اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الشعر المغربي : نزهة في حدائق شعرية يحفها الضوء

«مراكش وردة بين النخيل»

هكذا تحكي كلمات الأغنية الخالدة للفنان المغربي إسماعيل أحمد، قصيدة محمد بلحسين وهي تختار مدينة مراكش، العائمة بين حدائقها الخالدة التاريخية، وردة تزهو بين نخيل مراكش. اختارت دار الشعر بمراكش أن تنتظم فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الشعر المغربي، في حديقة تاريخية فريدة «عرصة مولاي عبدالسلام»، والتي تحكي عن الشعر والحب. مهرجان الشعر المغربي، والذي اختتمت فعالياته الأحد الماضي، 31 أكتوبر، موعد ثقافي سنوي تنظمه دار الشعر بمراكش، في إطار التعاون بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة بالشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة.
مهرجان الشعر المغربي، الذي انطلقت فعالياته يوم الجمعة 29 أكتوبر، بافتتاح معرض «خمس سنوات من تجربة دار الشعر بمراكش»، وتضمن صوراً لملصقات اللقاءات الشعرية والندوات والتظاهرات والملتقيات والورشات والفعاليات والمهرجانات التي نظمتها دار الشعر بمراكش، عرف حضور محمد القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة، و العصري سعيد الظاهري، سفير دولة الإمارات في المغرب، تلاه عرض شريط فيديو يوثق لأهم اللحظات لخمس سنوات من تجربة الدار. .
عبد الإله عفيفي، الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، في مستهل كلمته في افتتاح المهرجان، أكد أن مهرجان دار الشعر بمراكش» يرسخ مكانته كأحد المواعيد السنوية الكبرى التي تعنى بالشعر والشعراء وتساهم بكل تميز واقتدار في الدينامية التي تعرفها الساحة الثقافية المغربية».
من جهته أكد سعادة عبدالله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، أن المهرجان «يعود مجدداً ليواصل حالات الإبداع والألق، وليجتمع شعراء المغرب مرة أخرى، لتضيء معانيهم ليالي مراكش..»
وكان حفل الافتتاح قد شهد حضور محمد القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة، و العصري سعيد الظاهري، سفير دولة الإمارات في المغرب، الى جانب الحضور الجماهيري اللافت من الشعراء والنقاد والفنانين والإعلاميين وعشاق الشعر. كما حظيت العديد من الإشراقات اللامعة في سماء الشعر والثقافة باحتفاء وتكريم خاص، ترسيخا لثقافة الاعتراف واحتفاء بالتنوع الثقافي المغربي. وهكذا احتفت الدورة الثالثة لمهرجان الشعر المغربي بالشاعرة الحسانية فرحة منت الحسن، الباحثة المهتمة بالتراث الحساني، الى جانب الشاعر والإعلامي والباحث الأمازيغي عمر أمارير، كما اختارت الدورة الثالثة للمهرجان أن تحتفي بأحد رموز القصيدة المغربية الحديثة، الشاعرة الدكتورة ثريا مجدولين، فيما شكل تكريم الفنان مولاي الطاهر الأصبهاني، أحد أعمدة مجموعة «جيل جيلالة» الرائدة، لحظة احتفاء خاصة بالذاكرة الجماعية للفن المغربي. المجموعة، (التي تأسست 1972)، والتي ألهبت منصة المهرجان، ضمن حفل فني عادت من خلاله المجموعة الى تقديم روائعها الخالدة والتي ظلت تسكن وجدان المغاربة. وقرأ الشعراء جمال أماش وإكرام عبدي وعبدالرحمان أحمو بعضا من قصائدهم. كما قدم كل من الناقد الدكتور المهدي لعرج والناقد الدكتور محمد أبو العلا تقريري لجنتي التحكيم والخاصة بجائزتي «أحسن قصيدة» و»النقد الشعري»، في دورتها الثالثة 2021 قبل تسليم الجوائز للفائزين.

الشعر وأسئلة القيم ومحاورات مع مكرمي الدورة

احتضنت قاعة تيشكا، صباح اليوم الموالي، فعاليات منتدى المهرجان «الشعر وأسئلة القيم». المنتدى، الذي عرف مشاركة النقاد زهور كرام، محمد أبو العلا، بوزيد لغلى، وتقديم الناقد أحمد قادم. اختارت دار الشعر بمراكش سؤالا إشكاليا، حاولت من خلاله دعوة النقاد والباحثين الى تأمل راهن الشعر في علاقته بمنظومة القيم الكونية. المنتدى شهد نقاشا وجدالا لافتا، أعطى حيوية جديدة لأسئلة التفكير في الشعر اليوم. واعتبرت الأكاديمية الناقدة زهور كرام أن موضوع المنتدى يسائل تفكيرنا، ويطرح علينا تحيين خطابنا بالنظر لما يشهد العالم اليوم من تحولات. فيما عاد الناقد محمد أبو العلا الى سبر أغوار هذه العلاقة المركبة بين الشعر وتأصيل خطابه، ورصد صور هذا الحضور من خلال تنظيرات العديد من الباحثين والنقاد، واختار الناقد بوزيد لغى أن يستقصي المنجز الشعري الحساني، بمرجع خاص ينبع من خاصية أسئلة القيم في هذا المتن، انطلاقا من شواهد وترجمات وكتب، قاربت بعضها خاصياته الداخلية.
محاورات الدورة الثالثة للمهرجان، خصصت لمكرمي الدورة، فقرة تحاول ملامسة مساراتهم والاقتراب من أسئلتهم ورؤاهم. حيث قدمت الشاعرة والاعلامية فاطمة يهدي كل من، الشاعرة الحسانية فرحة منت الحسن والشاعر والاعلامي والباحث الأمازيغي عمر أمارير، فيما قدم الشاعر نجيب خداري الشاعرة ثريا مجدولين.

قصائد شعرية تحت ظلال الزيزفون

نبض القصيدة وقصيدة مغربية ورؤى شعرية، فقرات القراءات الشعرية للدورة الثالثة لمهرجان الشعر المغربي، والتي اختارت دار الشعر بمراكش، ومنذ الدورة الأولى للمهرجان، أن تظل في حدائق مراكش الشعرية. وتنضاف فقرتي «أبجديات وموسيقى» و»أبجديات وكوريغرافيا» الى ترسيخ هوية المهرجان من خلال حوارية الفنون (الموسيقى، التشكيل، والمسرح). التقى شعراء وشاعرات الدورة الثالثة من مهرجان الشعر المغربي يمثلون أجيال وشجرة الشعر المغربي الوارفة، أجيال وحساسيات وتجارب، وخلال ثلاثة أيام متواصلة، في حديقة تمتلك مقومات تاريخية وأركيولوجية وشكلت مصدر إلهام لكبار أشهر الكتاب والفنانين العالميين: فاتحة صلاح الدين وسعيد كوبريت ومليكة العلوي، علي الصياد، صفية عزالدين، أمين زكنون، رضوان،حفيظة الفارسي ومحمود عبدالغني، إدريس علوش وهدى الفشتالي (باللغة الانجليزية).. شعراء ينتمون الى نفس المشهد، لكن لكل مساراته ورؤاه.. في حين، شكلت فقرتي «أبجديات وموسيقى» و»أبجديات وكوريغرافيا»، للمبدعين صلاح الوديع وحسن شيكار وفتح الله بوعزة وفيصل كمرات، على نسج خيوط حوار شعري فني. أمسى الوطن محمولا على أوتار آلة العود، وشجن الشاعر على جسد الفنان.
وشكلت فقرة «أبجديات وكوريغرافيا»، من تقديم الشاعر فتح الله بوعزة والفنان المسرحي فيصل كمرات، لوحة فنية فريدة في تمازج شعري وفني خلاق، عبر حوار امتزج فيه صوت الشاعر مع جسد الممثل وتلبست فيه القصيدة سحر المكان.
القراءات الشعرية، والتي قدم فقراتها: الناقدة عتيقة السعدي والشاعر إدريس الملياني والزجال مراد القادري، أمست ديوانا شعريا مصغرا للشعر المغربي، في مهرجان شعري يحتفي بالشعر والشعراء، ويؤشر على عودة الملتقيات والتظاهرات الثقافية الى الجمهور.


الكاتب : متابعات

  

بتاريخ : 09/11/2021