الشاعر كريم العراقي يغادر دنيا الناس

أوصاه نزار قباني بأن يبقى مزروعا على شفتي كاظم الساهر

 

توفي الشاعر كريم العراقي الذي تغنى بقصائده العديد من مطربي العالم العربي يوم الجمعة الماضي بعد معاناة مع المرض.
وقد نعى الشاعر العراقي، فنانون وشعراء وغيرهم، ومن ضمنهم رفيق دربه الفنان كاظم الساهر الذى تعاون معه فى أكثر من أغنية من أروع أغانيه حيث كتب على صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي»الصديق ورفيق الدرب الأستاذ كريم العراقي في ذمة الله.. رحم الله الفقيد وألهمنا وذويه الصبر والسلوان.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون».
من جانبه أعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الثقافية، عارف الساعدي، وفاة الشاعر كريم العراقي عن عمر 68 عامًا، وقال عبر «فيسبوك»: «أنعى لكم الشاعر كريم العراقي الذي رحل فجر هذا اليوم في أبو ظبي».
ومعلوم أن تعاون كاظم الساهر مع الشاعر كريم العراقي أسفر عن أكثر من 70 أغنية وبدأت رحلتهما معا منذ عام 1987، وبدأت هذه العلاقة في الجيش، وكانت أول أغنية في مسلسل «شجاها الناس» ومن ألحان الخفاف و»ناس وناس» و»معلم على الصدمات قلبي».
وقد كون المبدعان العراقيان ،كريم العراقي وكاظم الساهر ثنائيا ناجحا قدما الكثير من الأغاني منها أغنية «دلع النساء» والتي لحنها أيضا الساهر وحققت نجاحا كبيرا وهي واحدة من أشهر أغانيه، وهناك أيضا «كل ما تكبر تحلى» وكذلك تولى تلحينها، كما قدم أغنية «يا مدلل «و»صباح الخير» و»حيارى يا زمن».
كريم العراقي،كتب مئات القصائد والأغاني الشعبية، كما حصل علي جائزة منظمة «يونسيف» لأفضل أغنية إنسانية عن قصيدة «تذكّر» التي لحنها وغناها الفنان كاظم الساهر، كما حصل على جائزة الأمير عبدالله الفيصل العالمية عام 2019.
يعدّ كريم العراقي من أشهر شعراء الأغنية الشعبية في العالم العربي، فضلا عن نظمه للقصائد بالفصحى والمسلسلات الإذاعية والمسرحيات والروايات للأطفال، كما عمل صحافياً في مجلات عراقية وعربية عدة، وارتبط اسمه برفيق دربه الفنان كاظم الساهر، إذ غنى الأخير من كلماته أكثر من مائة أغنية. وكتب له الشاعر السوري نزار قباني: «ابق مزروعاً يا كريم على شفتي كاظم الساهر. واكتب لنا دائماً أحاسيسنا وأحلامنا بأسلوبك الطفولي الجميل».
كما غنى من كلماته مجموعة من أشهر المغنين العراقيين والعرب، مثل وديع الصافي، ورياض أحمد، وصلاح عبد الغفور، وفاضل عواد، وحسين نعمة، وفضل شاكر، ونجاح سلام، وصابر الرباعي، وحاتم العراقي، وماجد المهندس، ولطيفة التونسية، وعاصي الحلاني، وعمر العبداللات، وهاني شاكر، وأصالة نصري، وحسين الجسمي، وديانا حداد. كما لحن من كلماته الموسيقار المصري بليغ حمدي أربع أغنيات، قدمها الفنان سعدون جابر، وهي: «لا رايد مراسيل»، و»أريدك»، و»رضا والله رضا»، و»مشوارك حبيبي».
وقال كريم العراقي عن ارتباطه الوثيق بالساهر فنياً: «أنجز الساهر لي بصوته وألحانه خلال أكثر من ثلاثين عاماً أكثر من 100 أغنية، حتى صار صوت قصائدي، فعلاقتنا تتعدى علاقة شاعر بملحن ومطرب، نحن رفاق رحلة واحدة، وإذا أردت أن أسترجع نجاحاتي معه، فلا بد أن أتوقف عند قصيدة (كثر الحديث) التي قدمها عام 1994، والتي شكلت انقلاباً في وقتها في طريقة وأسلوب الغناء للوطن غزلاً، فأكثر ما يستطيعه الإنسان أن يفدي بلده بروحه ودمه، ورغم أن البعض وصفوا وضع اسمينا في القصيدة بغرور مني ومن كاظم في البداية، لكن مع انتشار الأغنية ووضوح فكرتها أدرك من انتقدها أن الإنسان يضحي بنفسه في سبيل بلده وهو الشيء الأعز عليه. وهو أيضاً ما كان في قصيدة (تذكر كلما صليت ليلاً) التي كتبتها من واقع أطفال العراق الذين كانوا يعانون الجوع والبرد والفقر أثناء الحصار الأميركي على العراق في تسعينيات القرن الماضي، وعندما غناها الساهر، تحركت قوافل المساعدات الغذائية والطبية من مختلف دول العالم».
وينتظر جمهور الساهر صدور ألبومه الغنائي الجديد الذي أعلن فيه سابقاً عن وجود أربع أغان سيقدمها من كلمات الشاعر كريم العراقي.
كريم العراقي ،كتب المئات من القصائد ،جعلت الجمهور العربي يسترجع بعضها بعد رحيله، ومنها قصيدة « بيت من الشعر أذهلني»، يقول فيها
بيتٌ من الشعر أذهلني بروعتِهَ
توسّدَ القلب مذ أن خطَّه القلمُ
أضحى شِعاري وحفّزني لأُكرِمَهُ
عشرينَ بيتاً لها من مِثلِهِ حِكَمُ
لا تشكُ للناس جرحاً أنت صاحبُهُ
لا يؤلم الجرح إلا من به ألمُ
شَكْوَاكَ لِلنَّاسِ يا ابنَ النَّاس منْقصَةٌ
ومَن مِنَ النَّاسِ صَاحِ مَا بِهِ سَقَمُ
فالهمُّ كالسّيْلِ والأحزان زاخِرَةٌ
حُمْرُ الدَّلائلِ مَهْمَا أهْلُها كَتمُوا
فَإِنْ شَكَوْتَ لِمَنْ طَابَ الزَّمَانُ لَهُ
عَيْنَاكَ تَغْلِي وَمَنْ تَشْكُو لَهُ صَنَمُ
وَإِذَا شَكَوْتَ لِمَنْ شَكْوَاكَ تُسْعِدُهُ
أَضَفْتَ جُرْحًا لِجُرْحِكَ اِسْمُهُ النَّدَمُ
– هَلِ الْمُوَاسَاةُ يَوْمًا حرَّرَتْ وَطَنا
أم التّعازي بَدِيلٌ إنْ هَوَى العَلَمُ
مَنْ يُنْدبُ الْحَظَّ يُطْفِئُ عَيْنَ هِمّتِهِ
لا عِينَ لِلَحْظِ إنْ لَمْ تُبصرِ الْهِمَمُ
كَمْ خَابَ ظَنّي بِمنِ أهديته ثِقتَي
فَأَجْبَرَتْنِي عَلَى هِجْرَانِهِ التُّهَمُ
كَمْ صُرْتُ جِسْرًا لمَن أحببتهُ فَمَشَى
عَلَى ضُلُوعِي وَكَمْ زَلَّت بِهِ قَدَمُ
فَدَاسَ قَلْبي وَكَانَ القَلْبُ مَنْزِلهُ
فَمَا وَفَائِي لخِلٍّ مَالَهُ قَيمُ
لَا الْيَأسُ ثَوْبي وَلَا الأحزان تَكْسِرُني
جُرْحَي عَنِيدٌ بلَسْعِ النَّارِ يَلْتَئِمُ
اِشرب دمُوعك واجْرع مُرَّهَا عَسَلًا
يغزو الشُّموعَ حَريقٌ وهِيَ تَبتَسِمُ
والْجِم هُموْمَكَ واسْرِج ظَهْرَها فَرَسًَا
وانهض كسيْفٍ إذا الأنصالُ تَلْتَحِمُ
فالْخَيْرُ حَملٌ ودِيعٌ خَائِفٌ قَلقٌ
وَالشَّرُّ ذِئْبٌ خَبِيثٌ مَاكِرٌ نَهِمُ
كُنْ ذَا دَهَاءِ وَكُنِ لِصًّا بِغَيْرِ يَدٍ
تَرَى الْمَلَذَّاتِ تحتَ يَدِيكَ تَزْدَحِمُ
فالْمَالُ وَالْجَاهُ تِمْثَالَانِ مِنْ ذَهبٍ
لَهُمَا تُصلِي بِكُلِّ لُغاتِهَا الأُممُ
شَكَوَاكَ شَكْوَايَ يَا مِن تَكْتَوِي ألْمًَا
ما سال دَمْعٌ عَلَى الْخَدَّيْنِ سَالَ دَمُ
وَمِنْ سِوَى اللهِ نَأْوِي تَحْتَ سِدْرَتِهِ
وَنَسْتَغِيثُ بِهِ عَوِّنَا وَنَعْتَصِمُ
كُن فَيْلَسُوفًَا ترى أنَّ الجميعَ هُنَا
يتقاتلون على عَدَمٍ وهُم عَدَمُ


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 04/09/2023