الحزب الاشتراكي الفرنسي يَعْقِدُ مؤتمره 80 في أجواء الانقسام

يقترب الحزب الاشتراكي من آخر مراحل عقد مؤتمره 80 بمدينة مرسيليا نهاية هذا الأسبوع، ما بين 27 و29 من يناير، وسط أزمة حول قيادة الحزب، حيث كانت النتائج جد متقاربة بين المرشحين للكتابة الأولى وتمت إعادة فرز الأصوات لتعلن إدارة الحزب فوز اوليفيي فور، الكاتب الأول السابق، لكن منافسه نيكولا مايير غوسينيول طعن في النتائج، وهو ما يجعل الحزب يفتتح مؤتمره، يوم الجمعة المقبل، في أجواء الأزمة والخلافات. والجميع ينتظر لقاء بين الطرفين لحل الأزمة قبل افتتاح المؤتمر.
وكان الخلاف الأساسي بين مناضلي الحزب الاشتراكي حول الموقف من تحالف اليسار بفرنسا، الذي يقود المعارضة (والذي تتزعمه فرنسا الأبية بالإضافة للحزب الاشتراكي وحزب الخضر والحزب الشيوعي،) بين خط الكاتب الأول اوليفيي فور الذي انخرط في هذا التحالف ويدافع عنه، وبين معارضه نيكولا مايير غوسينيول، الذي يطعن في النتائج.
وبدأت الأزمة، منذ ثلاثة أيام، في الدور الثاني من أجل اختيار الكاتب الأول للحزب، وتمت إعادة إحصاء الأصوات، يوم الأحد، وكانت النتائج كالآتي ،51.9 %للكاتب الأول السابق وحوالي 48.91 % لصالح نيكولا مايير غوسينيول عمدة مدينة رووان حسب النتائج التي أعلنتها إدارة الحزب.
واعتبر أولييفي فور ما حدث والتعليقات على النتائج «جدل فارغ وأنه تم التأكد من النتائج في مختلف الفيدراليات»، هذه الأزمة الجديدة تثير القلق وسط الحزب الذي مازال يجد صعوبة في استرجاع قوته ودوره في الساحة السياسية الفرنسية بعد ولاية فرنسوا هولند، التي انتهت سنة 2017 دون أن يتقدم إلى الانتخابات الرئاسية. والتراجع الكبير الذي عرفه الحزب بعد ذلك سواء في المؤسسة التشريعية أو الانتخابات المحلية بمختلف أشكالها بالإضافة إلى التراجع الكبير في عدد منخرطيه.
وحصل الكاتب الأول على 49% من الأصوات على الورقة التوجيهية للمؤتمر، كما حصل على الأغلبية في المجلس الوطني، وكذلك أغلبية في مندوبي المؤتمر، كما حصل التقرير الأدبي حول أنشطة الحزب على 57% من الدعم.
ودعا الكاتب الأول، يوم الاثنين، منافسيه على الكتابة الأولى مايير غوسينيول ووهيلين جوفري، التي لم تمر إلى الدور الثاني في هذه الانتخابات، إلى اللقاء من أجل تجاوز هذه الأزمة الناتجة عن التقارب الكبير في النتائج، لكن اللقاء الذي تم بين هذه الأطراف لم يصل إلى نتيجة.
ونقطة الخلاف الكبيرة هي التحالف مع أحزاب اليسار، والتي مكنت الحزب الاشتراكي في الانتخابات التشريعية الأخيرة من المحافظة على فريق في البرلمان رغم النتيجة الضعيفة والكارثية التي حققتها مرشحته في الانتخابات الرئاسية ان هيدالغو وهي 1.7%، وهي سابقة في تاريخ مشاركة الحزب في الانتخابات الرئاسية.
جدول وأجندة تنظيم المؤتمر بدأت في 4 أكتوبر 2022 عندما تقرر تنظيم المؤتمر وأجندة الاستحقاقات، وكان أول لقاء في 8 من نونبر حيث انعقد المجلس الوطني وتم وضع الأوراق السياسية التي تم دمجها في لقاء المجلس الوطني في 26 من نونبر، وتم في 12 يناير التصويت على الأوراق السياسية التوجيهية ومن 13 الى 15 يناير تم مؤتمر الفيدراليات وتم في 19 يناير انتخاب الكاتب الأول للحزب.
هذا التحالف الذي حققه الحزب الاشتراكي وحزب فرنسا الأبية وباقي أحزاب اليسار، يوم الأربعاء 4 ماي2022 ، كان تاريخيا بالنسبة لهذه العائلة السياسية، التي عانت طويلا من التشتت، وهو التحالف الذي تقوده فرنسا الأبية بزعامة جون لوك ميلونشون، أصبح قوة سياسية حرمت الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من تحقيق الأغلبية المطلقة في البرلمان الفرنسي.
هذا الاتفاق السياسي التاريخي وسط أحزاب اليسار الأربعة، غير المشهد السياسي الفرنسي. تاريخيا كلما توحد اليسار الفرنسي كلما انتصر، وهو ما يعكسه تاريخ فرنسا المعاصرة، عندما توحد اليسار سنة 1936 انتصر ونال السلطة، عندما توحد سنة 1981 بزعامة فرنسوا ميتران حصل على التناوب ونال الرئاسة والأغلبية السياسية، نفس الوضع تكرر أيضا سنة 1997 بزعامة الاشتراكي ليونيل جوسبان في ما يسمى اليسار المتعدد، بعد أن حل الرئيس الراحل جاك شيراك الجمعية الوطنية، تمكن اليسار من الحصول على الأغلبية وحكم فرنسا، في تعايش مع رئيس من اليمين.
اليوم، مكن هذا التحالف من توفر اليسار على معارضة قوية، دفعت الأغلبية الحالية إلى اللجوء إلى قانون 49.3 لتمرير القوانين دون الحصول على شرعية البرلمان.
هذا الوضع يبدو أن نصف الاشتراكيين تقريبا يعارضونه ولا يريدون الاستمرار في هذا التحالف مع باقي أحزاب اليسار، مدفوعين بالخلافات الكبيرة مع جون لوك ميلونشون، وكذلك بتاريخ الحزب الذي استطاع عدة مرات الحصول على الأغلبية في الانتخابات المحلية البرلمانية والوصول إلى قمة السلطة مرتين في تاريخ الجمهورية الخامسة.
لهذه الاعتبارات سوف يصل الكاتب الأول اوليفيي فور، الذي تم تجديد ولايته إلى المؤتمر بمدينة مرسيليا، في وضعية صعبة سياسيا، وعليه إقناع باقي أعضاء الحزب بالاستمرار في تجربة اليسار الموحد والمحافظة على وحدة الحزب الاشتراكي.


الكاتب : باريس: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 28/01/2023