الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي لموقع «زمان» عن الفقيد عبد الرحمان اليوسفي « اعتبرت نفسي تلميذا لليوسفي»

«تأثر رئيس الجمهورية التونسية الأسبق، منصف المرزوقي أشد التأثر برحيل الفقيد عبد الرحمان اليوسفي، الذي وجد فيه دعما صامدا و قويا لا يتزعزع، في وقت حاصره فيه قمع الرئيس التونسي «زين العابدين بن علي». إذ وكل إلى الموقع الإلكتروني «زمان»، مهمة إيصال شهادته الحميمة، حول ما ربطه بالراحل عبد الرحمان اليوسفي».

يقول منصف المرزوقي في نص شهادته حول عبد الرحمان اليوسفي: «منذ سنة 1990، كنت معتادا على زيارته في المغرب في كل مرة أتيحت لي الفرصة لذلك. قال لي ذات مرة، والضحكة مرسومة على وجهه، إنه تلقى ذات يوم من سنة 1994، زيارة من أحد المبعوثين من قبل بن علي، الذي كان رئيسا لأحد أحزاب المعارضة، إلا أنه يعمل في الواقع لصالح الديكتاتور. ولمواجهة موجة الاحتجاجات عقب سجني من قبل بن علي، فقد تلقى تعليمات بالانتقال إلى المغرب، وإقناع المغاربة بما سيكسبونه من مزايا عقب إيداعي السجن.
سأتذكر دائما ذلك المبعوث، وابتسامته المخادعة ذات الدواعي السياسية المحضة، وسعيه لتشويه سمعتي وإظهاري للجميع، بشخصية «الرجل المجنون» والتي لا تمت لشخصيتي الجدية بأية صلة، إلا أنه لم يكن على علم، بالصداقة القديمة والوطيدة بين والدي وعبد الرحمان اليوسفي، وأن الأخير يعرفني جيدا وبما فيه الكفاية، لينتهز الفرصة ويسخر من هذا الخادم المبعوث في مهمة مستحيلة.
لقد عدت لزيارة اليوسفي مرة أخرى، في منزله بعد أن ترك مهامه الحكومية، وبادرت حينها لطرح سؤال بسيط عليه: «كيف تقيم مسيرتك الحكومية؟». ما لبث أن أبتسم حينها، ومد ذراعه اليسرى نحوي واضعا إبهامه على جوف ساعده، كما لو كان يحاول أن يوقف نزيفا، ثم قال « لقد حاولت أن أوقف هذه المعضلة التي آلمت المغرب، وجعلته يعيش على نزيف دائم: «الرشوة»».
إن مساهمته الكبيرة في التحول الديمقراطي والاجتماعي، نقطة راسخة في تاريخ المغرب، على المغاربة من كل حدب و صوب، تقييمها بأفضل شكل ممكن. بالنسبة إلي، إنه رجل المغرب الكبير، الذي لايزال في مرحلة ما قبل الولادة، وفيه لا تزال الديمقراطية، تعيش مهدها في منطقتنا المغاربية.
من جهة أخرى، فإنني أعتبر نفسي تلميذا لدى عبد الرحمان اليوسفي. إذ لا تصح مقارنته سوى بعظماء لهم بصماتهم، في تاريخ بلدانهم والعالم على غرار «مانديلا» و «غاندي»، وذلك لما مدني به من خبرات ولما علمني إياه، ولاسيما أنه قدم لي مفتاحا مهما على كل رجل وامرأة في الحياة، خاصة في المجال السياسي أن يتوفر عليه، نتحدث هنا عن «القوة الهادئة».
لقد كان الراحل يجسد هذا السلوك، الذي لا يمتاز به ولا يستطيع تبنيه، سوى أعظم الأشخاص وأنبلهم في العالم، بالإضافة إلى أناقته المعهودة والدقيقة، والتي كانت بمثابة علامته التجارية المعروفة.»


الكاتب : ترجمة: المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 01/06/2020