الحبيب المالكي: ديموقراطية التَّوافُق 09: سنوات رئاسة مجلس النواب في المغرب

خطة عمل استراتيجية ونظام داخلي جديد

الممارسات البرلمانية النموذجية التي نواكبها ونستَلْهِمُها في وضع خططنا وتصوراتنا

بالحرصِ نَفْسِه على هذا التقليد الشخصي، أحاول أن أقف الموقفَ نَفْسَه تُجاهَ مَهَامّي على رَأْسِ مجلس النواب في المملكة المغربية خلال الولاية التَّشْريعية العاشرة (2021-2016).
وهذه المرة، حاولتُ أَنْ أُشْرِكَ معي عددًا من أطر المجلس في تجميع المعطيات وفتح ما يشبه ورشةً من الحوار الجماعي حول عملنا وأدائنا ونوعية النتائج التي حققناها. وقد وجدتُ من الأصدقاء والزملاء في مجلس النواب روحًا سمحة من الإنصات والتفاعل، إِذْ أدرك الجميع معنى هذا التقليد، وبالخصوص أدركوا أَن ذلك من أجل الإِسهام في لَمْلَمَةِ عناصر ذاكرةٍ مشتركة وترصيد التجربة التي كانت جماعيةً بامتياز من أجل المزيد من فهم واقعنا السياسي في المغرب وتأمل سيرورة نضالنا الديموقراطي في أحد أهم أمكنة الممارسة الديموقراطية.

 

شكلت خطب جلالة الملك وتوجيهاته ذاتِ الصلة بالعمل البرلماني مرجعًا أساسيًّا في وضع كل خطة استراتيجية جديدة لمجلس النواب. وقد أشرنا ضمن المرجعيات في نَصِّ هذه الخطة تحديدًا إِلى تأكيد جلالة الملك محمد السادس، في خطاب جلالته بتاريخ 14 أكتوبر 2011 أمام أعضاء مجلسَيْ البرلمان في افتتاح الدورة الأولى من الولاية التشريعية الثامنة، على أن عِمَاد المؤسسات الجديدة يقوم على “برلمان قوي، مُعَبِّر عن الإِرادة الشعبية الحرة، يمارس صلاحياته التشريعية الحصرية والرقابية الواسعة، وينهض بدوره الفاعل في المجال الدبلوماسي خدمةً للقضايا العادلة للأمة وفي طليعتها قضية وحدتنا الترابية”.
وفضلا عن ذلك هناك القوانين التنظيمية التي تُكْمِلُ وتُتَمِّمُ نصَّ الدستور، والتي لها قيمتُها وسلطتها المرجعية. كما أن النظام الداخلي لمجلس النواب يُشَكِّلُ مرجعًا يوميًّا مُوَجِّها لعملنا داخل المجلس، إذ إنه ليس مجرَّد وثيقة تقنية لتنظيم عمل المؤسسة النيابية وتأطير أشغالها على أهميتهما، وإنما يشكل، بالقوَّة وبالفعل، أساسًا مرجعيًّا مهمًّا لمواصلة تحسين أداء المجلس وضمان فعاليته في ممارسة مهامه الدستورية، والسُّمو بالمؤسسة النيابية بأبعادها الرمزية والديموقراطية والحضارية.
فإذا كان المجلس قد شهد منذ سنة 2011، أي بعد إقرار دستور جديد للمملكة، عددا من المراجعات لنظامه الداخلي، وكانت في كثير من الأحيان مراجعات لتحقيق نوع من الانسجام مع الواقع الدستوري الجديد، إلا أننا خلال هذه الولاية التشريعية آثرنا أن نُعطِيَ العمل البرلماني روحًا جديدة ونَفَسًا متجددًا، وذلك تماشيا مع خصوصية المرحلة وآفاقها الواسعة.
وفي هذا الصدد، واستحضارا للمقاربة التشاركية في بلورة هذا الورش البرلماني المهم، قررت مع زملائي في مكتب المجلس أن نراسل الفرق والمجموعة النيابية قصد إبداء مقترحاتها وملاحظاتها حول المشروع الجديد.
غير أن طموحنا كان أقوى سواء في التطرق لمحاورَ تَهُمُّ الاختصاص التشريعي والرَّقابي وتقييم السياسات العمومية، وكذا في عدد من المَحاوِر التي تم التنصيص عليها في الوثيقة الدستورية، وذلك لأول مرة في تاريخ المؤسسة البرلمانية، لا سيما تلك المرتبطة بالانفتاح على المؤسسات الجامعية، وإحداث المركز البرلماني للدراسات والأبحاث، والعلاقة مع المجتمع المدني، ومع الصحافة والإِعلام بشكل عام.. وغيرها. وكان هذا الورش بالفعل فرصةً للانتقال من نظام داخلي يتكون من 249 مادة خلال الولاية التشريعية التاسعة الى 369 مادة في الصيغة الجديدة لهذا النظام الداخلي. وكان الخيط الناظم لمجمل هذه الإصلاحات الشاملة والعميقة هو تعزيز مكانة المؤسسة النيابية وتكريس دورها في المشهد السياسي، وفي تقوية الديموقراطية التمثيلية والممارسات البرلمانية.
وضمن المرجعيات المُعْتَمَدة أيضًا، هناك الممارسات البرلمانية النموذجية التي نواكبها ونستَلْهِمُها في وضع خططنا وتصوراتنا، وذلك عَبْرَ المواكبة المتواصلة والمُتَابَعَة المباشرة من خلال إرسال أطرنا وكفاءاتنا في مجلس النواب إِلى بعض المنتديات واللقاءات التكوينية للتعرف عن قرب على مختلف التجارب أو من خلال تبادل الخبرات في الندوات والمؤتمرات واللقاءات التي دَأَبَ مجلسُ النواب على تنظيمها في الرباط. ولا حاجة إلى القول إن استلهام مثل هذه التجارب البرلمانية المختلفة في العالم يتم بمراعاة كاملة لرصيدنا الذاتي وتراكمنا الوطني في الممارسة البرلمانية، ومراعاة نظامنا الدستوري وسياقنا السياسي والسوسيو-ثقافي الوطني، وإن شئنا القول أخذ خُصُوصية العمل البرلماني في المغرب بالاعتبار، ذلك لأن مثل هذا التفاعل لا يُعَبِّر بالضرورة عن نَقْصٍ في الخبرة، وإِنما يترجم إِرادة قوية في مواكبة ما يحدث في جهات العالم البرلمانية والتَّفاعل مع التجارب الأخرى والانفتاح على التطورات والتحولات والمُسْتَجدَّات المتعددة في هذا الإطار.
وتوزع محتوى هذه الخطة الجديدة على أربعة محاور أساسية:
أولها: تقوية ممارسة اختصاصات المجلس التشريعية والرقابية وفي مجال تقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية خصوصًا من خلال تمكين النائب من القيام بمهامه. وذلك باعتماد ستة برامج، كل برنامج قائم على جملة من التدابير، كل تدبير له هدف واضح ومسطَّر داخل الخطة. وهذه البرامج هي:
الارتقاء بالوظيفة التشريعية لمجلس النواب إنتاجًا وجودةً ومبادراتٍ.
الحرص على إعمال جميع آليات الفعل الرقابي بما ينتج الأثر المتوخى ويكرس مبدأ المحاسبة.
ممارسة اختصاص تقييم السياسات العمومية على أساس النجاعة والفعالية وترصيد مخرجات التقييم.
الرفع من قدرات أعضاء المجلس الدبلوماسية والترافعية في انسجام مع الدبلوماسية الرسمية.
توفير الدعم اللازم لأعضاء المجلس من خلال آليات الخبرة والاستشارة.
تكريس الوضع الاعتباري للنائبات والنواب.
* المحور الثاني: تكريس المكانة الدستورية لمجلس النواب، وذلك من خلال تقوية علاقة مجلس النواب مع مجلس المستشارين وعلاقة المجلس مع السلطتين التنفيذية والقضائية، فضلا عن علاقات المجلس مع المجالس والهيآت الدستورية الأخرى؛ وذلك عبر أربعة برامج:
تكريس البرلمان الواحد بمجلسين.
علاقة فصل (استقلالية) وتعاون وتوازن مع السلطة التنفيذية.
أجرأة المقتضيات الدستورية والتشريعية في شأن علاقة مجلس النواب مع السلطة القضائية.
الاستثمار الأمثل لآليات التشاور والحوار مع الهيآت الدستورية.
* المحور الثالث : تكريس البرلمان المنفتح والمتفاعل مع محيطه وسياقه، وذلك عبر ثلاثة برامج هي:
تفعيل الآليات الدستورية المتعلقة بالملتمسات في مجال التشريع وتلقي عرائض المواطنين.
الانفتاح على الخبرات والكفاءات المؤسساتية لاستثمارها في تطوير الأداء البرلماني.
آليات جديدة في مجال التواصل والإعلام وتكريس مبدأ الحق في الولوج إلى المعلومة واستعمالها.
* المحور الرابع: تأهيل بنيات الإدارة ومواردها البشرية على أساس الحكامة الجيدة. ووضعنا لهذا المحور ستة برامج هي:
إعادة هيكلة الإدارة لتواكب المهام والوظائف الجديدة للمجلس في إطار منظام (Organigramme) ملائم وجديد في معظم تفاصيل بنائه ووظائفه وأهدافه.
تأهيل وتكوين الموارد البشرية واستقطاب كفاءات وخبرات جديدة وفق تدبير مرن وفعال.
تدبير إداري ومالي شفاف يتلاءم مع المعايير الدولية للإدارات البرلمانية.
تسريع وتيرة رَقْمَنَة المؤسسة وتيسير استعمالات هذه الرَّقْمَنة في مختلف مهام واختصاصات المجلس ومهن الإدارة.
البرلمان الإيكولوجي والنجاعة الطاقية.
تعزيز أمن البنايات والأشخاص بمجلس النواب.
ودون أن أُوغِلَ أكثر في عرض تفاصيل هذه الخطة الاستراتيجية، وفي تقديم تدابيرها وهي تتخطى المائة والثلاثين تدبيرًا، خصوصًا وأن هذه الوثيقة متاحة في مكتبة مجلس النواب لمن يرغب في الإطلاع عليها، فإن ما يهمني بالأساس في هذا السيّاق هو أن التخطيط الاستراتيجي في عمل مجلس النواب بدأ يترسخ بالفعل في الممارسة البرلمانية ويجعل الجميع مقتنعين بأن العمل داخل المؤسسة التشريعية محكومٌ لا فقط بمقتضيات الدستور والنظام الداخلي للمجلس بل أيضًا بخطة عمل يتم وضعها واعتمادها بصفة جماعية، وتشكل خريطة طريق لأداء مجلس النواب وتأهيله وتطويره والرفع من إِنتاجيته الوظيفية، في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية وخلق ديناميات على مستوى الدبلوماسية البرلمانية.
إِنَّ الخطط الاستراتيجية منذ 2012 على الأقل وفرت أداةَ عملٍ حقيقية تحدد أهداف الولاية التشريعية، وترسم الخطوط العريضة لمسار تحقيق هذه الأهداف، وتُحدِّد نوعية البرامج والتدابير والأوراش، وتحرص على ضبط إِيقاعها وواقعيتها وسقوفها الزمنية، ومَنْ يتكلَّف بماذا، وأيضًا كلفة كل ورش في طبيعته ونوعيته وحجمه وتوقيت تنفيذه بالنظر إلى المدة المحددة للولاية التشريعية.
طبعًا، لا أقصد أن العمل البرلماني قبل 2012 كان قائمًا على الارتجال، وإِنما أصبح التخطيط الاستراتيجي، منذ هذا التاريخ، يُقيَّدُ في وثيقةٍ مرجعيةٍ توفر لجميع مكونات المؤسسة إِمكانية الإطلاع بوضوح على خرائط الولاية التشريعية، وعلى كل المستويات بل ويمكن للملاحظين والمهتمين وعموم المواطنين أن يطلعوا على محتوى العمل اليومي الذي ينجزه نواب الأمة داخل وخارج المجلس، وأيضًا داخل وخارج المغرب، خصوصًا وأن المؤسسة التشريعية توجد على الدوام تحت مراقبة الرأي العام والملاحظة الشعبية، وجميع أعمالها وأنشطتها لها كلفة مالية تُسْتَخْلَص من المالية العمومية. وبالتالي، لا يمكن لعمل مؤسساتي كالعمل البرلماني أَلَّا يكون مُعَقْلنًا، مُنَظَّمًا ومُخَطَّطًا له ومحكومًا بمرجعيات ومُوَجِّهاتٍ ومُحدِّداتٍ واضحةٍ ومُتَوَافَقٍ أو مُتَّفَقٍ ومصَدَّقٍ عليها. وأعرف بالتجربة أن العمل البرلماني من قبل، حتى حين كان لا يتوفر على خطة عمل استراتيجية، كان في العمق يشتغل وفق توجهات ومبادئ مُحدَّدة تؤطر عمله ونشاطه، وإلَّا كيف كانت تتحقق تلك اللحظات القوية والمضيئة في تاريخنا البرلماني الوطني، والتي جعلت بعض رؤساء مجلس النواب يتحملون مسؤوليات قيادية على رأس مؤسسات ومنظمات برلمانية مغاربية وعربية وأفريقية ومتوسطية وأورو-متوسطية بل وتحمل رئيس أسبق لمجلس النواب رئاسة الاتحاد البرلماني الدولي، الأخ الأستاذ عبد الواحد الراضي ؟
كان يكفي في الماضي أن تتوفر الإرادة الوطنية وتتوفق وجهاتُ النظر حول الأهداف والمقاصد والمصالح العليا للبلاد لتتحرك الآلة البرلمانية بدون مرجعية استراتيجية مكتوبة ؛ ولكن الخَطَّ كان واضحًا، والسَّقفَ كان معلومًا، وكذا الضمانة، والاحترام، والتوقير، والواجب الوطني، والإلزام المؤسساتي والتلاؤم بين المقاصد والإمكانيات المادية المتاحة. وطبعًا، كانت هناك هفوات وأخطاء وعثرات تَحْدُثُ من حينٍ لأخر ليس بالضرورة لانعدام أي تخطيط استراتيجي مسبق، وإنما للشروط والظروف التي كانت تطبع حياتنا السياسية، وربما لمستوى بعض “البّْروفَايْلاتْ” التي كانت تُفْرزُها الانتخابات التشريعية في الماضي، وأظن أنها لا تزال ممكنة حتى اليوم بالنظر إلى طبيعة نسيجنا السوسيو-ثقافي والخلفية التربوية والتعليمية السائدة… وغيرها، وإن تَحسَّنَ الوضع على العموم بتوافد فئات وشرائح جديدة على العمل البرلماني، خصوصًا من النّساء والشباب ومن ذوي المستويات الدراسية المتقدمة والجامعية. وأظن أن علينا، ونحن نفكر في مستقبلنا السياسي والديموقراطي الوطني، أن نفكر في المزيد من صيغ التربية على الممارسة البرلمانية بالانفتاح على جمهور أوسع من الأطفال والشباب الذين سيتشكل منهم مواطنو ومواطنات مغرب الغد، وتربيتهم على العملية الانتخابية، وعلى عمل المؤسسات الدستورية، وعلى أُلْفَة التمثيل الديموقراطي واحترام نسقه وآلياته، وعلى معنى وظائف التشريع والمراقبة. ومن هُنَا جدارةُ فكرة برلمان الطفل الذي تترأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة لالة مريم. ولِمَ لا نفكر في برلمان للشباب بالانفتاح على المنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني في بلادنا ؟ وكذا تعزيز دور المدرسة في هذه التربية على المُوَاطَنة وفي تنشيط الحياة المدرسية بمهام تربوية جديدة تستهدف أسس الخبرة الديموقراطية لدى النشء الجديد. فلا ينبغي أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام ظواهر مرفوضة وهي تتزايد وتفترس تطلعات وأحلام وخيالات أجيالنا الصاعدة.
أُقَدِّرُ أيضًا، في الاتجاه نَفْسِهِ، أهمية انفتاح مجلس النواب على جمهور تَلامِذَة المدارس وأطفال الجمعيات التربوية الوطنية، خصوصًا الرحلات المدرسية والجمعوية المنظمة والزيارات التربوية إلى مقر المجلس في الرباط، ومتابعة بعضهم لبعض الجلسات العامة والتنقل بين أروقة وممرات وقاعات المجلس وفضاء الذاكرة البرلمانية الذي نأمل أن يكبر إن شاء الله ليصبح متحفًا برلمانيًا حقيقيًا، وهو ما يساهم في تقوية القاعدة التربوية لدى هذا الجمهور اليافع. وهذا أفق لا ينبغي أن نتراجع عنه بل ينبغي توسيعه أكثر فأكثر، وإعداد المزيد من رسائل التوضيح الموجهة لتلامذة المدارس وإلى نساء ورجال التعليم لاستغلالها في مختلف التَّعَلُّمات الملائمة للتربية على الديموقراطية التمثيلية وعلى العمل المؤسساتي ؛ وحين لا تأتي الأجيال الجديدة إلى البرلمان على البرلمان أن يتجه صَوْبَها بمختلف الوسائل الإعلامية والتواصلية والتربوية. هذا دون أن أغفل ذِكْر الجهد الذي بذلناه في التواصل مع الفضاء الجامعي طلابًا وأساتذة، والفضاء الإِعلامي الوطني، وعدد من أفراد النخبة المغربية المهتمة بالعمل البرلماني…، وذلك ما سأعرض له في فصلٍ آخر من هذا الكتاب.
في سيَّاقٍ آخر، وضمن متطلبات الهيكلة الجديدة التي تَمَّ اعتمادُها لاحقًا، تم توظيف شَابَّيْن في هذه الوظيفة، وهما السيدان : جمال الهَبْري (من مواليد سنة 1994 بمكناس) وإبراهيم بُورَسْ (من مواليد سنة 1987 بتيزنيت).
لمزيد من التفاصيل والتدقيقات، أنظر الكتاب الجميل (le beau livre) الذي أصدرناه في مجلس النواب : مجلس النواب – تاريخ وتراث، الفصل الخاص ببناية المجلس الذي حرَّرَه محمد مْطَالسي – تقديم الحبيب المالكي، الرباط – 2018.
عبد الواحد الراضي : المغرب الذي عشته – المركز العربي للكتاب، الدار البيضاء – الطبعة الأولى، 2017 – ص 597.
أنظر نص هذه الخطة ضمن منشورات مجلس النواب برسم الولاية التشريعية 2016-2021.


الكاتب : الحبي

  

بتاريخ : 14/08/2021