ازدواجية النحت والرسم

 

في‮ ‬معرضه الحالي،‮ ‬يتابع عبد الرحمان رحول مسيرته الفنية ببطء‮. ‬مشكلا فضاءه الخاص‮ (‬ضمن زملائه‮) ‬رابطا بين مخزونه البصري‮ ‬الواضح بالبعد الواحد،‮ ‬وتجربته اليدوية في‮ ‬مجال النحت والرسم معا‮.‬
يرسم رحول دوما مجالين فضائيين معينين‮: ‬المكان والكائن‭.‬‮ ‬المكان كوعاء بيئوي‮ ‬يتنفس مناخا بطيئا من خلال عناصره المتشابكة،‮ ‬والكائن المرتبط بهذا الوعاء البيئوي‮ ‬الهندسي،‮ ‬حيث ترتبط وتستحيل العلاقة المشتركة الممكنة‮.‬
أمام لوحات رحول،‮ ‬سوف لا‮ ‬يحار المشاهد من أين‮ ‬يبدأ الدخول؟ كل شيء واضح وغامض في‮ ‬نفس الوقت،‮ ‬واضح من حيث الدلالة البصرية المعيرة‮. ‬وغامض في‮ ‬المقصود إلى أين تنتمي‮ ‬المدينة؟ الأماكن؟ من هي‮ ‬الكائنات الغريبة التي‮ ‬تقف وحدها معلقة في‮ ‬فضائها الخاص والمائلة نحو مصيرها؟
إن رحول‮ ‬يرسم بدون خلفيات وبدون تجريبية‮ (‬ثقافية‮) ‬معتمدا فقط على ذاكرته وعلى بصره‮.‬
بنايات متعددة ومستديرة،‮ ‬قبب معلقة فوق أسطح مقببة كل هذه الأشياء تبدو كما لو كانت من كوكب آخر،‮ ‬إنها أشبه ما تكون بالمدينة الإسلامية ذات المعمار الإسلامي‮ ‬الخاص‮.‬
في‮ ‬النحت والرسم عند رحول لا فرق‮ . ‬ثمة علاقة مشتركة بين الاثنين‮ ‬غير مقطوعة‭.‬وعندما‮ ‬ينجز رحول أعماله السيراميكية،‮ ‬فإنما‮ ‬ينجز أيضا رسوماته الزيتية على القماش نفس الموضوع‮. ‬لكن بصيغة أخرى،‮ ‬وهكذا‮ ‬يتكامل النحت والرسم عند رحول ويحقق بهما توازنا داخليا وخارجيا،‮ ‬الشيء الذي‮ ‬يعطيه استثناء بين زملائه‮.‬
في‮ ‬النحت‮ ‬يلجأ رحول الى استغلال المادة وعناصرها المكونة،‮ ‬ويشيد موضوعا نحتيا مبهما إلى حد ما‮. ‬أما في‮ ‬الرسم،‮ ‬فإن رحول لا‮ ‬يدخل في‮ ‬التجريب كغيره،‮ ‬بل إنه حريص على هويته الأساسية،‮ ‬التشخيصي‮ ‬والتعبيري‮ ‬اللذان‮ ‬يسمان جل لوحاته الزيتية أو رسوماته الصغيرة‮.‬
إن رحول لا‮ ‬يدعونا إلى الائتلاف معه في‮ ‬مشروعه التشكيلي‮ ‬الراهن،‮ ‬بل إنه‮ ‬يدعونا إلى رؤيته أكثر حتى نربط علاقة بصرية بلوحاته‭.‬‮ ‬وهكذا فعبد الرحمان رحول لا‮ ‬يفرض نفسه على جمهوره بقوة،‮ ‬إنه‮ ‬يستأذنه بهدوء كهدوء رحول نفسه‮.‬

ادريس الخوري
الخميس‮ ‬29‮ ‬يناير‮ ‬1981


الكاتب : ادريس الخوري