الشاعر عبد الرحيم الخصار في ضيافة «الشعلة» بأسفي

 

من الصدف الجميلة التي جعلت الاحتفاء بميلاد جمعة الشعلة للتربية ولثقافة في الذكرى 48 لتأسيسها ، سنة «1975 «، هي ذات السنة التي خرج فيها إلى رحاب الأرض الواسعة طفل صغير ، فشاعر كبير .. اسمه عبد الرحيم الخصار ..ذاك الطفل الذي ولد شاعرا مجبولا على البوح الجميل ، يطاوع الحرف والكلمات بحدب وسلاسة ، إنه الشاعر الذي أتى إلينا جاهزا برؤيته العميقة للكون ، ومخياله العاشق للحياة بأبهى ما فيها من جمال وبهاء وعنفوان …
إنه عبد الرحيم الخصار ..، القوة الهادئة ، الذي استطاع بها أن يشكل صوتا أصيلا خارج جغرافيته اللغوية والإثنية …الشاعر والكاتب ، الذي توفق في أن يبني لنفسه ، وبتواضع الكبار ، مسارا استثنائيا في حفريات اللغة ، وأن يطل بثرائه المضيء على عتبة « العالمية « من خلال عناوين وإصدارات حلقت في الأعالي منذ أن دخل مغامرة النشر سنة 2004 …حيث أثمرت قريحته دواوينه الأولى وما تلاها من تألق… : « أخيرا وصل الشتاء « – 2004 – « ، «وأنظر وأكتفي بالنظر سنة 2007 ، و « نيران صديقة « سنة 2009 الصادر بلبنان ، و « بيت بعيد « الصادر بالقاهرة سنة 2013 ، و» خريف فيرجينيا» الصادر 2017 بمراكش – و « عودة آدم « الصادر بإيطاليا سنة 2018 ، و» القبطان البري « الصادر سنة 2020 ، وأخيرا ديوان « العزلة فرد من العائلة» الصادر بمصر سنة 2022 ..
وهي ذات السنة التي يطل علينا فيها عبد الرحيم الخصار بعنوان جديد منفلت من قبضة الشعر ، وهذه المرة في جنس الرواية « جزيرة البكاء الطويل « .. الرواية الجميلة التي قال عنها الناشر : إنها “ساحرة، مخيفة، وشيقة ، تختبر العبودية والترحال والإبحار عبر المحيط باتجاه “جزيرة البكاء الطويل”. مسافات تبدو طويلة جدا ومنهكة تماما ، كما هي المسافات التي نقطعها لاكتشاف ذواتنا.”.
ذاك وميض من الحضور البهي لعبد الرحيم الخصار في عالم النشر والكتابة ، جعلت منه عنوانا متفردا في دائرة الضوء ، وفي واجهة الكتابة الرصينة معنى ومبنى …
كان لاسمه ورصيده المحترم في عالم النشر والكتابة مقابل مستحق ، وبجدارة الكبار ، عبر تتويجه بجوائز دولية رفيعة المستوى ليس آخرها جائزة البحر الأبيض المتوسط للشعر بإيطاليا .. وجوائز رفيعة لا تقل متعة ، في تقديره و تقديرنا ، عن إقاماته الأدبية ، من بلدته الوديعة أسفي إلى فيرجينيا وكاليفورنيا وشيكاغو الأمريكية …
سيظل عبد الرحيم الخصار اسما يانعا في عالم الشعر والكتابة …وهنا أستعير ما قاله الشاعر اللبناني وديع سعادة عن المحتفى به :
« أحسب أن ورقة حطت على كتف عبد الرحيم الخصار ، فحولها ملاكا
وأن دمعة في عينيه جعلها كونا
وأن لهاثا في فمه صار عاصفة ،
وأن طفلا في قلبه شاخ قبل أن يكبر ،
وأن موتى كثيرين يتجولون في عروقه ..
أحسب أن عبد الرحيم الخصار ، عش قديم على غصن شجرة مريضة بالحنين ، يواصل التغريد ، وفاء للطائر الميت، إسم جديد سيبقى في ذاكرة الشعر العربي..إسم عبد الرحيم الخصار ..»
يذكر أن الأمسية الشعرية التي نظمتها جمعية الشعلة للتربية و الثقافة بأسفي يوم الثلاثاء الماضي احتفاء بالشاعر عبد الرحيم الخصار ، والتي قام بتشيط فقراتها الكاتب لكبير داديسي والفنانة عازفة العود حسيبة منصت ، تميزت بتنوع فقراتها ما بين قراءات نقدية  في أعمال الشاعر المحتفى به ، الروائية منها، قراءة في روايته  «جزيرة البكاء الطويل» قدمها الأستاذ جواد هشومي ، وقراءة في أعماله الشعرية قدمها الكاتب إبراهيم الكراوي إضافة إلى شهادات في حق المحتفى به قدمتها الشاعرة دامي عمر والشعراء جواد وادي، عبد السلام بنفينة ورشيد فيجاوي. ..


الكاتب : منير الشرقي

  

بتاريخ : 27/04/2023