الحكومة تغامر بملف «السكن الاجتماعي» وتستفرد بمقترح قد يرفع ثمن الشقة فوق 32 مليون سنتيم

أعلنت الحكومة خلال المجلس الوزاري الذي ترأسه جلالة الملك أول أمس، والذي خصص للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023، عن عزمها إقرار دعم مباشر من طرف الدولة لتسهيل الولوج للسكن، وضمان شروط الحياة الكريمة، لفائدة الفئات المستهدفة.
وحسب المعطيات التي توصلت إليها «الاتحاد الاشتراكي»، فإن الأمر لا يتعلق بتاتا بإصلاح شمولي بل بمجرد رتوشات تقنية في منظومة الدعم المخصص للسكن الاجتماعي في اتجاه تقديم مبلغ دعم مباشر للمواطن المستفيد من السكن بدل الصيغة الحالية التي يتم فيها صرف هذا الدعم على شكل تحفيزات وإعفاءات ضريبية للمنعشين العقاريين.
غير أن هذه الخطوة التي ستقدم عليها الحكومة في مشروع قانون المالية للعام القادم، سترفع ثمن هذا النوع من السكن من 25 مليون سنتيم إلى أزيد من 30 مليون سنتيم للوحدة مع احتساب جميع الضرائب، مقابل إلغاء الدعم الذي كان يستفيد منه المنعشون المتخصصون في إنجاز هذا الصنف من السكن.
وقد كان هذا المقترح الحكومي في صلب المفاوضات العسيرة، التي جمعت الحكومة بكبار المنعشين المنضوين في (الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين)، والذين ظلوا يرفضون، بشكل قاطع، هذا المقترح، معتبرين أن النظام الجديد لدعم السكن الاجتماعي بالشكل، الذي اقترحته وزارة الإسكان، غير قابل للتنفيذ لأن من شأنه أن يؤدي إلى خسائر مالية مؤكدة ستتكبدها شركات التطوير العقاري على اعتبار أن الثمن الحقيقي للوحدة السكنية في غياب الدعم هو 32 مليون سنتيم.
وبعد مسار شاق في المفاوضات وتنازلات قدمتها الحكومة للمنعشين الكبار وافق هؤلاء على 80 في المائة من شروط العرض الحكومي (تفاصيله ستظهر في وثيقة المشروع). ومع ذلك فإن هذا المقترح الحكومي مازال بعيدا عن الإجماع والتوافق بين جميع المنعشين.
وقد اعتبر أحمد بوحميد، رئيس الاتحاد الوطني لصغار المنعشين العقاريين، العضو في الاتحاد العام للمقاولات والمهن، أن الحكومة لم تستشر مع أهم الفاعلين في القطاع، والمعنيين أكثر من غيرهم بهذا الملف، على اعتبار أن المنعشين الصغار هم الذين ساهموا خلال السنوات الأخيرة في تطوير مشاريع سكن اجتماعي بمواصفات ذات جودة عالية بالمقارنة مع ما كان ينجز في السابق.
واعتبر بوحميد أن تغييب الفاعلين الحقيقيين في القطاع عن طاولة المشاورات التي جرت بين الحكومة وكبار المنعشين العقاريين يكرس غياب تكافؤ الفرص وانعدام شروط المنافسة الشريفة التي طالما ميزت هذا القطاع، حيث ما زالت نفس المقاولات الكبرى ونفس الوجوه المعروفة، تهيمن على السوق وتحظى بتعاملات تفضيلية سواء عند حيازة الوعاء العقاري داخل الحواضر الكبرى أوعند الحصول على التراخيص.
وتساءل بوحميد باستنكار «قبل أن نتحدث عن تغيير منظومة الدعم، هل قامت الحكومة بدراسة وتقييم جدوى البرامج السابقة التي كلفت الدولة ملايير الدراهم؟ وهل تمكنت هذه البرامج من تقليص العجز السكني في هذا المجال، والذي يصل اليوم إلى 171 ألف وحدة سكنية طوال الفترة الفاصلة بين 2020 و2030؟ وأين نحن من الوعد الذي قطعه الوزير السابق للقطاع نبيل بنعبد الله، والذي ادعى أن آخر براكة ستهدم في 2012؟ وهل نزلت فرق الوزارة الوصية إلى ضواحي المدن وإلى التجمعات العشوائية لتحصي حجم الخصاص؟ أم أن الجلوس مع بضعة منعشين كبار يكفي لتغطية أشعة الشمس بالغربال؟ّ «.
ويذكر أن الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، ظلت تقترح رفع سعرشقة السكن الاجتماعي إلى 320 ألف درهم (32 مليون سنتيم)، مع الإبقاء على الإعفاء الذي يستفيد منه المنعشون حاليا، أو إقرار سعر بقيمة 360 ألف درهم (36 مليون سنتيم)، حدا أدنى، إذا أصرت الحكومة على إلغاء الإعفاء.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 21/10/2022