماكن…
لذا، فقد حانت اللحظة الأولى لمعمودية الكتاب.
طقوس هادئة وشبه مهيبة للاستيلاء الجسدي، مادة من الكتاب، حيث أكتب اسمي بخط اليد على صفحة الغلاف، وتاريخ ميلادي على صفحة عشوائية داخل النص وتوقيعي على الغلاف الخلفي الأخير للكتاب. من هذه اللحظة السحرية والصامتة، سيتمكن الكتاب من السفر حول العالم وإظهار جماله الداخلي، قائلا بفخر أنه ملك لي.
وفي السنوات الماضية، أخذت على عاتقي أيضًا المهمة النبيلة المتمثلة في تغليف كتبي بالبلاستيك الشفاف، لكن الزمن ترك هذه العادة وراءه.
والآن، حسنًا… الآن يمكننا التحدث.
أعود إلى الفهرس وأتعرف بالتفصيل على الببليوغرافيا، وهي المواد الأساسية التي استخدمها المؤلف في كتابة ما كتبه، حيث أستطيع أن أحاول تمييز أفكاري الخاصة من الأفكار المستعارة.
ستكون القراءة الأولى بعد ذلك مقاربة تدريجية للأفكار والأسباب، وسأكتب ملاحظات في الهوامش، وسأحدد أهم المفاهيم بالنجمة، وسأضع خطًا تحت الأفكار الأكثر صلة. سأعود إلى الفصول السابقة، وسأخرج حوارا بين أفكار المؤلف وأفكاري الخاصة، التي كتبت على الصفحات الفارغة في نهاية الكتاب.
أكتب ملاحظات حتى على علامات الصفحات أو على أوراق صغيرة متناثرة في جميع أنحاء النص.
الكتاب يتحدث إلي، يشرح لي، يصف لي، يربطني، يعلق، يحاول أن يعقلني.
سبب الكتاب مقابل سببي الخاص. إذا لم أتفق مع مفهوم ما، سأضع علامة X بجوار الفقرة وأكتب مفهومي الخاص.
ستمر أسابيع بعد القراءة الأولى، أشهر.
وسوف أعود.
سأعيد قراءة الفصول التي أثارت اهتمامي لأقوم الآن بقراءة نقدية، ونوع من التفكيك المنطقي لمحتوى الكتاب، وعملية تحليل جراحية وجدلية والاعتراف الداخلي بالأفكار التي يتكون منها… وسأبدأ لأفكر وأدع نفسي أقود إلى السؤال: …وما رأيي في هذا المفهوم، هذه الفكرة، ما هي وجهة نظري الخاصة حول هذا الموضوع؟
هناك كتب، للأسف، لا تجتاز اختبار المشرط الذي تخضع له. إنهم يعانون من انتقاداتي اللاذعة، وتعليقاتي اللاذعة، وإيماءات الرفض القريبة من الإقصاء والتخلي. إنهم يظلون عالقين في زاوية غامضة من مكتبتي وينتظرون بلا حول ولا قوة تبرئة أنفسهم يومًا ما. ومن بين النصوص القليلة (المغطاة بالبلاستيك الأسود، كتحذير للقراء المطمئنين)، يعد كتاب «الجيوسياسة» لبينوشيه، الذي نُشر عام 1967، أحد الكتب المحظورة من مكتبتي، وقد أصابه عار الانتحال والفقر المفاهيمي الذي لا يمكن التغلب عليه. ويبقى معاقباً محطاً إلى الزاوية…أقصد الكتاب…
ومن ناحية أخرى، يمكن للكتب الأخرى أن تفتخر بالتقدير والمودة التي تتلقاها وبجدارة انتقالها من مكتبتي إلى منضدتي.
ولا تنسوا أن كل كتاب، في نهاية المطاف، هو في الوقت نفسه لبنة صغيرة وهائلة من الصرح الهائل للمعرفة الإنسانية.
تصبح على خير يا صديقي الكتاب، غدًا نواصل التفكير.
وكل 23 أبريل، بل وكل يوم :
فأنتَ الصديقُ الوفي، وأنت المُعَلّمُ والمٌرشدُ
بنوركَ أسْعى لِنيلِ الكَمالِ، وفي دَرجاتِ العُلا أصعدُ

حضرة الكتاب مجمد
غلوريا فويرتيس
(إسبانيا)

كان حَضرَة السيدِ الكِتاب
جالِساً عَلى كُرسِي،
كان بعَين يَقلبُ الصفحَة
بأخرى يُشاهدُ التلفاز.

كان حَضرَة السيدِ الكِتاب
يَشعُرُ بالمَللِ عَلى كُرسِي،
في انتظار مَن يَأتي…(لِيقرَأه)
أحَدَ القراءِ الصغار.

كان حَضرَة الكِتابِ سَيداً حَكيمًا،
عَلى عِلم بالقمر والشمس،
على عِلم بالأرض والبحار،
بالقصَص والطيور،
بالأسماكِ بجميع الألوان.

كان حَضرَة السيدِ الكِتاب
يَرتجفُ بَرداً عَلى الكُرسي،
جاءَ طِفلٌ،
احتضنهُ بَين يَديه
فسَرى في الكِتاب دِفءٌ.

لمحة:

غلوريا فويرتس Gloria Fuertes (1917 – 1998) كاتبة روائية وشاعرة ومسرح مسرحيات. غزيرة الإنتاج لأدب الأطفال والشباب. بدأ اهتمامه بالرسائل في سن الخامسة، حين كان تكتب وترسم قصصها الخاصة. في عام 1932نشرت قصيدتها الأولى وهي في الرابعة عشرة من عمرها،تحت عنوان «الطفولة والشباب والشيخوخة…» وواصلت كتاباتها منذ صغرا. في الخامسة عشرة من عمرها، ألقت أشعارها على إذاعة إسبانيا في مدريد، وفي السابعة عشرة قامت بتأليف كتابها الأول من القصائد، «الجزيرة المجهولة».
ورغم كل هذه العطاءات فإن جسدها لم يعانق مقاعد المدرسة ككل الأطفال في مثل سنها؛حيث كانت والدتها تريدها خياطة نساء بإحدى الورشات أو مربية أطفال …لذا سجلتها في معهد التربية الفنية للمرأة؛ حيث حصلت على دبلوم الطبخ والتطريز اليدوي.
وكي تموت،وهي في عز الربيع، محاطة بالجوع وبتضاريس البؤس التحقت بإحدى الشركات كمنظفة:
«أ شْتَغِلُ فِي صَحِيفَة
أَسْتَطِيعُ أَنْ أَكُونَ سِكْرِتِيرَةِ الْمُدِير
وَلَكِنَّنِي فَقَظ مُنَظِّفَة…»
إلا أن روحها التواقة للخروج من الشرنقة، والتحليق بعيدا في فضاءات المعرفة الإنسانية،والنهل من ينابيعها الثرة، تلك التي ظلت محرومة منها عمرا، جعلتها تتمرد، تكسر القيود وتعود إلى كرسي الدراسة؛ حيث أشرعت مراكبها مبحرة في رحلتها السندبادية؛ دون اهتمام بكل الأعاصير التي واحهتها،واستطاعت بإرادتها وعصاميتها وصبرها…أن تعانق خطاها رحاب الجامعة، لا كطالبة بل كأستاذة.
حاصل على عدة جوائز:
– الجائزة الأولى في كتابة الأغاني 1947- جائزة أفضل كلمات أغنية السلام/ بلد الوليد. 1972- الطوق الفضي لإذاعة وتلفزيون الإذاعة الإسبانية 1976.

من أعمالها:
– حلم سيء 1954- السنجاب وعصابته 1981 – أشعار مزعجة 1994

الكتاب الصديق
كارمن تيخيرا دي فانيغاس
(باناما)

حين يَمسّك المَرض،
أو تغمُرك الوَحدَة،
تفكرُ أن الكِتابَ صَديق،
أبداً لن يُحبطَك.

في الكِتاب
يَتجَسدُ إلهامَ الخالق،
يَهبطُ مِن الأعلى عَلينا
كَرسالةِ حُب..

تطَلعْ إليه! بمَحَبة
وَرَفيق جدُّ مُخلِص،
دَوماً يُهدينا
سُبلَ الطاقةِ العُظمى.
لمحة:
ولدت كارمن تيخييرا دي فانيغاس Carmen Tejeira de Fanegas(1898-1999) في جزيرة «لاس باريداس Las Paridas» (باناما)،وتحديداً في مقاطعة (شيريكي Chiriqui). تقع هذه الجزيرة في خليج شيريكي وتنتمي إلى منتزه خليج شيريكي البحري الوطني. شاعرة ومراسلة للعديد من الصحف والمجلات.
في عام 1915 بدأت عملها في التدريس، وفي عام 1925 حصلت على الميدالية الفضية عن قصيدتها «قصيدة إلى شيريكي Poema a Chiriquí»، التي أثارت فيها كل حبها للبلد الذي ولدت فيه. تم تزيينها بوسام مانويل خوسيه هورتادو.
في عام 1983 حصلت على جائزة أدب الأطفال في مسابقة ميديو بوليتو عن قصة الجفاف.
تركَتِ الشاعرة حديقة مليئة بالقصائد الجميلة للأطفال الداعمين للتعليم، سواء في الفصول الدراسية أو في البيوت.
من أعمالها:
– بذور في الريح – رسول المملكة.

الكتاب صديق
غاستون فيغييرا
(أوروغواي)

آه، ياصَديقي الكِتاب
يامَن يُشرّف يَدي،
أرشِدني خِلال الحَياة،
أنت أخي اللطيف!

فيضٌ لا يَنضُب
ظمأ لِلمَعرفة،
اسْقِني
مِن نبع نورك.

اجْعَلني مِثلك،
شفافاً، جَواداً، عَميقاً،
مَفتوحاً عَلى المُطلَق
دَعوَة العالم.

أرشدني خلال الحياة،
آهٍ، أيها الكتابُ الجميل
كن أخي.

لمحة:

غاستون فيغييرا Gaston Figuiera(1905-1998، أحد أفضل كتاب السوناتات في الأوروغواي – يلتقط هذا الشاعر الشاب تقليده الأبوي – الحماسة الغنائية – لكنه يعرف كيفية تجديدها وتكييفها مع عصره ووقته. وهكذا، على سبيل المثال، تختلف إيقاعاته تمامًا عن إيقاعات والده. وأيضا – وهذا هو الأمر الأكثر إثارة للاهتمام – رؤيته للعالم، لغته الشعرية. بالمناسبة، ليس هذا هو الشعر – بل الشعر الزائف – الذي يخلق، استنادًا إلى الحياة اليومية، مخططات صحفية وسياسية دون قيمة غنائية. هناك سبب يجعل النثر والشعر نوعين مختلفين. يجب أن تكون “الحماسة” الغنائية هي الأسبقية دائمًا في الإبداع الشعري. وهذه الفضيلة تتصدر الدفعة الأولى لليوناردو غاريت: مجموعته الشعرية المؤلفة من 72 صفحة، والتي تحمل عنوان”الخماسية”، وتظهر في طبعة رائعة، جديرة بالمحتوى، بما يتماشى مع براعة العمل.
مرحبًا بك في جوقة الشعراء الغنائيين في بلدك الأوروغواي.
من أعماله:
– مساءات اليواقيت 1921 – في معبد الليل 1924 – من أجل أطفال أمريكا (أغنيات) 1928.


الكاتب : اختارها وترجمها عن الإسبانية عبد السلام مصباح

  

بتاريخ : 23/04/2024