الجائحة تتمدّد ودائرة الخوف من تطوراتها تتسع

100‮ ‬حالة خطيرة تلج مصالح الإنعاش والعناية المركزة في‮ ‬24‮ ‬ساعة بسبب تداعيات الإصابة بكوفيد‮ ‬19

 

ارتفع عدد الحالات الخطيرة والحرجة التي‮ ‬تتواجد بمصالح الإنعاش والعناية المركزة جراء الإصابة بفيروس كوفيد‮ ‬19‮ ‬إلى‮ ‬766‮ ‬حالة،‮ ‬وتم تعزيز هذه القائمة بـ‮ ‬100‮ ‬مصاب في‮ ‬ظرف‮ ‬24‮ ‬ساعة فقط،‮ ‬ما بين مساء الإثنين والثلاثاء،‮ ‬56‮ ‬منهم‮ ‬يوجدون تحت التنفس الاصطناعي‮ ‬الاختراقي،‮ ‬مما‮ ‬يبين حجم انتشار العدوى التي‮ ‬باتت تفتك بالأجساد،‮ ‬بعدما تم تسجيل‮ ‬72‮ ‬حالة وفاة جديدة مساء أول أمس الثلاثاء،‮ ‬والتي‮ ‬تتسبب في‮ ‬نقل المصابين في‮ ‬وضعية صحية متطورة صوب الإنعاش،‮ ‬إن هم وجدوا لهم سريرا به،‮ ‬ليظلوا هناك معلّقين بين الحياة والموت؟
وارتفعت حصيلة الوفيات الناجمة عن الإصابة بكوفيد‮ ‬19‮ ‬خلال الأسابيع الأخيرة بشكل لافت للانتباه وجدّ‮ ‬مقلق،‮ ‬إذ جرى تسجيل‮ ‬499‮ ‬حالة وفاة ما بين‮ ‬15‮ ‬و‮ ‬28‮ ‬شتنبر،‮ ‬وفقا لأرقام وزارة الصحة،‮ ‬وتصاعد الرقم ليصل إلى‮ ‬523‮ ‬وفاة ما بين‮ ‬29‮ ‬شتنبر و‮ ‬12‮ ‬أكتوبر،‮ ‬وخلال الأسبوع ما بين‮ ‬13‮ ‬و‮ ‬26‮ ‬من الشهر الجاري‮ ‬وصل عدد الضحايا الذين فارقوا الحياة بسبب الفيروس إلى‮ ‬737‮ ‬ضحية‮. ‬أما عدد المصابين فقد شهد هو الآخر ارتفاعا متواصلا،‮ ‬إذ انتقل من‮ ‬30‭.‬904‮ ‬في‮ ‬الأسبوع الأول إلى‮ ‬34‭.‬654‮ ‬في‮ ‬الأسبوع الثاني‮ ‬ثم‮ ‬45‭.‬984‮ ‬في‮ ‬الأسبوع الثالث‮.‬
وضعية وبائية تتسم بالتعقيد‮ ‬يوما عن‮ ‬يوم،‮ ‬فأرقامها لم تعرف أي‮ ‬انخفاض وعلى النقيض من ذلك تواصل الارتفاع وبشكل صاروخي،‮ ‬مما‮ ‬يهدد المنظومة الصحية بالرغم من التطمينات الرسمية،‮ ‬إذ‮ ‬يؤكد العديد من مهنيي‮ ‬الصحة بأنهم أصبحوا متجاوزين بسبب الإقبال المرتفع للمرضى على المؤسسات الصحية العمومية خصوصا،‮ ‬وبأنهم باتوا أكثر عرضة لخطر الإصابة بالعدوى في‮ ‬غياب مسالك ومسارات واضحة للتكفل بهم،‮ ‬مما خلق جوّا من التيه الذي‮ ‬يرخي‮ ‬بغموضه على‮ ‬يوميات المهنيين ويؤثر على قيامهم بواجبهم‮. ‬بالمقابل‮ ‬يعاني‮ ‬المرضى وأسرهم هم أيضا،‮ ‬بسبب التأخر في‮ ‬التشخيص والتكفل بالعلاج،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعكس عدد الحالات الحرجة التي‮ ‬يصل بعضها إلى مصالح الإنعاش في‮ ‬حين‮ ‬يفارق الحياة‮ ‬غيرهم في‮ ‬مصلحة المستعجلات أو في‮ ‬الطريق إليها أو في‮ ‬المنازل،‮ ‬علما بأن عدد الحالات النشطة المصابة بالفيروس تقدر اليوم بـ‮ ‬31‭.‬582‮ ‬حالة،‮ ‬80‮ ‬في‮ ‬المئة من مرضاها‮ ‬يتابعون العلاج خارج أسوار المستشفيات‮.‬
ويتواصل خرق التدابير الوقائية في‮ ‬مدينة كالدارالبيضاء التي‮ ‬يحضر فيها الفيروس بقوة،‮ ‬إذ‮ ‬يتواصل نقل الركاب في‮ ‬عدد من وسائل النقل العمومية بكيفية‮ ‬غير سليمة،‮ ‬ونفس الأمر بالنسبة لبعض سيارات الأجرة،‮ ‬التي‮ ‬لم‮ ‬يجد أصحابها حرجا في‮ ‬استمرار العمل بالتسعيرة المرتفعة التي‮ ‬تم سنّها خلال زمن الحجر الصحي‮ ‬بعدما تمت مطالبتهم بتقليص عدد الركاب إلى النصف،‮ ‬في‮ ‬حين‮ ‬يتم اليوم ملء كراسي‮ ‬السيارة عن آخرها أو اعتماد‮ ‬5‮ ‬ركاب بالنسبة للصنف الكبير،‮ ‬دون أدنى مركب نقص،‮ ‬في‮ ‬استغلال للوضعية واستهتار بها كذلك‮.‬
وضع‮ ‬يشمل فضاءات العمل،‮ ‬إذ لم تحفز رسالة والي‮ ‬جهة الدارالبيضاء سطات،‮ ‬الذي‮ ‬جعل من مقر الولاية مضربا للمثل والاجتهاد بتقليص الموظفين بنسبة الثلثين ومنحهم إمكانية العمل عن بعد مع المراقبة والتتبع لمردوديتهم،‮ ‬مجموعة من الإدارات العمومية التي‮ ‬نهجت سياسة النعامة وواصلت الزج بموظفيها في‮ ‬مكاتب تفتقد لشروط السلامة وتفرض عليهم الحضور رغم خصوصيات المهام التي‮ ‬يمكنهم القيام بها عن بعد،‮ ‬حيث أكد عدد من الموظفين لـ‮ «‬الاتحاد الاشتراكي‮»‬،‮ ‬إمكانية اللجوء إلى القضاء بسبب تعريض حياة الغير للخطر في‮ ‬ظل هذه الظروف الاستثنائية العصيبة التي‮ ‬لا‮ ‬يتعامل معها بعض المسؤولين بالمسؤولية الواجبة؟
مشهد‮ ‬يتكرر أمام مؤسسات مالية واجتماعية،‮ ‬عامة وخاصة،‮ ‬التي‮ ‬تفرض على المرتفقين التجمهر أمام الأبواب،‮ ‬حيث‮ ‬يتكدّس عشرات المواطنين في‮ ‬انتظار دورهم لقضاء‮ ‬غرض في‮ ‬غياب تدابير حمائية تمكّنهم من التباعد والانتظار في‮ ‬أجواء مناسبة بعيدا عن أشعة الشمس وغيرها من العوامل المحيطة والمؤثرة،‮ ‬وهو ما‮ ‬يحول لحظات الانتظار إلى معاناة متعددة الأبعاد،‮ ‬تدفع بالكثيرين إلى محاولة البحث عن منفذ بأي‮ ‬الطرق وبالتخلي‮ ‬عن الحيطة والحذر الواجب التحلي‮ ‬بهما في‮ ‬مواجهة الوباء‮!‬
اختلالات متعددة تنطق بها تفاصيل الحياة اليومية في‮ ‬الشوارع والطرقات وفي‮ ‬فضاءات العمل،‮ ‬والتي‮ ‬تؤكد أن الوضعية الوبائية لن تزيد إلا استفحالا في‮ ‬غياب وعي‮ ‬فردي‮ ‬وجماعي‮ ‬بصعوبة المرحلة التي‮ ‬تمر منها بلادنا،‮ ‬وفي‮ ‬ظل ضعف المنظومة الصحية التي‮ ‬تخبط خبط عشواء،‮ ‬وتكتفي‮ ‬في‮ ‬كثير من الحالات بالشعارات والخطابات الفضفاضة البعيدة كل البعد عن الواقع الذي‮ ‬يجد فيه المواطن نفسه في‮ ‬حيرة من أمره،‮ ‬وهو‮ ‬يطوف بين المصالح وتوصد في‮ ‬وجهه الأبواب،‮ ‬فيعود إلى مسكنه حاملا الفيروس معه في‮ ‬جسده الذي‮ ‬تنتقل عدواه بتنقله‮.‬


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 02/11/2020