الخصاص في الموارد البشرية الصحية يتواصل

إغلاق أكثر من 60 عيادة طبية سنة 2022 من أجل الهجرة نحو الخارج

 

علمت «الاتحاد الاشتراكي» من مصادر مسؤولة أن أكثر من 60 طبيبا أغلقوا عياداتهم الطبية في مختلف التخصصات المتواجدة في جهة الدارالبيضاء سطات لوحدها خلال السنة الجارية 2022، وغادروا المغرب صوب وجهات مختلفة لممارسة مهنة الطب بها. رقم أكد عدد من المهتمين بالشأن الصحي أنه يبعث على القلق لأنه يعمّق أعطاب المنظومة الصحية ويرفع من الجراح التي تعاني منها، خاصة على مستوى الخصاص في الموارد البشرية، التي هي عمودها الفقري، والتي بدونها لا يمكن للخدمات الطبية والعلاجية أن تتطور وأن تستجيب للاحتياجات الصحية للمواطنين.
وأكدت مصادر الجريدة أن اتساع رقعة الخصاص في الأطر الصحية، سواء الطبية منها أو التمريضية أو التقنية، يعتبر أحد الإشكالات الأساسية التي تعترض تجويد المنظومة الصحية، مبرزة أن التحدي الأكبر المطروح اليوم لا يقف عند حدود تشييد بنيات تحتية صحية، في القطاعين العام أو الخاص، لاستيعاب الطلبات المرضى المختلفة خاصة بعد قرار تعميم التغطية الصحية، وإنما يهمّ بدرجة أكبر الموارد البشرية، التي باتت المؤسسات الصحية تعيش على إيقاع هجرتها المتواصلة والمرتفعة يوما عن يوم.
وشدّد فاعلون صحيون في تصريحاتهم لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن العديد من الأطباء الشباب الذين يعدّون العدّة للتخرج بعد مناقشة أطروحاتهم والحصول على الدكتوراه، قد جهزوا بالموازاة مع ذلك كل الوثائق القانونية والإدارية للهجرة خارج أرض الوطن مباشرة بعد ذلك، منبهين إلى خطورة هذا الوضع وجسامته، لأن هجرة الكفاءات الطبية باتت تتسع رقعتها أكثر فأكثر، سواء من الخريجين أو الممارسين الذين يغلقون عياداتهم أو يقاطعون مهامهم في المستشفيات من أجل قبول استقالاتهم، الأمر الذي لن يزيد إلا في تعميق أعطاب النظام الصحي الذي ينتظر الجميع منه أن يتطور وأن يكتسب قوة ومرونة للتعامل مع ملايين الأشخاص الذين أصبحت لديهم تغطية صحية تمكنهم من العلاج والاستشفاء.
ونبّهت مصادر الجريدة إلى أن المباريات التي تفتحها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لم تعد تعرف نفس الإقبال، مؤكدة أن الوظيفة الصحية العمومية باتت تفتقد للجاذبية، كما أن الممارسة بالقطاع الخاص تعرف هي الأخرى تراجعا في منسوبها بسبب إكراهات عديدة، يرى مجموعة من الفاعلين الصحيين أنها ترتبط بسؤال الحماية القانونية وضمان السلامة المادية والمعنوية. ويشّكل الثقل الضريبي هو الآخر أحد هذه الإكراهات إضافة إلى غياب تحفيزات مشجعة على الاستثمار الصحي وغيرها من العوامل المختلفة، التي تدفع بالكثيرين للبحث عن حلول سهلة والارتماء في أحضان عروض خارجية جد مغرية، مقارنة بأوضاع الممارسة المهنية الطبية في المغرب، وهو ما يتطلب بحسب عدد من الفاعلين في المجال الصحي، تعاملا جادا ومسؤولا لتلافي الأزمات المختلفة التي يمكن أن تقع في القريب العاجل إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه حاليا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 23/12/2022