التشكيلي كريم بناني يودع فرشاته والظلال

وهب ألوانه لأطفال المغرب العميق وغاب

 

فقدت الساحة التشكيلية المغربية، الثلاثاء الماضي، واحدا من أعمدتها الفنية الفنان كريم بناني الرئيس السابق للجمعية المغربية للفنون التشكيلية بعد مسار فني حافل تجاوز 60 سنة.
يعتبر الراحل، إلى جانب تشكيليين أمثال الجيلالي الغرباوي وأحمد الشرقاوي ومحمد المليحي وعمر بورقبة وفريد بلكاهية، من رواد الحركة التشكيلية المغربية التي قطعت مع الاتجاه التشكيلي الاستشراقي الذي كان سائدا منذ الخمسينات في المغرب والذي اعتبروه رديفا للفن الاستعماري ، حيث أبدوا حينها إعجابهم بدينامية فنية تنادي بحرية تامة في الابداع، وتطرقوا في أعمالهم الفنية الى الهويات الثقافية المتعددة للمغرب في ارتباط مع الفنون التقليدية والعادات.
ازداد الراحل بفاس في يناير 1938 والتحق بفرنسا سنة 1954 بالمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة بباريس في عز النهضة الفنية والغليان الذي شهدته المرحلة، حيث استفاد من المناخ الفني المتسم بالحرية، وتمكن من الاندماج بسرعة ضمن موجة الفن الجديد هناك، هو القادم من فاس والذي حمل معه ألوانه المستوحاة من تقاليد المدينة العتيقة التي اكتشف من خلالها الحداثة بكل ألوانها، وترجمها في تعبيراته الفنية في عدد من المعارض الوطنية والدولية.
وبرحيله يفقد الفن التشكيلي المغربي واحدا من أعمدته حيث يعتبر الراحل من بين مؤسسي الفن الحديث بالمغرب، مكرسا ستين سنة من حياته للإبداع في مجال الفنون التشكيلية والبصرية. راكم خلالها مئات الأعمال الفنية، من لوحات ومنحوتات بالإضافة إلى المشاركة في أكثر من 60 حدثا ثقافيا بمختلف بقاع العالم.
الراحل كانت له أيضا اهتمامت سينمائية حيث سبق أن أنجز سلسلة من الأفلام الوثائقية القصيرة بكاميرا «16 ملم» تحت عنوان «المغرب ورساموه» في الفترة 1982-1984 سلط فيها الضوء على تجارب المحجوبي أحرضان وحسن السلاوي وميلود الأبيض وفاطمة حسن والمكي مغارة، بالاضافة الى فيلمه الأخير حول» المكي مغارة» الذي فاز بجائزة أحسن تصوير بكاميرا عبد المجيد الرشيش سنة 1984 في الدورة الثانية للمهرجان الوطني للفيلم بالدار البيضاء.
ساهم الراحل قبل وفاته بأيام قليلة (30 دجنبر 2022) بلوحات بيعت في مزاد تم تخصيصه لدعم الأطفال المتمدرسين (اليتامي وأطفال الأسر المعوزة)، الذين يقطنون في المداشر البعيدة بجماعة دوار صهيب تمصلوحت بمراكش.كما وهب الراحل مجموعة من أعماله التي أنجزها مابين 1955 و2008 لمتحف الفن المعاصر بالرباط، كتعبير عن وطنيته وإشارة واضحة تجسد مثالية الفنان وكرمه.

 

 


بتاريخ : 06/01/2023