«الحراك النسائي المغاربي» المرأة المغاربية والاحتجاج السوسيو – سياسي

صدر مؤخرا عن الكلية متعددة التخصصات بالعرائش، كتاب جماعي حمل عنوان «الحراك النسائي المغاربي: دينامية التنازع والتمكين في سياقات انتقالية»
يضم الكتاب أعمال ندوة دولية محكمة، نظمتها الكلية بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل في 10 مارس 2020، وهي أوراق بحثية ورؤى أعدها ستة وعشرون باحثا وباحثة من مختلف الجامعات والمراكز العلمية في الوطن المغاربي، باللغات العربية والفرنسية والإسبانية والإنجليزية.

 

في تقديمها للكتاب، أكدت الأستاذة التونسية بجامعة الزيتونة منية العلمي أن المساواة بين الجنسين «تعد مــن العوامــل الهامّــة لتحقيــق النمــو، والتّنمية المستدامة، وتمكيــن المــرأة اقتصاديــا في المجتمع؛ هذا إلى جانب زيـادة حجـم الفـرص وتكافئها»، مضيفة: «تشير العديد من الدراسات إلى وجود فجوة في العديد من مناطق العالم بين النساء والرجال؛ ومنها المنطقة المغاربية، وذلك في مستويات مختلفة، ما يجعل من قضية المساواة بين الجنسين – مع المحافظة على خصوصيّات كليهما- قطب الرّحى في هذا الإشكال، بل في كل الإشكالات التي تطرحها أقسام هذا الكتاب».
وبخصوص سياق وخلفيات إصدار الكتاب، لفت الأستاذ الحبيب استاتي زين الدين الذي قام بتحرير الكتاب، وهو أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بجامعة عبد المالك السعدي، لفت انتباه القارئ إلى أن مشروع هذا المؤلف طُرح داخل شعبة القانون بالكلية أثناء الإعداد للندوة الدولية حول “الحراك النسائي المغاربي: دينامية التنازع والتمكين في سياقات متقلّبة»، مضيفا أن هذا الإعداد انطلق من فرضية أن «الدراسات السوسيولوجية والأنثروبولوجية التي تناولت موضوع الحراك النسائي في البلدان المغاربية ظلت محدودة رغم ما قامت به المرأة، في العقود الأخيرة، من جهد ملموس في التنشئة الأسرية والعمل المنزلي والوظيفي وحسن الاندماج في مختلف المبادرات والمشاريع التنموية».
إن تسليط الضوء على الاحتجاج النسائي المستمر والمتجدد خطابا وسلوكا، سواء داخل التنظيمات التقليدية أو الحديثة أو في معزل عنها، يؤكد – حسب منسق العمل «أن ما حقّقته النساء في المنطقة مجرد خطوة ضمن مسيرة طويلة؛ مع العلم أن الإشارة إلى هذا الامتداد والتشابك لا يجب أن يستفاد منها أن لا شيء أُنجز بقدر ما تنبه إلى أن أمورا كثيرة لم تنجز بعد، وأن ما تم إنجازه يحتاج إلى حماية ورعاية وتطوير دائمين. القول بالتعقيد خضوعٌ للواقع وتحدياته؛ لا تزال الممانعة قائمة بصور وتحت ذرائع مختلفة، وسيكون من المفيد مستقبلاً مواصلة الاشتغال على بعدين متداخلين على الأقل: اجتماعي يتوخى أفقيا وعموديا خلخلة المخيال الاجتماعي للنساء والرجال على حد سواء عن طريق الإنتاج الفكري والفني والثقافي، والعمل المنظم في أفق جعل الوعي بالمسألة النسائية لدى الجميع مؤسَّساً على قيمتي الديمقراطية والحداثة، وسياسي يروم إخراج مسألة المرأة من دائرة الصراع السياسي ومتاهات توازناته التقليدية، والحرص على التعامل مع هذه المسألة وباقي المسائل العالقة من زاوية التحديث المجتمعي الشامل حتى لا يستمر التناقض في التمدّد:التمييز الإيجابي في المؤسسات والنيات، والتمييز السلبي في السلوكات والاختيارات».
يأتي الكتاب في سياق دولي، تذهب فيه العديد من الأبحاث إلى أن ما نعيشه، في السنوات الأخيرة، هو انقلاب نموذج الحداثة الكلاسيكي الذي يُمعن في استقطاب الاهتمام بالرجل، وما يرتبط بذلك من مصطلحات سلبية تختزل وضع المرأة في خانة الخضوع للثقافة الذكورية والتباسات النزعات البطريركية، إلى نظرة مغايرة تُخوّل للنساء الحق في الفعل، وتعترف لهن بالنجاح في إحداث ثقافة جديدة اُسْتبدلت فيها، بالتدريج، سردية الإذعان والدونية بواقع الاستقلالية والتمكين والمساواة.
هي براديغمات جديدة فرضت على البحث الاجتماعي، تمديد الفضول المعرفي إلى تَشكُّل وعي نسائي يعطي مصداقية أكبر للتعريف الذي قدمه «تشارلز تايلور» Charles Taylor للديمقراطية بوصفها سياسة الاعتراف بالآخر.
يروم الكتاب، الإسهام في إغناء النقاش حول عوامل تطور مكانة المرأة في المجتمعات المغاربية، وصراع المواقع الذي تخوضه ضمن/ على البنية الاجتماعية البطريركية، وتقييم تجاربها السياسية في السياقات الاحتجاجية التي شهدها العالم العربي في العقدين الماضيين. كما يتوخى هذا العمل، تسليط الضوء على تجارب النساء ودورهن في التحول الديمقراطي، مع الوقوف عند دوافع الاحتجاج السوسيو-سياسي بين النساء، ودور التعليم والعمل والإعلام والإنترنت، في بلورة وعي نسائي مناهض للاستبداد، ومطالب بحقوق المواطنة، وبالحقوق الاجتماعية في المحيط الاجتماعي المباشر، بالإضافة الى الكشف عن الفرص والهوامش التي أتاحتها التحركات النسائية في المنطقة المغاربية لرصد وجوه الهيمنة الذكورية، ومظاهرها والعنف الرمزي داخل البنى والمؤسسات الاجتماعية المختلفة.


الكاتب : المحرر الثقافي

  

بتاريخ : 27/02/2021