الدكتور سعد أكومي لـ «الاتحاد الاشتراكي: يشكّل نسبة 36 % من مجموع السرطانات التي يتم تسجيلها كل سنة والتي تبلغ 40 ألف حالة إصابة

سرطان الثدي يتطلب تعبئة مجتمعية قوية ومواجهته يجب أن تكون أولوية صحية

يقترن الحديث عن الإصابة بالسرطانات بشكل عام بالخوف والقلق من المستقبل، ويرافق التعرض له كلام كثير عن إكراهات مادية ومعنوية، وعن تبعات عضوية ونفسية، خلال رحلة العلاج التي قد تصل بالمريض إلى برّ الأمان وتمكّنه من العودة أو العكس في حال كان الكشف والتكفل متاخرين، وفقا لتأكيدات المختصين.
مرض السرطان الذي يُطلق عليه العديد من التسميات التي تبين حجم الرهبة التي تحيط به، تتعدد أنواعه، وضمنها سرطان الثدي الذي يعد الأكثر فتكا بالنساء، والذي يليه سرطان عنق الرحم، يتم تسليط الضوء عليه بشكل قوي خلال شهر أكتوبر، بهدف التحسيس بخطورته والرفع من مستوى الوعي بتفاصيله، وهو ما دفع «الاتحاد الاشتراكي» لإجراء الحوار التالي مع الدكتور سعد أكومي، الاختصاصي في أمراض النساء والرئيس المؤسس لجمعية أمراض النساء بالقطاع الخاص للنبش أكثر في تفاصيل هذا الموضوع الثقيل على أكثر من مستوى.

 

 

– ما المقصود بشهر أكتوبر الوردي؟

– أطلق على شهر أكتوبر تسمية الوردي، لأنه لحظة زمنية مهمة في السنة، مرتبطة بعنصر أساسي في المجتمع وهو المرأة التي هي عماد الأسرة، والتي هي شريك الرجل في استمرارية الحياة ووجودها، إذ اتفق المختصون على أن يجعلوا من هذا الشهر مناسبة، لكي يساهم كل مهنيي الصحة من مواقعهم المختلفة ومعهم المؤسسات الصحية في التوعية والتحسيس بموضوع صحي بالغ الأهمية، ويتعلق الأمر بسرطان الثدي، ولإطلاق المبادرات المختلفة التي تساهم في الكشف المبكر عن هذا المرض الفتاك، والتكفل بالمصابات ومواكبتهن في رحلة العلاج.

– كيف هي وضعية سرطان الثدي في بلادنا؟

-يجب التأكيد على أنه يتم كل سنة تسجيل حوالي 40 ألف حالة إصابة جديدة بكل أنواع السرطانات، ويشكل سرطان الثدي من بينها نسبة 36 في المائة، وهو ما يبين درجة انتشاره، ويجعل منه سرطانا ليس بالهيّن، الأمر الذي يجب التعامل معه واعتباره أولوية للسياسة الصحية في بلادنا، نظرا لأن امرأة واحدة من بين ثماني سيدات هي عرضة للإصابة بهذا المرض في مرحلة من مراحل حياتها.
وبالرجوع إلى السجل الخاص بالسرطانات الموضوع في الدارالبيضاء، في ظل غياب سجل وطني، فإننا نجد على أن هناك حوالي 45 حالة إصابة بسرطان الثدي يتم تسجيلها في كل 100 ألف نسمة، نسبة 80 في المئة تحدث عند النساء ما بين 35 و 69 سنة، علما بأنه يمكن كذلك أن يطال الذكور، لكن بنسبة بسيطة لا تتجاوز 1 في المئة مقارنة بنسبة الإصابة عند الإناث.

– في أي مرحلة عمرية يتم الكشف عن هذا المرض؟

– يبتدئ الكشف المبكر عن إمكانية الإصابة بسرطان الثدي انطلاقا من سن العشرين، بحيث يجب على الفتيات في هذه المرحلة العمرية الخضوع لفحص سريري لثديهم سنويا، إلا أنه وانطلاقا من بلوغ سن 45 سنة، يجب الانتقال إلى الاستعانة الفحص بالماموغرافي إلى جانب الفحص السريري، لأنه بالإمكان اكتشاف هذا السرطان قبل أن يصبح ورما، بناء على مجرد إشارة بسيطة نلاحظها في الماموغرافي الذي يكون مكمّلا لمسيرة الكشف للتأكد من وجود السرطان من عدمه.

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى إصابة النساء بسرطان الثدي؟

إن سرطان الثدي له مسببات عديدة، إذ من الممكن أن يكون سببه جينيا في ظل وجود علاقة جينية، بحكم أنه في بعض العائلات نكشف عن وجود أثر جيني لسرطان الثدي، وهذا يعني ذلك أن هؤلاء السيدات هن عرضة بحدة وبصفة عالية للإصابة به.
ثم هناك الأشياء المتعلقة بنظام حياة المرأة، وعلى رأسها نظام التغذية، فمن المعروف أن كل المأكولات المشتقة من دهنيات حيوانية أو تتوفر عليها بصفة عالية، هي تعرّض بصفة أكثر النساء لإصابة بهذا النوع من السرطانات. كما أن هناك عوامل أخرى مساعدة على ظهور المرض من قبيل الوزن المفرط، ثم انعدام الحركية أو النقص الكبير فيها، فهما عاملان أساسيان قد يعرضان للإصابة بسرطان الثدي.
ومعلوم كذلك أن بعض الهرمونات إذا كان تناولها يتم بدون رأي الطبيب وبدون موازاة لنوعها وقسطها ومدة استعمالها على الحالة الواردة بين يدي الطبيب، فقد قد تؤدي بعد سنوات إلى الزيادة في نسبة حدوث سرطان الثدي.

– في ظل هذه المعطيات، هل نحن أمام مرض قابل للعلاج أم أن الأمر يتعلق بسرطان فتاك؟

– إن هذا الحوار، الذي يندرج ضمن مبادرات متعددة للتحسيس والتوعية بهذا الموضوع الهام جدا، غايته هو التوضيح وتقديم الجواب عن هذا السؤال المهم، وهنا يجب على النساء أن يعلمن بأنه كلما كان الكشف عن هذا السرطان متأخرا فإنه يكون فتاكا، وبالتالي فأحسن دواء لمواجهته هو الكشف المبكر، لأنه في هاته الحالة يكون العلاج سهلا وبسيطا وبنتيجة عالية وفعالة، إذ نصل في حالة الكشف المبكر إلى الاستشفاء الكلي في أكثر من 80 في المئة من الحالات المعروضة.
وعليه، فإننا أمام سرطان خبيث وليّن في الوقت، خبيث إذا لم يتم الكشف عنه مبكرا وإذا لم يتم اتباع أساليب الوقاية لكي يبتعد عن السيدات، ولين إذا تم الكشف عنه بشكل مبكر جدا، لأنه بفضل العلاجات العلمية الموجودة حاليا والتي هي في المتناول، فإن التوصل إلى الشفاء النهائي في معظم الحالات يكون ممكنا، وبالتالي تكون النتائج جيدة.

– ما هي أبرز النصائح التي يمكنكم توجيهها للقراء ارتباطا بهذا الموضوع؟

– الكشف المبكر بصفة منتظمة، الحفاظ على الوزن، الحركية، الأكل الصحي المتكون من خضروات وفواكه، وقلة اللحوم الحمراء ومشتقاتها، والأهم الكشف بالماموغرافي خلال الفترة العمرية ما بين 45 و 70 سنة، وذلك بمعدل مرة كل سنتين، وإذا كانت هناك حالات عائلية بكثرة أو متقاربة في النسب عن طريق الأم، فحبذا أن يكون هناك البحث عن جين عائلي، ويجب أن تكون المراقبة أكثر صرامة في الوسط العائلي الذي تحضر فيه سوابق مرضية مماثلة.
إن شهر أكتوبر، الذي يشكل مناسبة للتحسيسي بسرطان الثدي ورغم أهمية العمل الذي يتم القيام به خلاله فإنه يظل غير كاف، لأن من واجب الأطباء تقديم النصيحة للسيدات عند كل فحص واستشارة طبية على مدار السنة، ويجب تذكيرهن بهذا الموضوع وبأساليب الوقاية وطرق الكشف حتى نساهم جميعا في تحسين المؤشرات المتعلقة بهذا السرطان الفتاك في بلدنا.
علينا كدولة وكقطاع صحي ومنظومة صحية أن نسهل الكشف عن سرطان الثدي بصفة مسترسلة طيلة السنة، وليس فقط في شهر أكتوبر، وأن يساهم الأطباء في رفع مستوى التثقيف الصحي المرتبط بهذا المرض في أوساط أمهاتنا وسيداتنا وبناتنا وأخواتنا، وأن نستعين بالإعلام الوطني، وأن نطلب مساعدة كل مكوناته، حتى نساهم جميعا في تبليغ الرسالة وألا نتهاون في القيام ذلك، وأن نحس جميعا بالفخر كلما قطعنا خطوة إلى الأمام في طريق التوعية والتحسيس.


الكاتب : حاوره: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 25/10/2023