الحسن لشكر عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب أثناء مناقشة مشروع قانون المالية برسم سنة 2022

اعتبر الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أن مشروع قانون المالية، مشروع خجول لا يوازي الطموح التنموي للبلاد لأنه أخطأ ترتيب الأولويات والمداخل الأساسية نحو تحقيق الإقلاع التنموي الشامل.
وأكد الحسن لشكر، عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، في مداخلة له أثناء مناقشة مشروع قانون المالية في لجنة المالية، أول أمس، أن المشروع خارج الزمن السياسي ولا يتحلى، للأسف، بالجرأة والإبداع اللازمين لأنه يفتقد للعمق الإصلاحي المؤسس.
ووصف النائب البرلماني الاشتراكي المشروع المعروض للمناقشة، بمشروع المحدودية والاجترار لأنه يكرس استمرارية ساذجة لكثير من السياسات القطاعية ولم يقم بوقفة التأمل الضرورية لإحداث القطائع.
وسجل في ذات السياق على أن المشروع، مشروع محافظ لأنه بني على نفس الآليات السابقة ولم يطور أطروحة النمو في الارتباط مع متطلبات وتحديات المرحلة المقبلة.
وأشار عضو الفريق الاشتراكي في نفس المداخلة إلى أن الوقت قد حان للقيام بإصلاح مؤسساتي يهم طريقة إعداد الميزانية نفسها، داعيا في نفس الوقت الحكومة إلى إعادة النظر في طريقة اشتغالها في ما يتعلق بوضع قوانين المالية وأن تنكب باستعجال على إعادة النظر في القطاع الوزاري المكلف بذلك من أجل تحديث طرق ومناهج العمل.

حكومة التغول وتحديات تفعيل النموذج التنموي

أبرز النائب الحسن لشكر، أن حكومة التغول وهندستها لم تكن باعتبارها آلية للتنفيذ، في مستوى رهانات المرحلة، وخاصة ما يتعلق بتفعيل النموذج التنموي. كما تخلت عن مزايا التجربة السابقة التي اعتمدت الأقطاب الكبرى وتجميع القطاعات المتقاربة أو المتكاملة من أجل نجاعة أفضل.
وتابع أن حكومة التغول استغنت عن مكتسبات الحكومة المقلصة وما تمنحه من إمكانيات مهمة للتنسيق بين مكوناتها من أجل الارتقاء بالأداء الحكومي. كما أنها رجعت إلى التشتيت وفصل القطاعات الاستراتيجية المتجانسة بعضها عن بعض، مما قد يؤثر على طبيعة العمل العمومي ويضعف الحكامة المؤسساتية.
وسجل النائب الاشتراكي على أن حكومة التغول فضلت تكريس التضخم لترضية الأطراف المشكلة للأغلبية الحكومية، خاصة مع فسح المجال لإحداث كتابات الدولة، ملفتا النظر إلى أن حكومة التغول كانت ضحية طغيان التمثيلية التقنية على التمثيلية السياسية في تحمل تدبير القطاعات الحكومية، مما يعوق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولا يشجع الشباب على المشاركة في الحياة السياسية والحزبية.
برنامج حكومي
أم تصريح بالنوايا

تساءل الحسن لشكر، ألم يكن الوقت القياسي في إعداد البرنامج الحكومي سببا في وضع وثيقة أقرب للتصريح بالنوايا من البرنامج لما للكلمة من معنى؟ مذكرا في هذا الباب بتصويت الفريق الاشتراكي ضد ما سمي بالبرنامج الحكومي لكونه لا يرقى إلى مستوى اللحظة التاريخية المرتبطة بإطلاق تفعيل النموذج التنموي، ولأنه ليس إلا تصريحا بالنوايا لا يكشف عن أية آليات للتنفيذ، ولا عن أية برمجة زمنية.
وأكد من جديد أنه تصريح ملتبس غارق في المحافظة ويدعي الابتكار، ولا يجد حرجا في التزامه بالاستراتيجيات التي سماها «مكملة» للتغطية على إخفاقه الواضح في وضع القطائع الضرورية مع السياسات العمومية السابقة في المجالات الحيوية، وفي مقدمتها المجال الاجتماعي.

مشروع قانون مالية أم مشروع تقني؟

وسجل عضو الفريق الاشتراكي غياب الحس السياسي في بلورة مشروع قانون المالية والارتباك في مسطرة إعداده وتقديمه: على مستوى تداول مجلس الحكومة، وعلى مستوى عرضه أمام البرلمان في جلسة عامة مشتركة مشيرا في هذا الصدد إلى أن مشروع قانون المالية، كأول محطة للتفعيل المادي، يعتبر امتدادا لإعلان النوايا الذي تقدم به رئيس الحكومة أمام البرلمان، لا يجيب على سؤال الحكامة والزمن والآثار لأن كل اقتراحاته تخلو من أي تدقيق أو وضوح في كيفية الإنجاز ومدته.
وشدد لشكر على أن المشروع لا يعكس ما جاء في البرنامج الحكومي، ولا ينخرط في الأفق الذي يحظى بالإجماع الوطني: أي تفعيل أولويات النموذج التنموي، ويتضمن بشكل شبه كلي مواصلة البرامج والمشاريع التي أطلقتها الحكومة السابقة، مبرزا أن المشروع لا يمكن أن يدعم مرتكزات الدولة الاجتماعية باعتماد آليات اقتصادية محكومة بمنطق السوق، وتبني منطق الحفاظ على التوازنات المالية، بينما تتطلب السياسات الاجتماعية استثمارات عمومية جريئة، خاصة في ميادين الصحة والتربية والشغل.
وأكد الفريق الاشتراكي أن مشروع قانون المالية، مشروع تقني ولا يمتلك الشجاعة السياسية لإحداث القطيعة مع الميزانيات السابقة، وتوجيه الميزانية نحو تحقيق التحول الاجتماعي الذي يضمن العيش الكريم للمواطنات والمواطنين.
عدم الالتزام
بالمقتضيات القانونية

سجل الفريق الاشتراكي من خلال مداخلة النائب الحسن لشكر، عدم الالتزام والاحترام بالمقتضيات القانونية المؤطرة للعمل الحكومي والبرلماني. حيث تم توهيم المواطن باحترام القانون التنظيمي لقانون المالية وتقولون بأنكم قمتم بإيداع المشروع قبل يومين من الآجال التي يحددها القانون التنظيمي لقانون المالية، أي يوم 18 بدل 20 أكتوبر 2021. وهذا اضطرار وليس اختيار. هل سنتحايل على المغاربة وهم يعلمون أن يومي 18 و19 عطلة إدارية بمناسبة عيد المولد النبوي؟ أعظم المناسبات الدينية التي لا ينبغي أن نقترف فيها الذنوب.
كما تم عدم احترام مقتضيات القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية في المادة 5 والمادة 3.
أخطاء في منهجية
وضع الميزانية

أوضح النائب الاشتراكي أن المشروع استبعد من الفرضيات الأساسية الانتعاشة الاقتصادية التي حققت نسبة نمو ستصل نهاية السنة الحالية حسب التوقعات 5,7 % ، واستبعد ما يشهده السياق الدولي والإقليمي من توجه للاستثمارات الأجنبية نحو المغرب بفضل استقراره. مؤكدا في نفس الآن أن المشروع محكوم بالمقاربة المالية الصرفة ويراعي التوازنات المالية بشكل كبير دون القدرة على وضع ميزانية اجتماعية حقيقية تمكن من التأسيس الجدي لتفعيل النموذج التنموي.
وسجل عضو الفريق الاشتراكي التناقض الواضح عن عمل الحكومة من أجل تفعيل سياسات قطاعية طموحة في الفلاحة والصيد البحري والصناعة والطاقة والصناعة التقليدية، متسائلا في نفس الوقت: «لا ندري كيف ستتعاملون مع الاستراتيجيات القطاعية الكبرى التي أشرف على إطلاقها جلالة الملك.
كيف تتحدثون عن تفعيل سياسات طموحة علما أن مشروع قانون المالية وما أكده وزير الفلاحة في الغرفة الثانية يبين أن الأمر يتعلق بمواصلة سياسات سبق وضعها من طرف الحكومة السابقة. فعلى الأقل، كفريق حكومي تنعتونه بأنه متجانس، وحدوا كلامكم وخطابكم.»
ولاحظ الفريق الاشتراكي أن هناك إهمالا للمقاربة التشاركية والاستفادة من المؤسسات الرقابية والاستشارية بتهميش توصيات هيئات الحكامة، وخاصة المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وسجل لشكر مواصلة العمل بنفس الترسانة الجبائية المتجاوزة وعدم تفعيل توصيات المناظرة الوطنية للإصلاح الجبائي الشامل من أجل تعزيز موارد الدولة وتحقيق العدالة الجبائية، متوجها بالسؤال لوزيرة المالية والاقتصاد، «هل لديكم الرغبة للجوء إلى المديونية التي أصبحت تقارب 80 في المائة من الناتج الداخلي الخام»، مبرزا أن هناك فرض إجراءات ضريبية جديدة بنفس المنطق القائم على التعميم دون مراعاة الأثر على الفئات المستهدفة واختلاف انتماءاتها الاجتماعية، من قبيل: المنتجات والآلات والأجهزة التي تشتغل بالكهرباء، الآلات الإلكترونية، البطاريات المخصصة للمركبات، …
ولاحظ الفريق الاشتراكي، «اللجوء إلى نفس محركات النمو (الأوتوماتيكية) لأن نسبة نمو ب 3,2 في المائة بنيت على الاستهلاك الداخلي (2 في المائة) والنفقات العمومية (0,8 في المائة)، لم يعد هناك مكان لنسبة النمو التي رفعتموها في برامجكم الانتخابية المحددة في 7 في المائة، فهل تبخرت؟ «.
وتساءل النائب الاشتراكي في ما يتعلق بتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار الذي سترصد له 45 مليار درهم، منها 15 مليار درهم تمت تعبئتها كمساهمة من ميزانية الدولة، لكن ماذا عن القطاع الخاص وباقي المساهمات الأخرى؟ أين وصلت؟
كما تم الاحتفاظ في ميزانية 2022 بنفس عدد المناصب المحدثة برسم سنة 2021 والمخصصة للقطاع الصحي، أي 5.500 منصب. فكيف سيتم خلق القطيعة وتوفير الموارد البشرية اللازمة للمنظومة الصحية وتفعيل المشروع الضخم للحماية الاجتماعية، مشيرا إلى الحديث عن العديد من الالتزامات في برامجكم الانتخابية، لكنها تبخرت في البرنامج الحكومي وفي مشروع قانون المالية: لم يعد هناك أثر لإدماج المتعاقدين، نسيان البطاقة الصحية للاستفادة من العلاج والدواء، والأكثر من هذا لا وجود للدعم المالي المباشر المحدد في 2.500 درهم.
وأشار إلى العجز عن إحداث فرص شغل دائمة وخلق الشروط والآليات لاستمرارها، أليس اعتماد العقود المؤقتة المتعلقة ب 250.000 فرصة عمل نوع من البطالة المؤجلة؟تخصيص 800 منصب فقط لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وكأننا لم نستفد من تجربة الجائحة. فأي مصداقية لكلام الحكومة عن تشجيع البحث العلمي والابتكار.
وسجل النائب الاشتراكي في نفس المداخلة، «تجترون الكلام عن علامة «صنع في المغرب» دون أن تقدموا إجراءات واقعية وطموحة لتعزيز جودة الإنتاج الوطني، وتقوية الاستثمارات الوطنية في القطاعات ذات القيمة المضافة، ومعالجة إشكالية الميزان التجاري. كما تقيدون سياسة التشغيل الموجه للشباب بتوفر الشراكات الدولية وكأنكم عجزتم عن تعبئة الموارد الوطنية في هذا الشأن: برامج إنعاش التشغيل «فضاءات تشغيل الشباب» على المستوى الجهوي تحت إشراف الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تم وضعها مع البنك الدولي (جهة مراكش آسفي) ومع الوكالة الفرنسية للتنمية (جهة الرباط سلا القنيطرة، جهة طنجة تطوان الحسيمة، جهة سوس ماسة).
وانتقد النائب لشكر الترقب في إطلاق دراسة لوضع استراتيجية ثقافية وطنية؟؟ وتساءل في نفس الوقت «ألا يكفي التقرير العام والتقارير المفصلة للنموذج التنموي وتقارير مؤسسات وهيئات الحكامة ؟».

الفريق الاشتراكي
ضد المشروع

وخلص عضو الفريق الاشتراكي الحسن لشكر إلى أن مشروع قانون المالية يفتقد لأي معطيات حول تقييم السياسات العمومية في مختلف المجالات، ولا يتعهد بنسب واضحة في أفق نهاية سنة 2022 في ما يتعلق بإنجاز المشاريع والبرامج ودعا وزيرة المالية والاقتصاد إلى التحلي بالمسؤولية وأن « تضعوا بشكل واضح مؤشرات خاصة بتتبع تنفيذ ما جاء في المشروع، وأن تلتزموا بمحاسبة كل من لم يتمكن من التنفيذ الجيد للمشاريع والبرامج»…
وفي الأخير أكد النائب الحسن لشكر أنه» إلى ذلك الحين، لا يمكن للفريق الاشتراكي إلا أن يكون ضد مشروع قانون للمالية من هذا الصنف».


الكاتب : الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 29/10/2021