«العمدة» في قطر والدارالبيضاء أغرقها «المطر»

جميل أن تطير رئيسة جماعة الدارالبيضاء ومن معها لمتابعة مباراة أسود الأطلس في قطر، ليس هذا فحسب، فلها وقتما شاءت كل الحق في السفر، وهذا حق من حقوقها الذي لا يمكن تقييده أو مصادرته، لكن من واجبها بالمقابل أن تتأكد من أن حقوق المواطنين هي كذلك محفوظة ومضمونة ومصانة. لقد كان على «عمدة» المدينة أن تكون حريصة على القيام بالتزاماتها وأن تستعد لكل طارئ بشكل قبلي، وأن تتابع كل صغيرة وكبيرة تهم تدبير الشأن المحلي، وتوجّه مصالح الجماعة والجهات التي تم منحها التدبير المفوض لعدد من القطاعات للعمل على أكمل وجه لتفادي كل ما من شأنه أن يجعل من العاصمة الاقتصادية مدينة «غبية» خلافا لشعار الذكاء الذي يُرفع، والذي تحوّل بواقع الأشياء ومع مرور الأيام إلى «التذاكي»، وهو ما كشفته مرة أخرى أمطار الخير والرحمة التي اشتاق إليها الجميع وانتظرها الكلّ بفارغ الصبر، فإذا بالنعمة تتحول إلى «نقمة»، وبالمدينة يُغرقها «المطر»، لأن بنيتها التحتية لا تزال «بليدة» وتعيش في زمن غير الزمن، ولم تتمكن من استيعاب التحولات الديموغرافية والمجالية والمناخية، لكي تكون في مستوى كل التحديات.
لم تكن الصور والتسجيلات التي تم تناقلها خلال اليومين الأخيرين بعد سقوط أمطار الخير على الدارالبيضاء استثنائية، فقد اعتاد البيضاويون والرأي العام المغربي بشكل عام، على تلك المشاهد التي تتكرر عند سقوط المطر، ولولا التأخر الذي يطرأ على التساقطات بفعل التغيرات المناخية سنة تلو الأخرى، لظلت تلك الصور حاضرة وبقوة، لكن غياب المطر في أحايين كثيرة هو الذي يؤدي إلى «تناسيها»، لكن سرعان ما تظهر ويتذكّرها الجميع مع هطول أولى قطراته.
مطر لاتجد مياهه في كثير من الحالات «ممرات» للعبور والتصريف ولا يتم استثمارها بالشكل المطلوب لمواجهة الخصاص والإجهاد المائيين، إذ يظل الأمر نسبيا مقتصرا على سد وادي المالح كنقطة للتجميع، والتصريف على مستوى «نفق بوسكورة»، فتطفو المياه على السطح إلى أن تغرق الأزقة والشوارع وتتسرب إلى داخل المنازل وتتلف العديد من التجهيزات والبنيات، فتعيش المدينة وضعية استثنائية كان من المفروض أن تكون طبيعية.
مشاهد كان من الممكن القطع معها وعدم تكرارها، أو على الأقل التقليل من حدتها ووقعها، لكنها وبكل أسف تتواصل لتكون بذلك مصدر ضرر وألم مستمرين بالنسبة للكثيرين.
فلا مقابر سلمت منها، ولا منازل ومتاجر وسلع كانت في منأى عنها، ولا شوارع حافظت على انسيابية المرور فيها، ولا سيارات ومركبات مختلفة تحصّنت من تداعياتها، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام، خاصة حين نجد أن نسبة الضرر الجماعي ترتفع في كل مرة، دون أن تتدخل أية جهة مسؤولة لتصحيح الوضع وتجاوز الاختلالات المتعددة، التي قد تنطلق بحفرة وتنتهي بكوارث، كما يقع على مستوى الطريق السيار بالنفوذ الترابي لـ «بوسكورة» و«عين الشق»، رغم تنبيهات ودعوات السائقين والمواطنين، وهو السيناريو الذي يتكرر في أكثر من شارع وحيّ، خاصة حيث تحجب المياه رؤية تلك الحفر فتقع المركبات في «فخّها»، فتؤدي إلى أعطاب ميكانيكية وخسائر، قد تتجاوز ما هو مادي إلى ما هو بشري لا قدّر لله!


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 17/12/2022