البعد السيكوسيولوجي للعطلة

تأتي العطلة الصيفية بعد شهور طويلة من الجد والاجتهاد وبذل الجهد في العمل والمذاكرة والمراجعة، وهي حق من حقوق الافراد للاستراحة والاسترخاء، ولما للعطلة الصيفية من أهميّة لدى الناس، إلا أنّه يجب التأكيد على أهمية تنظيم الوقت، للاستفادة منها والاستمتاع بها قدر الإمكان. على نطاق واسع.  ترتبط العطل اليوم بالسفر: نذهب في عطلة ، علينا  تغيير الموقع.  ولهذا ، فإن السؤال الحقيقي ليس الحق في العطلة  بل الحق في المغادرة؟  بما في ذلك لمن لا يعملون – عاطلين عن العمل ، غير نشطين ، متقاعدين … جميع المجتمعات لديها قواعد لإبعاد نفسها عن حياتها اليومية.  إنه ضروري للبناء النفسي والاجتماعي .
تبقى العطل  قبل كل شيء لحظة المودة العظيمة.  70٪ من الناس يذهبون مع العائلة. ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار الهدف الأسمى من العطلة  هو إرساء المودة بين الأفراد وتغيير المشهد كل هذا، وذلك لأجل تحقيق نوع من الاستقرار النفسي الذي لا محال ينعكس على الاستقرار الاجتماعي الذي ينعكس لا محال على الحياه العامة للأفراد.
حوالي 80٪ من النساء يعملن اليوم، ويتساءلن متى نكون بهدوء مع أطفالنا؟  متى تحصل العائلات على وجبة لطيفة وهادئة؟  لا يتحقق ذلك  خلال الأسبوع فلحظات التعايش نادرة.  ومن هنا يأتي الدور الأساسي لعطلة  نهاية الأسبوع والعطلة بصفة عامة.
العطلة هي المكان الذي يكشف الاختلافات الاجتماعية وأنماط الحياة.
أدى ظهور العطل المدفوعة الأجور إلى إضفاء الطابع الديمقراطي الحقيقي على الوصول إلى وقت الفراغ والراحة.  ومن المفارقات أن هذا يترافق مع تفاوتات متزايدة القوة في ما يتعلق بحركة المغادرة واستهلاك السائحين. وبالتالي، فإن تنويع العرض لا يعني بالضرورة تنوع الجماهير.  لعبة لعب الأدوار بقدر ما هي طريقة للتمييز، وقت العطلة يشكك في تمثيلاتنا واستخداماتنا لوقت الفراغ أكثر من أي وقت مضى.غالبًا ما يتم تجاهل المستوى الاقتصادي.
كما يمكن القول أيضا إن العطلة تلعب أيضًا دورًا حيويًا في الحفاظ على الفجوة بين الطبقات.فلكل واحد  وجهته ولكل واحد دخله وإمكانياته، والاختلاف كما يقال لا يفسد للود قضية.
أعتقد أن وقت الفراغ يجب أن يرتبط بالثقافة مع تنظيم لوقت الفراغ والراحة، فلدى البعض وقت فراغ يثريهم، والبعض الآخر لا يفعل ذلك،مثلا خلال عطلة فبراير، يذهب بعض الناس للتزلج، لكن بالنسبة للأطفال الذين يعمل آباؤهم، تستغرق 15 يومًا من البث التلفزيوني المكثف. الاختلافات في نوعية وقت الفراغ كبيرة. من تم لا يكفي أن نقول: نحن نغادر أو لن نغادر، لكن يجب أن نسأل أنفسنا: ماذا نفعل؟
من الجميل قضاء عطلة صيفية ممتعة، لكن الأجمل الجمع بين الاستفادة والمتعة، ومن أهم النصائح المقترحة لقضاء عطلة صيفية مفيدة وممتعة:
وضع خطة، تُحدَّد فيها الأنشطة التي يفضل الفرد ممارستها أثناء العطلة الصيفية، وكيفيّة قضائه الإجازة. القراءة والمطالعة؛ خصوصاً الكتب والمجلات العلمية؛ إذ تعدّ المطالعة من أهمّ الأنشطة التي تجمع بين المتعة والفائدة. متابعة البرامج التعليمية التي يتم عرضها على القنوات الفضائية، أو على شبكة الإنترنت. الاهتمام بمتابعة الندوات والأنشطة الثقافية. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام. المشاركة في الرحلات الترفيهية، وزيارة المناطق الأثرية برفقة الأهل أو الأصدقاء. تنظيم ساعات النوم دون المبالغة فيها، فزيادة ساعات النوم تزيد الشعور بالكسل، وتضيّع الوقت بلا فائدة.
سيكون من الضروري ابتكار عطلات شعبية تعاونية، لتقديم فرص غير مكلفة للأشخاص المتضررين ماديا، قد تكون هناك مواقع تأجير رخيصة، قد يكون البعض مهتمًا بالاستئجار بسعر رخيص في أوقات معينة. السياحة الاجتماعية اليوم أغلى من العديد من الأنظمة التي يمكن وضعها.  بالنسبة للأشخاص الأكثر حرمانا، يجب أن نتواصل معهم  حتى يكتسبوا ثقافة السفر .
أكد مجموعة من علماء النفس والاجتماع أن شعور الوهم الذي يغمرنا أثناء بداية العطلة و خاصة ساعة  اختيار وجهة معينة، ولحظات إعداد الحقيبة، وشراء تذاكر السفر، وتحديد الأماكن التي سنزورها، يمكن أن تكون أكثر متعة من العطلة أو الرحلة نفسها. لأن المسألة في الأخير تبقى متعلقة بشعور السعادة الذي يشعر به الفرد، والذي لا محال يخدم الصالح العام، فبتحقيق توافق نفسي أكيد سنحقق أيضا  توافقا اجتماعيا يعم بالخير على الجميع ويخدم الصالح العام ويمكن من العيش الكريم في مكان يسع الجميع.  فكم نحن محتاجون لعطلة من حين لآخر، فشعور السعادة شعور يمكن أن يغير الكثير .

(*) أستاذة باحثة في علم الاجتماع


الكاتب : بشرى أعراب (*)

  

بتاريخ : 06/08/2022