الأزمة المائية في المغرب«الجزء الثاني» : الماء حين يشد المغاربة الرحال بحثا عن الحياة

تعددت أوجه وأشكال استباحة الماء في المدن والبوادي. وبين العناوين الكبرى لهذا التوجه التأسيس لفلاحة ليست ابنة بيئتها، بالاعتماد على حفر الأثقاب والآبار بشكل عشوائي وعلى عمق جدّ كبير، لاستغلال ذلك المخزون الغني في «زراعات» لا يستفيد منها إلا المعنيون بها، ولملء المسابح، وسقي الملاعب الخاصة، ولاستثمارها في صناعات تُطرح أكثر من علامة استفهام حول كلفتها قبل جدواها، سواء المتعلقة بالمجال «الغذائي» أو غيرها، في الوقت الذي كانت فئات تتكبد المشاق وتقطع الكيلومترات بحثا عن ماء للشرب، لها ولماشيتها،
وللحياة بشكل عام!
مشاق، سيتبين على أن رقعتها ستتسع وبأن حدّتها ستزداد بمرور الأيام، بسبب الاستنزاف المتواصل الذي أدى إلى شحّ مائي، بات يتطلب اتخاذ تدابير جد مستعجلة لتدارك تأخير كان من الممكن هو الآخر تفاديه، من خلال التوجه السريع بشكل أكبر نحو حلول أخرى تتمثل في معالجة واسعة للمياه العادمة، وفي تحلية ماء البحر، وفي اعتماد تقنيات أخرى متطورة للحصول على الماء. حلول إلى جانب الطريق السيّار المائي الذي كان خطوة مهمة لتفادي العطش في مدن كالدارالبيضاء نموذجا، كان من الممكن أن تغنينا عن وضعية التقشف التي أعلنت عنها مصالح الإدارة الترابية ودعت، تحت طائلة الجزاءات، إلى تبنيها واعتمادها، علما أن من بينها إجراءات لها العديد من التبعات، وتحتاج إلى إعادة النظر والعقلنة، حتى يتم توجيه جهود الحفاظ على الماء نحو هدفها الصحيح ولا تظل طريقها؟
إن الحفاظ على الماء وتوفير كل السبل الممكنة والمتاحة للرفع من مخزونه، وهو الذي سنّت التشريعات لأجل حمايته وعدم المساس به، يعتبر من بين الأولويات الأساسية من أجل استمرار العيش ولتحقيق سيادة مائية، تضمن الاكتفاء وتفادي كل عجز وخصاص، وتحول دون السقوط في العطش بمختلف صوره وأبعاده، وهو ما يتطلّب اليوم وأكثر من وقت مضى، وفي ظل هذه الأزمة غير المسبوقة؛ قياسا على ما سبق وبناء على عدد سكان المغرب؛ تعبئة مجتمعية لكي يتعامل الكلّ، أفرادا ومؤسسات، مع الماء كثروة وطنية يجب حمايتها والحفاظ عليها والوقوف في وجه كل أشكال الهدر التي قد يتعرض لها، مهما كانت صيغها، لأن الأمر يتعلق بأمن
مائي لايجب المساس به.


الكاتب : أعد الملف: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/02/2024