الاحتفاء الجمالي بالتراث الأمازيغي في أعمال التشكيلي المغربي رشيد العمراني

رشيد العمراني فنان شاب من مدينة «أزرو» حاصل على جوائز وطنية ودولية في المجال التشكيلي عبر مشاركاته في مهرجانات ومعارض محلية ووطنية ،مبدع متنوع الإنتاج ، متواصل التجريب والاختبار لتقنيات وأساليب متنوعة تثري منجزه الإبداعي.

سحر الطبيعة الآسر في أعمال الفنان

محاطا ببيئة جميلة بأشجارها ومعمارها الفريد ،وطقسها الباعث على الحيوية، نشأ الفنان رشيد العمراني مسحورا ومفتونا بهذه الأجواء الباعثة على الإبداع في أجمل حلله وأوجهه …استمالته الطبيعة فرسمها ساكنة تبعث على الهدوء ، ورسمها مفعمة بالدينامية باختياراته اللونية المناسبة ..
من هذا المنطلق خرج الفنان بأعمال فنية التزم فيها بالدقة في الألون في تدرجاتها ،في غمقها وانفتاحها، وفي المنظورات وسلم الأبعاد مما حول منجزه إلى تحف فنية احترافية تحمل بصمة المخلص للإبداع بما يقتضيه من تدرب ومحاكاة وتعلم مستمر…منجز مؤثث بأعمال تفصح عن تذوقه للجمال الرباني المبثوث في مدينتي «أزرو» و»إفران» وغيرها من القرى والمدن المغربية بلا اسثناء..ورغم حرصه على النقل الدقيق لمفردات أعماله، فإن بصمته كرسام وتشكيلي لا تخفى للعيان ..فله توظيفات خاصة للخطوط والألوان،وله اختيارات وازنة للمفردات البيئية التي يختارها موضوعا للوحاته. وينطبق ذلك كله على لوحاته الخاصة بالطبيعة ، وبالبورتريهات التي تغلب عليها المرأة الأمازيغية.ّ.وبهذا يسجل له هذا التأنق في استحضار البيئة المحيطة به بعمق تأمله المفضي إلى اختيار نقط القوة في تجسيد الجمال في المكونات البيئية والعمرانية.
الفنان يحاول التعبير عما يلمحه ويأسر عينيه ببهائه وبإمكانية إبراز نقط القوة في التعبير عما يشعر به إزاء المفردة التي يختارها لإبداعه راغبا في مقاسمتها مع غيره. فكل لوحة تجسد اكتشافا لمناحي الجمال بشكل معين.
الفنان في ريعان شبابه تنبئ إنجازاته بكونه سيقطع أشواطا ومراحل تزيد من قدراته ليختط لنفسه تقنيات وأساليب مميزة تحمل بصمته الخاصة.

المفردات التراثية
في أعمال الفنان

الكتابة عن التراث الأمازيغي الزاخر بالمعطيات الثقافية والفنية معمارا وحليا وشعرا وسردا وأزياء سيظل المعين المفتوح للاغتراف منه من قبل كل المبدعين بمختلف مجالات اشتغالهم. وأغلبهم وبمختلف التقنيات والأساليب يقومون بتسجيل ما يجذبهم وكأنهم يخافون فراره من بين أيديهم. هكذا نجد هذا الفنان حريصا كل الحرص على نقل التراث الأمازيغي في عصر تتغير فيه الأمور والثقافات تحت زحف العولمة والإعلام بما يحمله من السلبيات والإيجابيات المستميلة للأطفال والشباب بعيدا عن تراث أجدادهم العريق.
ومن هذا المنطلق تظل اللوحة التراثية حاملة للانفعال والتفاعل مع المعطيات المتخذة مفردة للعمل الفني.
رشيد العمراني كغيره من المهتمين بالتراث الأمازيغي في أعمالهم التشكيلية استغل ثيمة المرأة كي يظهرها مرتبطة بهذا التراث عبر الكثير من المعطيات المتعلقة بحياتها.فتجدها في جدارية من جداريته تذكرنا بتاريخها العريق حيث كانت بطلة معصبة الرأس بحزام في صدره لؤلؤة ،ثابتة النظرات ، في ذقنها وشم يشكل حرفا أمازيغيا معروفا ، وفي لوحة تبدو امرأة بزيها الأمازيغي تحمل على كتفها قلة وقد عادت إلى منزلها بعد أن ملأتها من النهر،كل مظهرها يجسد تراثا وعادات يومية يحاول هذا الفنان وكل الفنانين الأمازيغ استعادتها عبر أعمالهم الفنية..
ولم يفت الفنان تناول المرأة بهمومها اليومية، وكدحها من أجل التعلم والتعمق في فهم التاريخ الخاص بالأمازيغ ، كما في جدارية تبدي فتاة شاردة النظرات تتكىء على كتابين ضخمين واحد تحت عنوان «تاريخ المغرب» والآخر «طارق بن زياد « البطل الأمازيغي الشهير بفتحه للأندلس .
وفي كل لوحة ثيمتها المرأة يجعلها رشيد العمراني في صدر المفردات المشكلة لموضوع اللوحة مما يجعلها بطلة لخلفيات تمثل الطبيعة والبيئة بما تحمله من معمار وتضاريس متنوعة.

اهتمام لافت بالمعمار

لقد اهتم الفنان إلى جانب ما أشرنا إليه بالمعمار الأمازيغي المعروف بفرادته وجماليته مقارنة بالمعمار العالمي ،القصبات والمداشير وكل المنازل التراثية تعد تحفة من حيث ما تحمله من رموز توحي بثقافة قاطنيها.»و الفن التشكيلي وهو يحاول الارتباط بالمعمار يحاول الوصول إلى الإحساس الروحي الذي تضفيه مفردات المعمار الأمازيغي متناغمة مع المفردات التراثية الأخرى ،لذا نجد أغلب اللوحات الخاصة بهذا المعمار العريق موثثة بما يكمل خصوصياتها في علاقة مع التراث الأمازيغي بأبعاده الجمالية ، والنفعية عبر الألوان والظلال واللمسات الروحية والشعورية التي من شانها استلهام الماضي من أجل ربطه بالحاضر».


الكاتب : لحسن ملواني

  

بتاريخ : 29/11/2021

أخبار مرتبطة

الأثر الطيب والتأثير المستدام   نظمت حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي، لقاء لتقديم كتاب بعنوان « محمد الحيحي.. ذاكرة حياة»

بايعوه و باعوا له كل شيء وقف جندي بزيه المضمخ دما ليس ليقول : أنا واحد من المليون شهيد بل

أعلنت جائزة غسّان كنفاني للرواية العربية التي تنظمها وزارة الثقافة الفلسطينية عن الروايات المرشحة للقائمة الطويلة بدورتها الثالثة للعام 2024،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *