الحاجة إلى إعمال مقاربة تشاركية منصفة تيسر «تنزيل» قوانين البناء بالجماعات القروية الجبلية لإقليم تارودانت

تأخذ بعين الاعتبار الموروث الاجتماعي للمناطق المعنية

«من الصعب التعامل بنفس المساطر تجاه رخص البناء في الوسطين الحضري والقروي» .. إنها إحدى الخلاصات الواردة على لسان المسؤولة الوزارية عن قطاع التعمير أثناء جواب عن سؤال شفوي بمجلس النواب – شهر يونيوالمنصرم – لافتة إلى «إصدار دوريات لمسؤولي الوكالة الحضرية والمفتشيات الجهوية، تتعلق بتبسيط مساطر البناء في العالم القروي طبقا للمواد 34 و35 و36 من القانون 90-12 المتعلق بالتعمير».
مرد استحضار الخلاصة السالف ذكرها، ما تعيش على وقعه، منذ مدة ، العديد من الجماعات القروية بالنفوذ الترابي لإقليم تارودانت، على سبيل المثال لا الحصر، من «جدل» بشأن تنزيل المستجدات القانونية ذات الصلة بتنظيم تراخيص البناء والإصلاح والترميم، والذي زادته صخبا وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن دخل العديد من المنحدرين من هذه المناطق على الخط.
وارتباطا بهذا الموضوع سبق أن نشرنا نموذجا لهذا «الصخب» من دوار مكزارت – قيادة والقاضي بجماعة النحيت، والذي كانت أصداؤه قد وصلت إلى القضاء، بعد أن عرضت القضية على المحكمة الابتدائية بتارودانت.
إن هذا «الجدل»، يمتح مرجعيته، أساسا، من أن موضوع تنزيل المقتضيات القانونية ذات الصلة بالبناء والتعمير، يعتبر بالنسبة لأهالي المناطق الجبلية بهذه الربوع، من الأمور المستجدة ، غير المتعود عليها ضمن ما « توارثته « الأجيال المتعاقبة بشأن المقومات المسيجة للمعيش اليومي ، بما فيها تلك التي تخص «قواعد « بناء المنازل الجديدة أو إصلاح وترميم المتداعية منها للسقوط، والتي قوامها «العرف» المتواضع عليه داخل هذه القبيلة أو تلك.
«جدل» يؤشر على أنه بات مستعجلا، أن تبادر السلطات المسؤولة – كل جهة من منطلق اختصاصها – إلى العمل من أجل» تفسير مستجدات قوانين التعمير والبناء بالمجال القروي»، حسب بعض أبناء دواوير جماعات قروية محسوبة على النفوذ الترابي لدائرة إغرم، مع التأكيد على « أهمية التنسيق مع فعاليات المجتمع المدني المحلية، خاصة المنشغلة بالهم الاجتماعي، وذلك إعمالا للمقاربة التشاركية، والعمل على برمجة حملات للتحسيس والتعريف بما تنص عليه الدوريات الخاصة بمراقبة وتتبع أوراش البناء، تجنبا لكل ما من شأنه الوقوع في مخالفات يعاقب عليها القانون».
وحسب المصدر نفسه، فإن «بناء منزل بهذا التجمع السكني أو ذاك، يعني خلق العشرات من مناصب الشغل الموسمية، بالنسبة للبنائين ومساعديهم من مختلف الأعمار، وبالتالي تحصيل مبالغ مالية تمكن من اقتناء الحاجيات الضرورية للأسر التي تئن تحت وطأة الهشاشة «من دقيق، سكر، شاي، زيت…»، علما بأن تداعيات الحرب على وباء كورونا مازالت ترخي بظلالها القاتمة على غالبية الأسر».
في السياق ذاته، «يعتبر توسع الدواوير السكنية من خلال تشييد منازل جديدة، وسيلة لتمتين الارتباط مع موطن مسقط رأس الآباء والأجداد بالنسبة للأجيال الجديدة، خصوصا الناشئين منهم بديار المهجر أو بمختلف المدن، حيث أن التوفر على مسكن بالبلدة ييسر الزيارات الموسمية أثناء العطل والمناسبات، دون إغفال أن استمرار البناء عنوان للبقاء وعدم التفكير في الهجرة صوب المدن، مع ما تعنيه هذه الخطوة من مخلفات سلبية لاتزال العديد من الحواضر تؤدي فواتيرها الباهظة « يتابع المصدر عينه .
انطلاقا مما سلف ذكره، يتضح أن «تنزيل القوانين» يحتاج إلى غير قليل من المرونة والسلاسة، لإقناع الساكنة المحلية بجدوائية هذه الخطوة، وشرح «أن الغاية من إقرار رخصة البناء في الوسط القروي تكمن في التحقق من مدى احترام عمليات البناء لمضامين وثائق التعمير التي تغطي هذه المجالات والنصوص القانونية الجاري بها العمل من جهة، وكذا الحرص على سلامة ساكنة هذه المناطق من خلال توفير كافة الضمانات التقنية الكفيلة بتحقيق هذه الغاية من جهة أخرى»، ومن ثم يبقى من الضروري الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذه المنطقة أو تلك، سوسيولوجية كانت أو غيرها.


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 23/01/2023