الحبيب المالكي: ديموقراطية التَّوافُق -03- سنوات رئاسة مجلس النواب في المغرب

مدخل عام: السياق والخطوات الأولى

بالحرصِ نَفْسِه على هذا التقليد الشخصي، أحاول أن أقف الموقفَ نَفْسَه تُجاهَ مَهَامّي على رَأْسِ مجلس النواب في المملكة المغربية خلال الولاية التَّشْريعية العاشرة (2021-2016).
وهذه المرة، حاولتُ أَنْ أُشْرِكَ معي عددًا من أطر المجلس في تجميع المعطيات وفتح ما يشبه ورشةً من الحوار الجماعي حول عملنا وأدائنا ونوعية النتائج التي حققناها. وقد وجدتُ من الأصدقاء والزملاء في مجلس النواب روحًا سمحة من الإنصات والتفاعل، إِذْ أدرك الجميع معنى هذا التقليد، وبالخصوص أدركوا أَن ذلك من أجل الإِسهام في لَمْلَمَةِ عناصر ذاكرةٍ مشتركة وترصيد التجربة التي كانت جماعيةً بامتياز من أجل المزيد من فهم واقعنا السياسي في المغرب وتأمل سيرورة نضالنا الديموقراطي في أحد أهم أمكنة الممارسة الديموقراطية.

 

عندما جاء نداءُ الواجب، لم أتردد لحظةً واحدةً في الانخراط الفعلي في ذلك الأفق الوطني الذي اقتضاهُ الظرف وسرعة التصحيح والتجاوز.
نذكر جميعًا أن المغرب كان يعيش فترة تَشَنُّج سياسي، إِذ تَعَثَّرَ تشكيلُ حكومةٍ جديدةٍ لأكثر من ستة أشهر وظل الواقع جامدًا ودواليب الإدارة في حالة من الانتظارية. ثم حَدَثَ أن المغرب بات في حاجةٍ من الاستعجال إِلى مصادقة برلمانية على مشروع القانون الأصلي المُنشِيء للاتحاد الإفريقي (القانون التأسيسي) كي يكون ممكنًا عودته من جديد إلى بيته القارِّي، وذلك في أعقاب قرار صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله بضرورة العودة إلى الاتحاد الإفريقي. وكان ذلك عمليًّا هو المدخل الذي ألهم الجميع بضرورة الخروج من الأَزمة الحكومية، وإيجاد صيغة سياسية تتلاءم مع مقتضيات دستور المملكة، ولا تتنافى مع تقاليد العمل السياسي، وتستجيب للسَّيْرورةِ المتسارعة في واجهة العمل الدبلوماسي خدمةً لقضية وحدتنا الترابية وتقويةً لمكانة المغرب وصورته.
كان المغربُ قد رسَمَ خريطةَ طريقٍ جديدةً لِتَجَاوُز سياسةِ «الكرسي الفارغ» التي كانت قد غدت غَيرَ مُثْمِرة، خُصوصًا بعد جملةٍ من التحولات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية أعطت لبلادنا مكانة متقدمة ومركَزَ ثقلٍ جديد، إِذْ أصبحت المملكة شريكًا متقدمًا للاتحاد الأوروبي، وطورت علاقاتها وتحالفاتها مع شركاء أفارقة جدد، وغدت المستثمر الثاني في القارة الإفريقية، فضلًا عن التحولات العميقة في الغلاف الإيديولوجي الذي كان سائدًا في ظل الحرب الباردة، فالعالمُ المعاصر لم يعُد منقسمًا بين المعسكرين الشرقي والغربي كما كان عليه الأمر من قبل، وانهارت دول وأنظمة سياسية وجاءت أخرى، وتحسنت خرائط الحياة الديموقراطية في عدد من بلدان القارة السمراء. ومنْ ثَمَّ جاءَ الوقت الملائم لاتخاذ القرار الشجاع بالعودة، لا أقول إِلى الساحة الإفريقية – فالمغرب لم يغادر أبدًا هذه الساحة بل ظل دائمًا حاضرًا فاعلًا فيها – وإنما العودة إلى منظمة «الوحدة الإفريقية» التي غادرها سنة 1984، وأصبحت تحمل اسْمَ «الاتحاد الإفريقي».
هكذا، فبعد ثلاثة عقود من هذا الغياب عن الإطار الإفريقي، توفقت إرادة جلالة الملك وخلفها دبلوماسيتُنا المغربية في اخْتِبَارٍ دبلوماسي صعب، لكنه لم يكن مستحيلًا ولا عصيًّا على الإِصرار الوطني. وهكذا، تَوقَّفَتِ الأنفاس في الداخل أمام مشهد سياسي شبه معطل حيث كانت المفاوضات والمشاورات الحكومية تُراوِحُ مكانها والوقت يمر بينما الساعة الإفريقية كانت قد أضحت تَعُدُّ وَقْتَها بالساعات والدقائق، إِذْ كان لابد من أن تتشكل أغلبيةٌ على وجه السرعة، لِتُشَكَّلَ حكومةٌ جديدة يقودها الحزب الذي تصدَّر الانتخابات التشريعية (حزب العدالة والتنمية). ومن عجائب المصادفات السعيدة أن المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم تأهل إِلى الدور ربع النهائي من منافسات كأس الأمم الإفريقية، للمرة الأُولى بعد ثلاثة عشر سنة، وذلك عشية انعقاد مؤتمر قمة أفريقية كان جلالة الملك قرر حُضُورَها لتأكيد وترسيم العودة المغربية إِلى الاتحاد الإفريقي. ولكن أمام فرحة المغاربة بفريقهم الوطني لكرة القدم، كان ينبغي أن يتأهل الفريق الحكومي الجديد، وكان ينبغي أن تتشكل أجهزة البرلمان بسرعة لتتمكن من المصادقة على القانون الأساسي للمنظمة الإفريقية، وهو شرط لا مَحيدَ عنه بقوة هذا القانون ذاته. عِلْمًا أن خصوم الوحدة الترابية كانوا يتربصون بأي تفصيل قانوني أو زمني أو غيره لعرقلة القرار المغربي الحكيم بالعودة.
وكما أوضح صاحب الجلالة في خطابٍ تاريخي مؤثر، في افتتاح القمة الإفريقية الثامنة والعشرين (أديس أبابا، 31 يناير 2017)، فقد قَرَّر جلالتُه أن يتوجه بخطابه إِلى القادة الأفارقة، دون أن ينتظر استكمال الإِجراءات القانونية والمسطرية التي كانت ستُفْضي إلى استعادة المملكة مكانَها داخل الاتحاد. كما كان الدعمُ الصريح والقوي، الذي حظي به المغرب مسبقًا (40 دولة داعمة من مجموع 54 دولة أعضاء في الاتحاد الإفريقي) يدل على متانة الروابط التي ظلت قائمةً بين المغرب وقارته، مثلما يدل على العمل النوعي الذي قام به جلالة الملك، دبلوماسيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، وإشرافه الشخصي على الملف الإفريقي حتى إن جلالته عدَّد زياراته ورحلاته المكوكية، كما يقال، إِلى عَدَدٍ وافرٍ من البلدان الإفريقية الشقيقة والصديقة.
وليس سرًّا أن قراري بإِعلانِ ترشُّحي لِشَغْلِ منصب رئيس جديد لمجلس النواب لم يكن قرارًا شخصيًّا أو طموحًا متسرعًا، وإِنما كان استجابةً لقرار حزبنا، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد مشاوراتٍ وحواراتٍ مع حلفائه في الساحة السياسية الوطنية، واقتراح شخصي المتواضع لهذه المَهَمَّة الوطنية بل لهذه الأمانة الجسيمة في الحقيقة، إذْ كان على الاتحاد الاشتراكي وكاتبه الأول الأخ إدريس لشكر التحرك مع أحزاب وطنية أخرى في تلك المرحلة الصعبة التي كان المغرب كلُّه وعلى رأسه جلالة الملك يتحرك ضِدَّ الساعة. ولستُ في حاجة إِلى الخوض في التفاصيل الصغيرة التي تَسْبقُ أو ترافقُ عادةً مثلَ هذهِ اللحظاتِ السياسيةِ التي تَتَغَلَّب فيها الإرادة الوطنية على المصاعب والتحديات فتفتح الأفق، وتصنع التحول، وتزرع الأَمل.
والأَساس الذي صَنَع هذه الخطوة بكُلِّ تأكيد هو ثقة عاهل البلاد في الحِسِّ الوطني للفاعلين السياسيين واستعدادهم لخدمة بلادهم، وذلك بإِرادةٍ تعلو على كلِّ نزوعٍ حزبيٍّ ضَيِّق أو طموح شخصي ؛ ومن جانب آخر تقدير الجميع – من مختلف الآفاق الفكرية والسياسية – لدقة المرحلة وتسارع الإِيقاع الإفريقي الضاغط على الساحة المغربية بل على ساعتنا البيولوجية المغربية لكي لا نُفَوِّتَ الفرصة السانحة على بلادنا، وعلى قضية وحدتنا الترابية. وكان ذلك واضحًا في سعينا الجماعي إِلى تنقية الأجواء الوطنية، واسترجاع الثقة من أجل التأسيس لانطلاقة جديدة، وتعميق ثقافة التَّوافُق التي أعتبرها شخصيًّا منطلقًا مرجعيًّا في تكويني وخطابي وسلوكي وأفقي.
لقد كان ينبغي أن نَجِدَّ جميعًا في العمل والحوار والتشاور لتذويب حالة التَّشَنُّج الذي لم يكن له أَيُّ دَاعٍ، ولم تكن له أي قيمة مضافة في ممارستنا السياسية الوطنية، خصوصًا أثناء تشكيل الحكومة في أعقاب العملية الانتخابية آنذاك (أكتوبر 2016). وكان الاحتكام إلى نوع من التوافق الإيجابي تعبيرًا عن إِحساسٍ جماعي بثقل اللحظة وحساسية الوضع العام واستجابة لنداء الواجب. وهو تَوَافُق كان يعني في مستواه البسيط أن نقوم بالاستشارة وحُسْن الإِنصات وإنضاج الأفكار والخطوات قبل اتّخاذِ أي قرار، وذلك باحترام كامل لمقتضيات الدستور وأحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، ولأخلاقنا وأعرافنا السياسية التي ما أَكْثَرَ ما راكمتْ من تجاربَ ودروس.
وما من شك في أَن ثقافة التوافق السياسي غَيَّرتْ خريطة التصويت من طرف مكونات مجلس النواب في انتخاب الرئاسة الجديدة للمجلس (16 يناير 2017)، إذ كنت مرشحًا دون منافس، وحَصَلْتُ على 198 صوتًا وهو عدد الأصوات المُعَبَّر عنها من مجموع المشاركين والمُشَاركات في التصويت (342 من 395 نائبًا) بينما امتنع 137 نائبًا عن التصويت (أوراق بيضاء) و7 أوراق ملغاة. هذا التصويت الذي سيتغيَّر لاحقًا في العملية الانتخابية لتجديد رئاسة وأجهزة المجلس في منتصف الولاية (12 أبريل 2019)، إذ حظيت بشَرَف انتخابي رئيسًا لمجلس النواب في الدور الأول بما مجموعه 245 صَوْتًا (كان عدد المسجلين 290، وعدد المصوتين 280، الأصوات الملغاة 14، الأوراق البيضاء 18، الأغلفة الفارغة 13). وهو ما يدل على قبول أغلب زميلاتي وزملائي أعضاء المجلس بقواعد العمل الديموقراطي. لكنه يدل أيضًا على أهمية النهج الذي نهجناه في تدبير النصف الأول من الولاية، إذ حرَصْتُ على أَلَّا أكون طرفًا في أي اختلاف أو خلاف أو تنازع سياسي أو قانوني بل كنتُ أقوم بدوري الدستوري في السَّهر على احترام صلاحيات المجلس الدستورية وإعْمال مقتضيات النظام الداخلي وصَوْن تقاليد العمل البرلماني.
ورغم أنني سأتحدثُ عن هذِهِ التجربةِ البرلمانية، كما شاركتُ فيها وكما عشْتُها في مختلف تفاصيلها، بصوتٍ مُفْرَد، فإِنني أَودُّ الإِلحاح على أنها تجربة جماعية، خضناها بإرادةٍ جماعيةٍ. وسوف لا أتحدث في هذا الكتاب بمنطق التمجيد الذاتي أو الحزبية الضيقة، ولا حتى بعقلية «المُنْجَزَات» التي قد تُنْسَبُ إِلى المفرد مع أنها كانت بصيغة الجَمْع، فكرًا وممارسةً. ولي حرص، في هذا السيَّاق التوثيقي لتجربتنا، على أن أقوم بمقاربة التجربة على أَساس تقديم أهم ما قمنا به، وكيف قمنا به، وكذا مالم نَقُمْ بِهِ، ولماذا لم نفعل. كما أن لي حرصًا كذلك على الانتباه – في هذا الكتاب – إِلى ما كان يثير الانتباه في عملنا ومسارنا بل الانتباه أيضًا إِلى ما لم يكن يثير الانتباه، لأن المنشود هو أن أقدم حصيلةَ تجربةٍ. (وهي تجربة في سياق معين وضمن سيرورة تاريخية من التراكم والتضحيات والإسهامات في إِثراء نضالنا الديموقراطي منذ بدايات الاستقلال سنة 1956 مع أول تجربة برلمانية تجسدت في المجلس الاستشاري الوطني (1956-1959) الذي كان مؤسسة برلمانية غير مُنْتَخَبة كما نعرف، وبالخصوص منذ انتخاب أول برلمان مغربي من خلال الاقتراع العام سنة 1963)، وأن أقدم حصيلةَ ثقافةٍ سياسيةٍ، وحصيلة أسلوب، وحصيلة نهج مؤسساتي كان يهدف إلى تقوية صورة مجلس النواب، وصورة الممارسة البرلمانية المغربية في الداخل والخارج، وضمنها تقوية الوظيفة السياسية للمؤسسة التشريعية لتكونَ أو لِتَغْدُوَّ مؤسسةً مُوَاطِنة.
في إِثْرِ انتخابي رئيسًا لمجلس النواب، كان يَخْطُرُ في بالي هذا المسار التاريخي للعمل البرلماني في بلادنا، بكُلِّ ما كان له وما كان عليه. شريطٌ كاملٌ مَرَّ سريعًا في ذاكرتي من الأحداث والوجوه الحية والوَفَيات البارزة، والمسارات والخطابات والأفكار والذكريات. ولعلّي قلتُ لِنَفْسي، في لحظةٍ مَّا، «عَلَيَّ أَلَّا أمشي فوق الماء» ! ففي بعضِ اللحظات الحاسمة من حياة المرء، يكون عليه أن يضع نصب عيْنَيْه دروس التاريخ، وسيعرف كيف يخطو خطواته الصائبة، لأن التاريخ يُعَلِّم المرءَ كيف يلتقي مع مَنْ ينبغي أن يلتقِيَهُم، وكيف يتجنَّبُ، وكيف يتفَادَى، وكيف يَقول، وماذا يقول، وكيف يصمت. وفي حالتي، كنتُ أدرك أنني لستُ وحدي في هذه المحطة الجديدة حيث تطغى المحطات التاريخية، المرجعية بالأساس، على المسار الشخصي، وحيث يصبح من الحتمي أن يرقى الذاتي إلى المستوى الموضوعي، والخاص إِلى العام، والفعل الفردي إلى مستوى ما دأَبْتُ دائمًا على وصفه بأخلاق المسؤولية التاريخية.
ومع الانتقال بانخراطِكَ الشخصي والتزامِكَ النضالي إلى انخراطٍ إِضافيٍّ اقْتَضَتْهُ المسؤولية في أَحَدِ أَهَم أجهزة الدولة ومؤسساتها بل في أحد أهم أمكنة الديموقراطية، وأنْتَ مَنْ أَنْتَ بحيثياتك السياسية والفكرية والإيديولوجية، فإنك لا تبقى الشخص نَفْسَه الذي كُنْتَه من قبل، بمعنى لا تبقى «مِلْكَ نَفْسِكَ»، وإنما يصبح مَسَارُكَ – وجوبًا – مطبوعًا بالمسار العام. كما يغدو خطابُكَ خطابًا عموميًّا يتداوله الآخرون ويتَمَلَّكُونه، فيُغَذُّونه بردود أفعالهم ومواقفهم ورؤاهم وحساباتهم المختلفة، ويصبح تعبيرك مُنْدرجًا – شِئْتَ أو أبيتَ – في فضاءات التعليق والسؤال والبحث وتحت الملاحظة السياسية أكثر فأكثر.
والواقع أنني مارستُ المسؤولية العمومية أكثر من مرة، خصوصًا المهام الوزارية المتعددة التي كنتُ فيها أيضًا أستشعر ثقل الواجب العمومي، وأتفَانَى في خدمة بلادي بإِخلاص وصدق وولاء كامل لثوابت الأمة ومقدساتها ومصالحها العليا، لكن الفَرْق بيِّنٌ بين المسؤولية الوزارية حيث تكون المسؤول الأول عن القطاع الذي تشرف عليه، وتقريبًا تكاد تكون المسؤول الوحيد عمليًّا الذي يَتَّخِذُ القرارات. أما في المؤسسة التشريعية، فأنت لَسْتَ وحدك، وعليك أن تتخذ القرار مع آخرين وأخريات، فَتُنْصِت أكثر، وتُشْرِك غيرك، وتتواصل يوميًّا مع شركائك من مكونات سياسية أخرى. فلا تبادر إِلا مع الآخرين، ولا تفكر في قرارات ومواقف إِلا باستحضارهم وتَمثُّل آرائهم ومواقفهم وحساسياتهم. والواقع أنني لم أجد في ذلك ما يحد من صلاحياتي الدستورية والقانونية، لكنني لم أكن مضطرًّا في أَيِّ يومٍ – خلال الولاية التي تحمّلْتُ فيها مسؤولية رئاسة مجلس النواب – إِلى أَيِّ تدبير استثنائي أو اللجوء إلى ما يُعرف بآلية التَّسْخِير (Réquisition) التي يمنحها القانون لرئيس مجلس النواب، لاتخاذ قرار أو تحديد موقف. وعمومًا فقد كنتُ في نِصفَيْ زمن الولاية محاطًا بزملاء لهم من الحكمة وبُعْد النظر والقدرة على التفاعل الخَلَّاق ما سَهَّل مهامَّنا جميعًا.


الكاتب : الحبيب المالكي

  

بتاريخ : 06/08/2021