الذكرى 90 لمعارك جبل بادو :استحضار لملحمة بطولية طافحة بأروع صور النضال والكِفاح والصمود

تخلد أسرة المقاومة وجيش التحرير يوم الخميس 28 دجنبر 2023 الذكرى 90 لمعارك جبل بادو التي دارت رحاها خلال شهر غشت من سنة 1933، والتي خاض غمارها أبناء إقليم الرشيدية ضد قوات الاحتلال الفرنسي، على صعيد المنطقة وجوارها ومحيطها.
وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أن معارك جبل بادو شكلت أشرس المواجهات والنزالات بين المجاهدين والغزاة المحتلين، حيث شاركت في المعارك كافة القوات النظامية القادمة من المناطق العسكرية التي انتشرت وتمركزت فيها بتادلة ومراكش ومكناس. واحتشدت أعداد كبيرة من المجاهدين من سائر القبائل المرابطة بمناطق تافيلالت، اعتصموا بقمم ومغارات وكهوف جبل بادو بعد تشديد الحصار عليهم، وقصف جميع المداشر والقصور المجاورة لجبل بادو، وسد كل الثغور والمعابر والممرات لتطويق المجاهدين المحاصرين، والحيلولة دون حصولهم على الإمدادات من مؤن وغذاء وماء وذخيرة ووسائل لوجيستيكية.
وأضافت أن قبائل وساكنة تافيلالت قاومت بضراوة منذ مطلع القرن العشرين، وضحت بالغالي والنفيس من أجل التصدي للاستيطان الأجنبي والأطماع الاستعمارية خاصة في سنة 1908 بعد أن أقامت القوات الفرنسية أول مركز استعماري لها بمركز بوذنيب، كان بمثابة قاعدة لانطلاق هجوماتها ومد سيطرتها على سائر تراب الإقليم.
وفـي أوائـل غشـت من سنة 1933، شرعت القوات العسكرية الفرنسية في عمليات تطويق المناطق الشرقية من الأطلـس الكبيـر حيث أعطى الجنرال «هوري» أوامره لقواته التي كانت متمركزة على مشارف اغبالو نكردوس للزحف على تيزي نحمدون ابتداء من يوم 4 غشت من سنة 1933، وتطورت الأحداث والعمليات في أواخر نفس الشهر إلى مواجهات عنيفة في جبل بادو بين فرق المجاهدين والقوات الاستعمارية حيث أبان المجاهدون المغاربة في هذه المعارك عن روح قتالية عالية لصد المعتدين، وأذاقوا الغزاة أقسى الضربات وكبدوها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وأمام المقاومة الشرسة لأبناء تافيلالت، سعى المستعمر إلى استخدام وسائل الترغيب واستمالة زعماء المنطقة تارة، وفرض أو محاولة فرض الحصار وتضييق الخناق على السكان وشن الهجومات الترهيبية تارة أخرى، ولكن المجاهدين بفضل إيمانهم وتمسكهم بالمقدسات الدينية والثوابت الوطنية، ظلوا صامدين ومتحصنين بالكهوف والمغارات بجبل بادو ونحمدون وأيوب، رغم قساوة الطقس والظروف المناخية وشدة الحر حيث لبثوا وظلوا يواجهون قوات الاحتلال. وقامت القيادة العسكرية بمحاولات للتفاوض مع المجاهدين الأبطال، فتوقف القتال في 24 غشت 1933، ترقبا لمفاوضات محتملة مع البطل زايد اوسكونتي وبينه وبين الجنرال «جيرو»، وطال انتظار القيادة العسكرية الفرنسية، ولم يلب المجاهدون دعوتها للتفاوض الذي لم يشرع فيه ومني بالفشل الذريع.
إثر هذا الموقف الشجاع، قررت قوات الاحتلال شن هجوم شرس يوم 25 غشت 1933 على اسكرسو، واجهه المجاهدون ببسالة وشجاعة خارقتين، وجرى تبادل إطلاق النار بين الطرفين، ووصل النزال إلى حد المواجهة المباشرة باستعمال السلاح الأبيض.
وفي يوم 26 غشت 1933، تواصلت المعارك بحدة وضراوة وبعد أن نفذ زاد المجاهدين من جراء الحصار المضروب على المنطقة، توقفت المعارك، لكن جذوة مقاومة المستعمر لم تنطفئ ولم تخب، وانتقل أبناء إقليم الرشيدية للانخراط في العمل الوطني والنضالي في صفوف وتنظيمات الحركة الوطنية والعمل المسلح ضمن حركة المقاومة المسلحة وجيش التحرير، فقاوموا بشجاعة وشهامة كما عهد فيهم، بمختلف الوسائل والإمكانيات التي أوتوها دفاعا عن الشرعية التاريخية وصيانة للمقدسات الدينية والثوابت الوطنية.
وبهذه المناسبة، أعدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير برنامجا للأنشطة والفعاليات المخلدة لهذه الذكرى، وذلك حسب البرنامج التالي:
الثلاثاء 26 دجنبر 2023:
-لقاء تواصلي بقاعة الاجتماعات بعمالة إقليم فجيج بمدينة بوعرفة على الساعة الثانية عشرة والنصف زوالا.
الأربعاء 27 دجنبر 2023:
-زيارات تفقدية لفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بإقليم الرشيدية ولورش بناء الإقامتين السكنيتين للباحثين والمحققين في التاريخ بجماعة اغبالو نكردوس؛
-ندوة فكرية حول موضوع: «المقاومة في تافيلالت: بطولات وكتابات وقراءات»، بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير باغبالو نكردوس.

الخميس 28 دجنبر 2023
-مهرجان خطابي تتخلله مراسم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وكذا توزيع بعض المنافع والإعانات المالية على عدد من عائلات المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير ، وذلك على الساعة الثالثة بعد الزوال بالمركب السوسيو ثقافي أولاد الحاج بالرشيدية.


بتاريخ : 26/12/2023