احتفى بخناتة بنونة، مبارك ربيع، سعيد بنكراد، أمينة لمريني

عندما قالت الكاتبة والروائية خناتة بنونة، إنها أحست «منذ صغرها بـالاختلاف عن القطيع العائلي»، في كلمة لها بمناسبة تكريمها من طرف ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي يوم الجمعة 24 ماي، فلأن نشوة التكريم وأجواء الاحتفاء لم تنسها قضية العرب الأولى خاصة في ظل استمرار حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، كما لم تجعل سؤال لماذا، الذي سكنها منذ تملكها الوعي الشقي، يخبو لتعيد على مسامع الحاضرين: لماذا لم تستمر تلك الهيمنة في حقول المعرفة والعلم التي كان العرب روادها حينا من الدهر؟ لماذا لم «يسقط الصمت» حيال ما يجري؟
هذه الأسئلة الحارقة التي طرحتها صاحبة «النار والاختيار»، تدفع إلى تشجيع وتعزيز أدوار المثقف العربي داخل مجتمعه، وهي ما دفع القائمين على ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي إلى الاحتفاء والاعتراف بما تبذله النخب المثقفة من جهود لإبراز دور الثقافة في صناعة الإنسان وفي صناعة المستقبل.
هكذا كرم الملتقى في دورته الثالثة بالمغرب، قامات مغربية في مجال الفكر والأدب: الروائي والقاص وأستاذ علم النفس مبارك ربيع، الروائية خناتة بنونة، الناقد والمترجم والسيميائي سعيد بنكراد، الشاعرة أمينة لمريني بعد أن كرم في 2021 المؤرخة المغربية حسناء داود بتطوان في 2021 ، والمفكر المغربي عبد السلام بنعبد العالي والكاتب والروائي محمد عز الدين التازي في 2023 بالرباط.
اللحظة الاحتفائية التي شهدها فضاء المركب الثقافي سيدي بليوط بالدار البيضاء،تمت في إطار فعاليات الدورة الـ 18 لهذا الملتقى المنظم بمبادرة من دائرة الثقافة في حكومة الشارقة ،وبتعاون وشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وبتنسيق مع مقاطعة سيدي بليوط.
وقد تم خلال هذه الاحتفالية الكبرى تسليم المحتفى بهم شهادات التكريم الثقافي التي يمنحها سمو حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأبرز المثقفين في مختلف عواصم الثقافة العربية.
كلمة الوزارة الوصية التي تلتها لطيفة مفتقر مديرة مديرية الكتاب والخزانات والمحفوظات (قطاع الثقافة)، أبرزت أن هذا «الملتقى يشكل موعدا عربيا متجددا للاحتفاء بالمثقفات والمثقفين العرب، ولحظة للاعتراف بما أسدوه من عطاء وتنوير ومعارف وإبداعات وما راكموه من مشاريع علمية ومعرفية وإنتاجات إبداعية على مدى تاريخهم الثقافي الحافل».
من جهته عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة عبر عن سعادته واعتزازه بتكريم «كوكبة جديدة من أدباء المغارب، كوكبة مخلصة للإبداع وأفاضوا بجميل عطائهم.. كوكبة أثرت الساحة الثقافية العربية المعاصرة بالإبداع في مجال الآداب بحقوله المتنوعة «.
أما المترجم والسيميائي سعيد بنكراد فاعتبر في كلمته أن منتهى غبطته أن يأتي التكريم من جهات لا تعرفه شخصيا، بل اطلعت على إنتاجه فقط والتقطت ما يدل عليه في المشهد الثقافي العربي، تكريم لم يبحث أو يسْعَ إليه، لكنه سُرَّ به لأنه دليل على أنه» لم يُنسَ»، مضيفا، بتواضع الكبار: «أنا من الذين يعيشون ضمن ظلال الظل، خارج أسوار الافتراضي والقاطنين به».
وأشار بنكراد إلى أن الثراء لا يقاس بالمال وحده، بل بالعرفان: «عرفان الذات وعرفان الآخرين..عرفان وثيق الصلة بالقيم .. العرفان الذي يكرم الفكر قبل تكريم الأشخاص»، معبرا عن سروره البالغ بأن يكون «في ذاكرة قراء لا يعرفهم».
الأكاديمي مبارك ربيع اعتبر في كلمة بالمناسبة أن هذه اللحظة التكريمية هي التفاتة كريمة تجاه الثقافة باعتبارها رافعة أساسية لتحقيق التنمية ، مشيرا إلى مثل هذه المبادرات من شأنها المساهمة في تقوية وتطوير العلاقات والروابط القائمة بين البلدين.
وأضاف مبارك ربيع أن حفل التكريم يعد لحظة تاريخية تنضاف إلى لحظات أخرى قطعت من خلالها دولة الإمارات العربية المتحدة وحكومة الشارقة على الخصوص أشواطا كبيرة في مسار تعزيز دور الثقافة من خلال إحداث العديد من الجوائز والترجمات وتشجيع النشر وغيرها، مشيرا إلى أن تكريم المثقف هو اعتراف بعطائه وأيضا تحفيز له على المضي قدم في هذه رسالته النبيلة.
الشاعرة أمينة لمريني اختارت أن تخاطب الحضور، شعرا بقصيدة تماهت فيها الكينونة مع الكائن في رحلة العبور من صلصال البدء إلى اشتعال الحرف في وقدة الماء.
الروائية خناتة بنونة تلك التي كسرت كل الموازين والقوالب الاجتماعية التي سادت بين جيل ما قبل الاستقلال، اختارت خلال هذه الاحتفالية أن تغرد خارج السرب، أيضا، وهي تقرر منح جائزة تكريمها لبيت مال القدس وللمقاومة الفلسطينية.
حضر هذه الاحتفالية الثقافية كل من السادة: عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، محمد إبراهيم القصير مدير الشؤون الثقافية بحكومة الشارقة، وممثل سفير الإمارات بالمغرب وكنزة الشرايبي رئيسة قاطعة سيدي بليوط، كما عرفت حضورا متميزا لشخصيات من عالم الثقافة والفن.