الغموض يلفّ عدد الطفلات الملقحات ضد سرطان عنق الرحم ودعوات للتوعية أكثر بمخاطر المرض

بعد سنة من إدراجه ضمن البرنامج الوطني للتمنيع

 

تنتهي يومه الثلاثاء آخر أيام شهر أكتوبر، الذي يشكّل موعدا سنويا للتحسيس بسرطان الثدي والتوعية بمخاطره وبضرورات الكشف عنه مبكرا من أجل تكفل سريع وعلاج فعال، خاصة وأن هذا السرطان يعتبر الأكثر فتكا بالنساء متبوعا بسرطان عنق الرحم. وإذا كانت أعداد حملات التثقيف الصحي المرتبطة بهذا النوع من السرطانات ترتفع في شهر أكتوبر تحديدا، فإن المختصين والخبراء يؤكدون على أن تسليط الضوء على هذا المرض يجب أن يكون بشكل منتظم وطوال السنة، بالنظر لأرقام ونسبه ومعدلاته التي ترتفع بشكل متواصل، مع ضرورة الانتباه إلى السرطان الثاني عند النساء وهو سرطان عنق الرحم، الذي يتعامل معه البعض بشكل «نسبي» أو «مناسباتي» بالرغم من الأهمية التي يكتسيها هو أيضا.
أهمية تجسدت في إقدام وزارة الصحة والحماية الاجتماعية شهر أكتوبر من السنة الفارطة 2022، على إدراج اللقاح ضد سرطان عنق الرحم لفائدة الفتيات اللواتي تبلغ أعمارهن 11 سنة ضمن البرنامج الوطني للتمنيع، بعد مطالبة واسعة من المهتمين والفاعلين المختصين في المجال، حيث تم الإعلان بموجب ذلك عن فتح الباب أمامهن لتمكينهن من جرعتين تفصل بينهما مدة ستة أشهر على الأقل، من أجل حمايتهن من هذا السرطان، الذي تؤكد المعطيات الرقمية والإحصائيات الرسمية تصاعده وانتشاره هو الآخر بوتيرة سريعة، والذي يصيب حوالي 52 ألف سيدة كل سنة ويتسبب في وفاة ألفي امرأة.
خطوة، تبين بعد سنة من دخولها حيّز التنفيذ على أن الكثير من الغموض يرافقها، فالدعوات التي تم توجيهها في الأسابيع الأولى لإطلاق عملية التلقيح، والتي كان من بينها دورية مشتركة بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تم تحريرها في 14 شتنبر، والتي كانت تروم تلقيح تلميذات المؤسسات التعليمية البالغات من العمر 11 سنة، لم تجد صدى كبيرا، وغاب التواصل بخصوص المبادرة في الفضاءات التعليمية وفي مختلف «الوسائط» الأخرى، بل الأكثر من ذلك، أن العديد من الأمهات اللواتي ترافقن أطفالهن للمراكز الصحية للحصول على اللقاحات المبرمجة، لم يتم نصحهن في كثير من الحالات بتلقيح بناتهن اللواتي وصلن إلى هذا السن بهذا اللقاح، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام، حول السر في شلّ كل مبادرة للتحسيس والتوعية من هذا النوع، وكذا أسباب هذا التردد الذي يتحكم في تفاعل مصالح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مع الموضوع، ومدى تأثير تداعيات جائحة كوفيد ووضعية التلقيح ضد هذا الفيروس على حملة التلقيح ضد سرطان عنق الرحم؟
أسئلة تظل عالقة بدون جواب، بما أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، لم تعلن وإلى غاية اليوم عن أرقام الفتيات الملقّحات، وإن كانت الأهداف المسطرة قد تم تحقيقها ولو جزئيا في «الحرب» ضد سرطان عنق الرحم، خاصة وأن «الاتحاد الاشتراكي» انتقلت إلى عدد من المراكز الصحية واستفسرت آباء وأمهات عن مدى وجود نقاش تبادر به الأطر الصحية للتعريف باللقاح وبجدواه، وتبين على أن حالات قليلة جدا هي التي أقرّت بأنها توصلت بمعلومات محدودة جدا عن هذا اللقاح، الذي رافقه غموض وتخوف في البداية بخصوص تركيبته وعدد السلالات التي يمكنه مواجهتها، إلى جانب مصدره وكذا التراكم الذي حققه في دول أخرى، للتأكد من فعاليته وغياب مضاعفات صحية قد يكون لها ما بعدها على الملقّحات.
وفي انتظار الكشف عن عدد المستفيدات من اللقاح ضد سرطان عنق الرحم، ونسبتهن من بين مجموع الفتيات المعنيات عمريا بهذا اللقاح، مقارنة بالميزانية التي تم تخصيصها له، والتي تعتبر مهمة، تبقى مواجهة السرطان بكافة أنواعه أولوية صحية تتطلب تعبئة مجتمعية من طرف كافة المكونات، لتحسين شروط العيش وتجويد نمط الحياة والتقليص من مسببات التوتر والضغط، والرفع من مستويات الوقاية بالتحسيس والتوعية، وتمكين المصابين والمصابات من الولوج السلس والسريع إلى العلاجات بشكل مبكر لضمان فعاليته، حتى يتسنى تقليص عبء هذا المرض وتبعاته على الفرد والمجتمع على حد سواء.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 31/10/2023