الصراع بين آباء وأمهات التلاميذ والمدارس الخصوصية يدخل نفقا مظلما بعد فشل جلسات الوساطة

احتجاجات الآباء والأمهات تتواصل ورابطة التعليم الخاص والفيدرالية المغربية للتعليم والتكوين تدعوان إلى إضراب وطني يوم 30 يونيو

 

في تصعيد لمجريات الأزمة، التي نشبت بين قطاع التعليم الخاص وآباء وأمهات وأولياء التلاميذ جراء جائحة كورونا حول أداء المستحقات الدراسية لفترة الحجر الصحي، والتي لم تعرف انفراجا رغم مبادرات الوساطة التي دعا اليها وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي سعيد امزازي ، الذي اجتمع مع ممثلي ثلاث منظمات كبرى لجمعيات أمهات وآباء التلاميذ واعطى توجيهاته للاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بأن تعقد جلسات حوار ووساطة بحضور رابطة التعليم الخاص بالمغرب والفيدرالية المغربية للتعليم والتكوين الخاص وممثلي تنظيمات جمعيات امهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب لرأب الصدع، لكن يبدو أن نيران الأزمة انتشرت بفعل رياح كورونا التي خلخلت كل الثوابت وحركت الراكد في علاقة آباء وأمهات التلاميذ مع قطاع التعليم الخاص وبدأت المطالبة باللجوء للمحاكم وبالهجرة للمدرسة العمومية.

 
أمام عجز جلسات الوساطة عن التوصل لحل يرضي الطرفين وتشبث كل طرف بمطالبه، خرج آباء وامهات واولياء التلاميذ للأحتجاج أمام مدارس أبنائهم، مطالبين بتخفيض نسبة 50 في المائة من المستحقات عن اشهر الحجر الصحي الثلاث، في الحين الذي تشبث فيه ارباب المدارس بموقفهم في التخفيض بالنسبة للفئات المتضررة من الجائحة فقط.
وفي خطوة تصعيدية،دعت كل من رابطة التعليم الخاص بالمغرب والفيدرالية المغربية للتعليم والتكوين الخاص، جميع المؤسسات التعليمية الخصوصية الى خوض اضراب وطني انذاري لمواجهة كل ما يحاك ضد التعليم الخصوصي والاستعداد لخوض كل أشكال النضال المشروعة.
جاء هذا القرار من خلال البيان المشترك الصادر عن الهيئتين المذكورتين (بيان مراكش) تتوفر الجريدة على نسخة منه، في ختام اشغال اللقاء الذي جمعهما بمدينة مراكش يومي 13 و14 يونيو الجاري ،لتدارس الاوضاع الراهنة للقطاع ،في ظل الظروف الصعبة التي تجتازها بلادنا جراء تداعيات جائحة كورونا على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
البيان اعطى اشارة واضحة للحكومة، «بأن قطاع التعليم والتكوين الخاص قد استجاب بكل مسؤولية ووعي وطني لقرار تأمين الاستمرارية البيداغوجية، مع الوفاء بكل الالتزامات المرتبطة بها رغم الاكراهات المالية الناتجة عن تأثير الحملات المغرضة والظالمة التي تتنكر للدور الريادي الذي يقوم به القطاع.مؤكدا أن قطاع التعليم والتكوين الخاص لم يحض بأي دعم من قبل الحكومة رغم الاضرار التي لحقت بالكثير من المؤسسات التعليمية الخاصة. ولا توجد أي خطة لاستفادتها على غرار باقي القطاعات. واتهم الدولة بكونها لم تقم بواجب الحماية لأي من مكونات التعليم الخصوصي ولم تحم الاسر المتضررة، ولا الخدمة التربوية التي اعتبرتها خدمة عمومية، ولا المدرسين ولا الاستثمار».
واكد بيان مراكش انه في غياب اشراك فعلي وحقيقي لممثليه في عملية تنزيل القانون الاطار ،وخاصة تمرير مقتضياته المتعلقة بالقطاع، لن يزيد الوضع الا تعقيدا، مؤكدا على أن معظم المؤسسات التعليمية الخصوصية معرضة لعجز حقيقي او الافلاس، في غياب رؤية واضحة لمعالم الدخول المدرسي المقبل.
وطالبت الهيئتان رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية بفتح حوار جدي ومسؤول مع ممثلي القطاع ،لإعداد خطة استعجالية لإنقاذ المدرسة الخصوصية ولتجاوز الازمة المالية الناجمة عن اجراءات الحجر الصحي.
ويأتي هذا التصعيد في الوقت الذي بدأ فيه العد العكسي لقرب نهاية الموسم الدراسي واقتراب موعد امتحانات البكالوريا.
للتقريب اكثر من بؤرة الصراع، ومن وجهات نظر اطراف النزاع، التقت الجريدة الطرفين وممثليهما المشاركين في لقاءات الحوار والوساطة: رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات امهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب ورئيس فرع جهة الدارالبيضاء سطات لرابطة التعليم الخصوصي وبعض ارباب المدارس الخصوصية وممثلين عن آباء وامهات التلاميذ والتلميذات.

* نورالدين عكوري. رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب: «إن الفيدرالية الوطنية لجمعيات أباء وأمهات واولياء التلاميذ بالمغرب وهي تتابع عن كثب وبروح وطنية عالية كل القرارات الصادرة عن وزارة التربية الوطنية منذ الاعلان عن قرار توقف الدراسة حضوريا واستبدالها بالدراسة والتعليم عن بعد، كخيار ظرفي واستثنائي، وآلية لاستمرار البيداغوجية التعليمية والتربوية وتعبئة كل مكوناتها التنظيمية الجهوية والإقليمية وحتى المحلية للقيام بالأدوار التربوية الهادفة التي تخدم مصلحة الوطن والتلميذ المغربي، وذلك من خلال خلق قنوات التواصل الرقمي غير الرسمي وبشكل مستمر ما بين الأسرة والمدرسة، حيث عملت فيدراليتنا على إرساء قواعد عمل وحدة الرؤية بين جميع مكوناتها من خلال مجموعة من البيانات والبلاغات.
لقد عملت فيدراليتنا منذ البداية على دعوة المؤسسات التعليمية الخصوصية إلى تغليب المصلحة العامة في تعاملها مع الأسر بخصوص الاقساط الشهرية الاخيرة، استحضارا لطبيعة المرحلة، مع تأكيدها القطعي ورفضها المطلق جعل متمدرسيها رهائن نزاعات خارج إرادتهم كأداة ضغط من طرف بعض المؤسسات الخصوصية. كما عملنا بشكل ميداني قبل وبعد اجتماعنا مع وزير التربية الوطنية رفقة مديرة ومديري الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على تقريب وجهات النظر ولعب دور الوساطة التربوية الهادفة، هدفنا هو حل المشاكل العالقة بين الاسر وبعض المؤسسات الخصوصية بنوع من المقاربة التربوية التي تستحضر مصلحة الوطن والتلميذ وإن كانت مهمة صعبة نوعا ما، نظرا لمجموعة من الاكراهات التي تشهدها الأسرة من جهة، خصوصا تلك التي تعرف توقف رب الأسرة عن العمل جزئيا أو كليا وبين المؤسسة الخصوصية التي تعرف هي الأخرى التزامات تضمن سيرها العادي , هذه المهمة نشارك فيها بكل طواعية وبانخراط وطني عالي على مستوى جميع جهات وأقاليم المملكة».

* عبد لله مجالي: الكاتب الجهوي لرابطة التعليم الخاص بالمغرب بجهة الدار البيضاء سطات: «في إطار تنزيل مضمون البلاغ المشترك الموقع بمقر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الدار البيضاء سطات، بين الجمعيات الممثلة للتعليم المدرسي الخصوصي وجمعيات آباء وأمهات التلاميذ المعترف بها، وذلك يوم الجمعة 5 يونيو 2020. دعت رابطة التعليم الخاص بالمغرب جميع المؤسسات الخصوصية التابعة لها بالجهة الى الإسراع بتنزيل مقتضيات هذا البلاغ القاضية بالاستمرار في تقديم التعليم عن بعد الى نهاية السنة الدراسية ومراعاة مصالح التلاميذ ووضعها فوق كل اعتبار والتعامل بمرونة مع أسرهم المتضررة من جائحة كورونا.
وقد فتحت جل المؤسسات حوارا جادا مع هذه الأسر المتضررة وقدمت حلولا تضامنية في موضوع أداء الاقساط الشهرية تختلف في نسبة تخفيضها حسب الضرر الذي لحق بكل أسرة، تصل الى حد الإعفاء التام من هذه الاقساط، إلا أن الحوار زاغ في بعض الأحيان عن طريقه الصحيح،فدخل في مساومات ومتاهات رفعت سقف المطالب اعتبرتها هذه المؤسسات تعجيزية ويمكن أن تودي بها للإفلاس، بتجاهلها لدورها التربوي والتزاماتها المالية المرهقة في غياب أي دعم لإجرائها.
وإذ تدعو رابطة التعليم الخاص جميع شركائها من آباء وأمهات التلاميذ الى اليقظة والتزام الحوار العادل والمنصف تمسكا بقيم التضامن والتعاون المستمدة من قيم الشعب المغربي وتاريخه، ممثلة في المدرسة عموما بشقيها العمومي والخصوصي، تهيب بجميع مؤسسات التعليم الخصوصي المنضوية تحت لوائها لاستمرار الحواروالأخذ بيد الأسر المتضررة من الحالة الوبائية وتقديم التضحية من أجل تلاميذها، لتبقى المدرسة فوق الجميع منارة للعلم والتربية وترسيخ القيم النبيلة وأداة فاعلة لتحقيق التنمية المنشودة».

* (ه.خ) اب لطفلين يتابعان دراستهما بالتعليم الخصوصي، والذي تأثرت مقاولته بسبب الجائحة جراء نقص في محدودية عملها. يعتبر أن ما قدمته مؤسسة ابنائه لا يستحق الواجب كاملا، معتمدا في ذلك على ما جاء على لسان بعض المحامين في هذا الموضوع. كون التعاقد بين المؤسسة التعليمية وامهات وآباء التلاميذ هو مبني على تعليم وتدريس ابنائهم داخل المدرسة وليس خارجها. وانه لم يستشار في عملية اعطاء الدروس عن بعد، بالاضافة إلى أن العديد من الاسر جهزت ابناءها بآليات اليكترونية مكلفة، وصاحبتهم خلال هذه الدروس. وبالتالي فالأسر هي التي قدمت الخدمة عوض المؤسسات الخاصة.
لهذا يرى هذا الاب أنه من الإنصاف أن يؤدي فقط نصف الواجب الشهري.ولابد من تلبية مطلبه وإلا سيستمر في الدفاع عنه حتى وإن استدعى ذلك اللجوء إلى المحاكم.
ويضيف (ه.خ) انه بمعية مجموعة من اباء وامهات واولياء التلاميذ كونوا تنسيقية من أجل المطالبة بتخفيض بنسبة 50 في المائة من الواجب الشهري «لاننا، يقول الاب، اصبحنا مقتنعين بان الخدمة المقدمة من طرف المؤسسة الخصوصية التي تدرس ابناءنا عن بعد، جد محدودة وأن الدروس عن بعد غير متفق عليها وبالتالي فإن القانون بجانبنا، وسندافع عن مطلبنا الى ان نحصل عليه.

* مديرة احدى المدارس الابتدائية الخاصة، في تصريحها للجريدة اوضحت انها تفاجأت من تصرفات مجموعة من الامهات والآباء والأولياء الذين اتحذوا ضدها وكونوا مجموعة في وسائل التواصل الاجتماعي (الواتساب) متناسين انه الى حدود الامس القريب كانت مدرستها تعلم وتربي ابناءهم وبناتهم. «لقد تكثلوا من اجل توحيد مطالبهم-، علما أنهم ليسوا كلهم متضررين من الحجر الصحي، تقول المديرة، لكنهم ارادوا استغلال الاسر المتضررة للوصول الى هدفهم، وهو خصم نصف الواجب الشهري. لم يقتصر الامر عند هذا الوضع، بل دخلت على الخط بعض جمعيات المجتمع المدني التي بادرت الى الاتصال بالأمهات والآباء لجمع توقيعاتهم والمطالبة بخصم نصف واجب تدريس ابنائهم، منصبين انفسهم مدافعين عنهم .معتبرة أن ذلك خرق فظيع للقانون، خصوصا بعد صدور بلاغ مشترك بين تمثيليات تنظيمات التعليم الخصوصي وتمثيليات تنظيمات جمعيات امهات واباء واولياء التلاميذ. والذي اعطى الصلاحية فقط لممثلي تنظيمات جمعيات الامهات والاباء في التدخل كلما استعصى الامر في الوصول الى حل.
رغم انني استقبلت بعضهم ودخلت معهم في حوار جاد، تضيف المديرة، لم أرغمهم على دفع ما بذمتهم حالا، بل طلبت منهم الاحتفاظ بما لديهم من مال تحسبا للاكراهات التي قد تصادفهم خلال العطلة الصيفية وعيد الاضحى، ودفع ما بذمتهم عن طريق أقساط مجزأة قد تصل الى امتداد الموسم الدراسي المقبل . إلا أن ذلك لم يرقهم ، بل استمروا في حشد تعاطف المزيد من الامهات والآباء .مطلبهم الوحيد هو حذف 50%من واجب الدراسة .وهو ما لا تستطيع مؤسستي تحمله نظرا لوفائها بالالتزامات المالية لأطرها وموظفيها وعمالها وعاملاتها.
من جهة اخرى، أكد صاحب مؤسسة تعليمية خصوصية تجمع الاسلاك التعليمية الثلاثة للجريدة أنه بادر إلى فتح حوار مع مجموعة من الامهات وآباء وأولياء التلاميذ. وكون فكرة عن أوضاعهم ومدى تأثرهم بالحجر الصحي وخلص الى تحديد 3 فئات .مبديا رغبته في التعامل مع كل فئة .ولن يتراجع عن ذلك، مستحضرا التضامن الوطني الذي عرفته بلادنا منذ انطلاق الحجر الصحي .إلا أن الأمور لم تسر كما كان متوقعا، حيث انخرطت شريحة من الاباء والأمهات في مجموعة عبر الواتساب .وبين عشية وضحاها تغير الوضع،وأعيد العداد الى نقطة الصفر،واصبح جلهم يطالبون بحذف 50% من الواجب الشهري .بالرغم من ان ضمنهم من لم يمسهم أي ضرر من الحجر الصحي .


الكاتب : فاطمة الطويل _ محمد تامر

  

بتاريخ : 22/06/2020